همتك نعدل الكفة
1٬633   مشاهدة  

أغنيات في الذاكرة : العشق جنون .. طلعت زين أغنية عالمية صنع في مصر.

العشق جنون
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



في سنة 1995 تفاجئ الجمهور المصري بمطرب أسمر يرتدي بدلة كلاسيكية يحمل في يده اّلة إيقاعية ويغني على أنغام غربية خالصة جملة “تعالى تعالى ياحبيب العمر تعالى”، هذه الإطلالة البسيطة كانت في فيديو كليب أغنية “راجعين” للمطرب عمرو دياب، وبدأ الجمهور يتسائل عن من يكون هذا المطرب الأسمر الذي يغني غربي يمتلك خامة صوت نحاسية لامعة، وظل الجمهور يردد تلك الجملة اللحنية القصيرة حتى صارت أشهر من أغنية “راجعين” نفسها.

لم يكن هذا المطرب الأسمر سوى “طلعت زين” الذي قضى أغلب مسيرته يقدم الأغاني الغربية في العديد من الفرق الغنائية واقتصرت شهرته على جمهور تلك الفرق، حتى أن الجمهور لم يتذكر أنه من قام بدور دراكولا في فيلم المخرج محمد شبل “أنياب” اوائل الثمانينات.

نجاح هذا الظهور جماهيريًا شجع المنتج ناصيف قزمان لإنتاج أول ألبوم غنائي له، واستعان بالموزع والمؤلف الموسيقي “أشرف محروس” رفيق درب “زين” في العديد من الفرق الغنائية للإشراف فنيًا على الألبوم وتم تحويل الجملة اللحنية التي ظهرت في كليب “راجعين” إلى أغنية كاملة كانت عنوان أول ألبوماته “تعالى“.

حافظ طلعت زين في ألبومه الأول على هوية صوته الغربية القحة وانعكس ذلك على اختياراته داخل الألبوم الذي حصد نجاحًا ضخمًا وقتها خصوصًا أغنية “ماكارينا” لكن ظلت أغنية “العشق جنون” هي أهم أغنيات الألبوم على الإطلاق، ودرس قوي لجميع المطربين في كيفية صناعة أغنية غربية بأيدي محلية ودون أن يقع في فخ استيراد أو اقتباس ثيمات من الغرب.

الكلمات:

كتب كلمات الأغنية الشاعر المثير للجدل دائمًا “عنتر هلال” والذي ظلم كثيرًا بعد أن تم قصر تجربته الشعرية في إطار الشعر الحلمنتيشي مثل “كماننا” أو “بابا أوبح” رغم صعوبة تكنيك كتابة هذا النوع من الشعر.

فكرة الأغنية وطريقة صياغتها يثبت بها عنتر هلال أن كتابة أغنية بشكلها التقليدي وبدون الاستعانة بأي تراكيب لغوية غريبة أو مفردات صادمة فكرة سهلة جدًا لا تتطلب مجهودًا ضخمًا مثل الأغاني الجدلية التي كتبها، وعنتر هلال له تجربة متفردة وخاصة جدًا مع المطرب محمد محي وفيها يظهر إمكانياته كشاعر أغنية جيد وأفضل أغنيات محي في التسعينات وأكثرها رسوخًا في ذاكرة المستمع كانت من كلماته.

الكلمات بسيطة جدًا دون فذلكة مجرد سرد تفصيلي يحكي فيه بطل الأغنية قصته مع خيانه المحبوب بكلمات مباشرة جدًا.

كان في هنا قلب – ودعني وراح – كان في زمان حب – بقى ليل وجراح

حبيت والعشق جنون – ضحيت والعمر يهون – ولاقيت في عيونها الكون – أجمل ما يكون

وهويت وانا طير مفتون – وصحيت على شكوك وظنون- كان أخر قلب حنون ألقاه بيخون.

نلاحظ في صياغة الكلمات أنه لم يصبها في قالب أغنية تسعيناتي تقليدي المكون من مذهب و سينيو ينتهي بنفس قافية المذهب ثم كوبليهات فرعية تنتهي بنفس القافية، بل نوع في القوالب سنجد قالب المقدمة مختلف كوزن وقافية عن الذي يليه ثم يعيد تكرار نفس الأمر في الجزء الثاني من الأغنية والذي كتب المقطع الثاني منه بداية من ” فيها ايه لو احنا روحين” بنفس وزن وقافية المقطع الأول “حبيت والعشق جنون” ثم انهاها بمقطع جديد ” يا هوانا يا سنين يا وعود”

اللحن والتوزيع:

لحن الأغنية ووزعها الموسيقار “عمرو أبو ذكري” أحد وجوه الموسيقى الغربية في مصر وله تجربة رائعة مع الملك محمد منير وتجربة أخرى ثرية جدًا في مضمار الموسيقى التصويرية وتكاد تكون موسيقاه أشهر منه.

عندما نستمع إلي تلك الأغنية لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل اللحن عن التوزيع، فنحن أمام لحن غربي خالي من “الثلاث أرباع النغم” على سلم “المانير” ومنفذ في قالب غربي أيضًا “روك”.

تبدأ موسيقى الأغنية بمحاورة رائعة بين الالاّتين من الآلات الغربية هما الساكسفون و إليكتريك جيتار، خلفهم كوردات من الكيبورد بالإضافة إلي وجود خجول آلة الدرامز الإيقاعية. هذه المحاورة هي نفس الجملة اللحنية التي سيبدأ بها طلعت زين الغناء.

يدخل طلعت مباشرة إلي الغناء بشكل حيوي جدًا، المقطع الأول مكون من أربع شطرات كل جملة لحنية تمهد للجملة التي تليها، الأولى والثانية على سلم المانير ثم يعرج بجملة “كان في زمان حب” والتي كانت جسر تمهيدي للإنتقال إلي مقام الكرد في جزء “بقى ليل وجراح” ليعود مرة أخرى إلى المانير في المقطع الثاني “حبيت والعشق جنون” حتى آخر المقطع.

 لا يمكن ترك هذا المقطع دون أن نتحدث عن طبيعة اللحن التعبيرية جدًا ودرجات ركوزه وتمكن طلعت زين من أداء هذه الجمل بسلاسة وخفة منقطعة النظير.

إقرأ أيضا
التربية الحديثة

في جملة الفاصل الأولى يدخل البيانو بتنويعات ارتجالية على سلم المقام خلفه كوردات الكيبورد ليدخل الاليكتريك مرة أخرى ليسلم الغناء لطلعت زين خلفه نجد حليات من الساكسفون و إليكتريك جيتار مع خط باص جيتار قوي جدًا.

ينطلق صوت طلعت زين بأداء متكمن جدًا وبشكل تصاعدي يصل إلي الذروة في جملة “وطريق كداب مجنون” لتحدث المفاجأة وتتغير الطبقة مع دخول بريك من الدرامز  وصولو إرتجالي من الإلكتريك جيتار ينم عن خيال عازف خصب جدًا وملعوب بحرفية شديدة خلفه كومبو قوي جدًا من الباص جيتار والدرامز والكيبورد، ليعود طلعت زين إلي السينيو مرة أخرى “حبيت والعشق جنون” ثم يطلق العنان إلى الإلكتريك جيتار “بطل الأغنية بلا منازع” الذي يأخذنا في رحلة ممتعة من الإرتجال حتى قفلة الأغنية.

اقرا أيضًا

ميني ألبوم بجامل ناس أخيرا عاد فضل شاكر الذي نعرفه 

 لم تنل أغنية “العشق جنون” التقدير الكافي وقتها لأنها كانت مختلفة جدًا وغريبة على أذن جمهور الكاسيت التسعيني الذي يسير خلف أغنية المقسوم الشرقي السريع، لكن بمرور الأيام وانفتاح الجمهور على الغناء الغربي بشكل مكثف حصدت جمهورًا كبيرًا ولازالت تحصد حتى الأن عند الأجيال الجديدة التي لا تعرف قيمة طلعت زين المطرب الذي ظلم كثيرًا بسبب حصر تجربته الغنائية في الأغاني الخفيفة التي كانت استعادات اغاني غربية شهيرة، إلا أن تجربته في المجمل ثرية جدًا بالأخص على مستوى الموسيقى المتطور جدًا عن زمنه والذي كان يحلق خارج سرب الشكل الموسيقي الدارج.

YouTube player

  

الكاتب

  • العشق جنون محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
8
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان