همتك نعدل الكفة
4٬483   مشاهدة  

ألبوم “مولود سنة 80 ” كيف حرك حمزة نمرة ركود سوق الغناء المصري

حمزة نمرة
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



 أثناء فترات ركود موسيقى البوب المصرية كان يأتي عمل فني يقلب الموازين ويلقي حجرًا في مياهها الراكدة، منذ ثورة يناير تحديدًا والسوق الغنائي المصري لم يتحرك خطوة واحدة للأمام، دانت السيطرة فترة للموسيقى المستقلة وفرق الأندر جراوند، وكان يزحف ببطء خلفها موسيقي المهرجانات والتراب الشعبي حتى احتلت المشهد بالكامل في الفترة الأخيرة، تغير المزاج العام للمستمع الذي وجد كبار السوق الغنائي ينسحبوا واحدًا تلو الأخر ماعدا فئة قليلة هي التي أثبتت حضورها لكن مع الأيام اتضح أنه حضورًا بطعم الغياب.

رغم النشاط الغنائي المكثف الذي وجدناه في عام 2020 وعودة بعض الأسماء المهمة إلي سوق الغناء بعد فترة انقطاع طويلة، مثل “حميد الشاعري” و”هشام عباس” محافظين على المساحة الآمنة لدى جمهور الثمانينات والتسعينات متسلحين بتجاربهم السابقة،و حفاظ بعض الأسماء على التواجد مثل الهضبة عمرو دياب ومصطفى قمر وتامر حسني ومحمد منير ، إلا أن السوق لم يتحرك فعليًا، حتى صدر ألبوم “مولود سنة 80 ” للمطرب حمزة نمرة المحسوب على تيار الغناء المحافظ والذي ضرب بالفعل عدة أحجار حركت قليلًا ما كان ساكنًا من قبل.

تعددت مشاكل الوسط الغنائي المصري ما بين تدني شديد في مستوى الأفكار المتناولة و حصرها في قالب الغناء العاطفي بمفردات مبتذلة اقتربت من مفردات أغاني المهرجانات، وتنامي صعود موجة التراب الجديدة التي تعتمد على الموسيقى الإليكترونية بأفكار غير متناسقة شعريًا ومفردات مبهمة، وحتى على مستوى التناول الموسيقي بعودة جماعية لإيقاع المقسوم دون أن نشاهد أغنية واحدة ضاربة باستثناء “بالبنط العريض” حيث صدر معظمها بصيغ شعبية ركيكة اشهرها “عرقسوسي”و”اختراع”، أو جنح البعض لمجاراة صخب موسيقى المهرجانات بصنع أغاني مماثلة مثل “مدحت صالح” و”محمد فؤاد” “هاني شاكر”.

  هوت أغلب تلك التجارب ولم تنل رضاء الجمهور الذي وجد السوق الغنائي على الرغم من الزخم الموجود فيه يسير في ركاب شكل موسيقي واحد فرض عليه ولم نجد مشروعًا غنائيًا واحدًا يمكن التعويل على أي لمحة تجديد فيه، ووصل الأمر لتخلي البعض عن مشاريعهم الأصلية والنزول إلي واقع السوق الغنائي الهابط املاً في إثبات الحضور بأي شكل.

أقرأ أيضًا … يا أنا يا لاء عمرو دياب هل صب الهضبة غضبه أم أثار غضب الجميع؟

 مولود سنة 80

في ألبوم “مولود سنة 80”  وجدنا مسحة  تمرد من حمزة نمرة على مشروعه الغنائي، وأن التجديد لا يعني الانسلاخ الكامل من التجربة بل تقويتها وتضمينها بعدة أفكار جديدة، وأن قماشه أفكار الغناء واسعة جدًا، وفضح أكذوبة “الجمهور عايز كده” حيث تفاعل الجمهور أكثر مع الأغاني ذات المضامين الإنسانية التي عبرت عن أزماته سواء كانت شخصية أو عامة، في أغاني “مولود سنة 80″ و”ستة صباحًا” “الوقعة الأخيرة” التي جاءت في قالب اعادنا لنا تجارب جيل الوسط الشعرية بمزج الوطن والحبيبة في أغنية و”فاضي شوية” درة الألبوم التي احتلت التريند في الثلاثة أسابيع الماضية واقتربت من 30 مليون مشاهدة بكل سهولة.

YouTube player

لم يكتفي حمزة نمرة بالمضامين الإنسانية التي هي لب مشروعه بل طعم التجربة بمشروع جديد أطلق عليه “المشروع الشعبي” في أغاني “مش مهم” “استعيذوا” و”معلش” حيث ظهر بشكل جديد مختلف عما اعتاده الجمهور و رد الاعتبار للأغنية الشعبية بتحريرها من فك الابتذال و الفجاجة بالعودة إلى مضامينها الأصلية وتناولها موسيقيًا بشكل مختلف وراقي بعيدًا عن الأصوات النشاز والمزمار التي مسخت روحه.

YouTube player

على مستوى الموسيقى رغم أن أغلبه جاء في قالب البوب التجاري إلا أنه صنع تجربة لافتة في أغنية “احكيلك خوفي” حيث استعان بموسيقى الريجي مع تضفيرها بكل سهولة مع المقسوم الشرقي وأن صنع أغنية غربية لا يحتاج للإقتباس أو السرقة بقدر ما يحتاج إلى قدرات فنية وهضم أكبر لتلك الموسيقى وكيفية انتقاء ما يليق دون تقليد أو السير خلف الموضات الموسيقية.

في تجربة “يابا” أعاد حمزة نمرة تذكيرنا بمشروعه المهم “ريميكس” والذي هو أعظم إنتاجاته الفنية على الإطلاق بتقديم الفلكلور العربي بشكل مبتكر وتعريف الجيل الجديد به.

عبر أربع ألبومات “رسمية” لم يجنح حمزة إلي الغناء العاطفي نهائيًا، في هذا الألبوم صنع أغنية “القصة واللي كان” التي اقتربت بشكل كبير من مضامين الأغاني العاطفية بتناول جديد، اللافت في الألبوم هو أنه لم يصنع أغنية دينية كما اعتاد في السابق وأن صنع أغنية “غنوة ليك من قلبي” التي جاءت في قالب مباشر قليلًا يشبه بعض اغانيه القديمة.

استعان حمزة بالعديد من الشعراء داخل الألبوم منهم رفقاء دربه سنوات طويلة “سامح خيري” “حازم ويفي” و”محمد السيد”وتعاون لأول مرة مع الشاعر والصحفي “عمر طاهر” وقدم لنا الشاعر الموهوب “خليل عز الدين” في فاضي شوية و”محمد الشافعي” في الوقعة الأخيرة، واستأثر بتلحين أغاني الألبوم بالكامل وهي نقطة الضعف الوحيدة في الألبوم حيث جاءت بعضها منسوخ من أعمال سابقة له، أما على مستوى التوزيع فتألق كريم عبد الوهاب الذي وزع أغلب أغنيات الألبوم، وقدم لنا في المشروع الشعبي الوجه الجديد الموزع “أحمد نصر الداودي” الذي قدم أغنية شعبية في قالب جديد دون نسخ أو تقليد صنعت تنوعًا كان مطلوبًا لتجربة حمزة، بالإضافة إلي المتألق “مصطفى نجم” في أغنية “أحكيلك خوفي” وهي أفضل أغنية موزعة في الألبوم.

إقرأ أيضا
الدوري
YouTube player

فضح ألبوم “مولود سنة 80” زيف أغلب التجارب الغنائية في مصر المعتمدة على منطق اللهث وراء صنع التريند تارة بافتعال مشاكل ومعارك وهمية وتارة بتسريب أخبار ملفقة أو شراء مشاهدات من دول لا تنطق العربية، أو الرضوخ للرعاة بصنع أي أغنية والسلام.

ولخص أزمة تلك التجارب في تكلس أفكار أصحابها و افتقار روح المغامرة واللعب على حبال فنية متهالكة بفعل الزمن وبرداءة منقطعة النظير، وأن الوسط الغنائي ملئ بالمواهب العظيمة التي تبحث عن ربع فرصة في ظل توقيف الأغنية على شلة بعينها هي التي تكتب وتلحن معظم الإنتاج الموسيقي في مصر وكونت لوبي قمئ لا يحبذ وجود أي صوت اّخر مختلف عما يقدمه ناهيك عن تدني مستواهم سواء في الكتابة أو التلحين وحتى القوي منهم اضطر إلي مجاراة السئ حفاظًا على موقعه وسط الشلة.

بكل بساطة حمزة اقترب من الجمهور وغنى لهم وأفراحهم ومخاوفهم ومشاكلهم الحياتية، لم يبع لهم وهمًا في صورة لوك جديد أو فيديو كليب مبهر أو موسيقى مهجنة،  وابتعد عن صراعات الوسط بمشاكله و تربيطاته وحساباته التي تستهلك من تفكير المبدع وأن صفوة الغناء في مصر بحاجة ماسة لتجديد روح تجربتهم والخروج من شرنقة نسخ أنفسهم، وأن النغمة الجديدة المنضبطة قادرة على طرد النشاز الذي تسبح  فيه الأغنية منذ فترة وإعادتها إلى مسارها الصحيح.

الكاتب

  • حمزة محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
85
أحزنني
0
أعجبني
34
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
14


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان