ألبوم هشام عباس “عامل ضجة” واللعب في المساحات الآمنة

بعد عشر سنوات من الغياب عن الساحة الغنائية عاد المطرب هشام عباس مرة أخرى إلي الوسط الغنائي عبر إصدار ألبومه الجديد “عامل ضجة”، طيلة الفترة الماضية لم يغب هشام عن الجمهور حيث تحول إلي مقدم برامج ترفيهية معتمدًا على شعبيته كمطرب و كاريزمته اللطيفة ووجهه الطفولي، لم يثبت نفسه هشام في مضمار تقديم البرامج فقرر أن يعود مرة أخرى إلي ملعبه الأساسي وهو الغناء والحقيقة أن هشام المطرب ذو الطلة خفيفة الظل يختلف تمامًا عن هشام مقدم البرامج ثقيل الظل الذي لا يملك أدنى مقومات مقدم البرامج.

ينتمي هشام إلي جيل التسعينات بمقسومه الصاخب وشكل الأغنية الذي يعتمد على جملتين لحنيتين تتكرر في المذهب والكوبليهات مدعومة بمقسوم صاخب، هشام ابن الأغنية الخفيفة التي لا تحمل عمقًا في تناول الموضوعات بل اسيرة لون واحد هو الغناء العاطفي، والتصقت بشخصية هشام المطرب خفيف الظل الذي تحمل بعض أغنياته خفة دم وتبتعد الأجواء الكئيبة المقبضة وكانت سر نجاحه وتفرده حيث لم يكن ينافس أحد بتلك الخلطة التي كان ينجح فيها كل مرة، في بداية الألفينات بدأت محاولات تغيير جلده الفني وحققت له ألبومات “حبيبي ده و”جوه في قلبي” نجومية واسعة ونقلته إلي مصاف كبار نجوم الغناء المصري.

 تعاون هشام في الألبوم مع العديد من الأسماء التي جمعت جيلين، جيل أيمن بهجت قمر وعزيز الشافعي وأمير طعيمة ومحمد يحيى وجيل بلال سرور وشادي نور و أحمد زعيم.

أجاد هشام في اختيار الألحان التي تليق بصوته و ظهر في كامل لياقته الفنية وكأنه لم يبتعد  كل هذه الفترة، فاختار الحان بجمل موسيقية رشيقة تعلق بسهولة في أذن الجمهور.

افتتح هشام الألبوم بأغنيتي “عامل ضجة”و”خليك هنا” من ألحان “محمد النادي في “عامل ضجة” أجاد اختيار الجملة القصيرة في سنيو الأغنية فجعلها سهلة الحفظ على الأذن وجاءت اللزمة رشيقة جدًا دون فذلكة من الموزع توما رغم سذاجة وسطحية كلمات اسامة محرز.

خليك هنا” أغنية تصلح Hit للألبوم بتقطيعات كلمات محمد جمعة اللحن جاء عادي جدًا لكن اللافت هو التوزيع الموسيقي الذي تقمص فيه وسام عبد المنعم دور طارق مدكور والتي تشعر أن الأغنية توزيعها يتشابه مع توزيع “بالليل تنام العيون” في ألبوم جوه في قلبي في دمج بين الديسكو والمقسوم.

“شاري بالغالي” لحن أحمد زعيم بأبعاده الهندية تماهى مع كلمات حسن عطية التي لامست الفلكلور في بعض مفرداتها وبنيتها الشعرية،لكن أفضل مافي الأغنية هو زخم وتريات هاني فرحات  التي لولاها لخرجت الأغنية عادية جدًا.

الفترة اللي فاتت” واحدة من اجرأ أغنيات هشام في المطلق، الثلاثي شادي نور وبلال سرور وهاني ربيع يواصلوا نجاحاتهم المتواصلة بعد أعمالهم مع سميرة سعيد، ميزة الثلاثي وجود كيميا واضحة خصوصا في كلمات شادي نور والتي تتناول الموضوعات بشكل جديد وبألفاظ جريئة تتمرد على مفردات أغنية البوب التقليدية وتقطيعات لحن بلال سرور تأتي متميزة تخفي عرج وزن الكلمات في بعض الأحيان، توزيع هاني ربيع رغم اعتماده على التكنولوجيا والسينزايزر والتلاعب بصوت هشام إلا أنه جاء رشيق وبسيط متماهي مع تقطيعات لحن سرور .

“اهربي” نفس الثلاثي السابق مع الاستعانة بـ وتريات محمد مدحت والتي زادت من زخم الأغنية، وأن عابها هو زيادة المؤثرات الصوتية والتي استعملها هاني ربيع، الكلمات جيدة جدًا من شادي نور لحن بلال سرور وتماهي مع الكلمات التي تحدثت بصيغة الأمر والتهديد وأن عاب عليها هو الجملة الموسيقية في “اهربي” والتي تشعرنا بان هشام يهتف لا يغني.

حذرتك يتألق عزيز الشافعي مع توما في صنع أغنية مقسوم تعيدنا لجو التسعينات، رغم كلمات عزيز الشافعي الساذجة والطريفة في بعض مفرداتها إلا أن اللحن تميز بنقلاته الشرقية والتي دعمها ربابة محمود سرور و ناي رضا بدير، رغم أن هشام لا يجيد الغناء الشرقي في الغالب إلا أنه ادى اللحن بسلاسة وخفة .

“أغلى من العين ” أكثر الأغنيات المنحوته داخل الألبوم، كلمات تقليدية متوقعة قفلتها الشعرية من أيمن بهجت قمر ولحن مقتبس من عدة تيم فلكلورية بلزمة موسيقية مستنسخة من أغنية “سيدي منصور” لكن أبرز ما فيها هو جمل الوتريات التي صاغها هاني فرحات والتي ممكن أن نقول أنها أفضل مافي الأغنية .

“بيسلم عليك” أغنية تسعيناتي بإمتياز في كل عناصرها، مفردات أمير طعيمة بالحزن اللي ساكن في كل الأماكن والفرح اللى غايب والقلب اللي دايب، لحن عزيز الشافعي ايضًا لم يعتمد سوى على نقلة واحدة فقط كل هذا مغلف بمقسوم تسعيني بنفس حلياته التقليدية،  لو لم يدرك المستمع إنها في الألبوم الجديد لهشام لشك أنها أغنية قديمة مجهولة لهشام،

إقرأ أيضا

يوميات تلميذة .. تعلم البيانو

“تاعب قلبي” واحدة من الأغنيات يتم إستعمالها مرة واحدة حيث لا فكرة في الكلمات ولا لحن يعلق في الأذن موسيقى صاخبة اختلط فيها المقسوم بالديسكو مع الكثير من المؤثرات الصوتيه ويمكن أن نقول أنها من الأغاني التي جامل بها عزيز الشافعي.

“السكة خضرا” جرب هشام لأول مرة أن يكتب كلمات أغنية بنفسه لكنه لم يأتي بجديد لا على مستوى الفكرة ولا طريقة الصياغة، الأغنية كوبلية واحد فقط ويمكن أنقذها لحن مدين الجيد المغلف بتوزيع قوي من كريم عبد الوهاب والدمج بين الفلامنجو واللاتين هاوس المدعوم ببركشن قوي.

“حاجات” فكرة الكلمات جيدة من شادي نور وكان من الممكن ان تصبح من أحلى أغنيات هشام في المطلق لو أعيد صياغتها لحنيًا وابتعد هاني ربيع عن الترانسات والمؤثرات التي طغت على الأغنية فأضعفها و إصراره على إزدواج صوت هشام في البداية جعل بعض الألفاظ غير مفهومة او تائهة المعنى ولا بد لأن تكون الكلمات امامك لتفهم مضمون الأغنية.

في الألبوم الجديد عامل ضجة سار هشام على نفس خطى ألبوماته السابقة مفضلًا تقليل مساحات التجريب التي نراها في شكل الأغنية الحالي، وقرر أن يلعب في مساحاته الأمنة تمامًا التي تتفق مع توجهات جمهوره الذي يدور في فلك نوستالجيا التسعينات، فاستخدم نفس خلطته القديمة التى يضمن نجاحها على الأقل عند جمهوره و في نفس الوقت غازل الجمهور الأخر الذي لا يتعاطى مع موسيقى المهرجانات و فرق الأندرجراوند، وأن عاب الألبوم هو قلة تسويقه حيث أن الأعتماد على التسويق الإليكتروني للألبوم لن يكفي، لكنها خطوة جيدة لعودة جيل التسعينات الذي نفتقد معظم نجومه .