
احضنوه كثيرًا ربما ينسى .. ربما

محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
مشهد 1 – حزن – خارجي
نائمًا على التراب .. متسائلًا : ما الذي جعلني خارج هذا السور ، وهم بالداخل ؟ .. هل هي خطيئة والدي الذي لم يترك لي إرثًا يجعلني أرتدي قميص الكرة الأحمر الشهير ! أم إن القدر هو الذي جاء بي إلى هذه الدنيا وكتب عليّ أن أظل بالخارج ؟ .. أم إن أمثالنا من الناس لا تجوز لهم الأحلام ؟
وجزء آخر في رأسه غير مبالي بكل هذه الأسئلة ، جزء يحرك جسده بالتناسق مع حركة حلمه ، جزء قد تجاوز السور ، ودفع الرسوم المالية للاشتراك في التدريب ، جزء لا يتوانى عند دفعه للأمام ، جزء يقول له أنت ستكون بالداخل ، وربما ستكون نجمًا ، فرن من النار صنع خصيصًا للذين يريدون لمعادنهم أن تتشكل على قالب أحلامهم .. أنامل ذات طبيعة ليست بشرية ، أشارت عليك وقالت : ستكون نجمًا يومًا ما .. انزل للتدريب حتى لو كان على التراب ، حتى لو نثروا على التراب زجاجًا ولم يعد أمامك إلا التدريب والجراح ، تدرب بالجراح .. هذا هو قدرك ، وقدر طفل آخر في القطب الشمالي ، وقدر مجموعة من الأصدقاء يسيرون على بحيرة عطنة في أدغال إفريقيا ويحلمون باليوم الذي سيرتدون فيه الأحذية الجلدية .

مشهد 3 – وردة وقلب وحضن كبير – لا خارجي ولا داخلي
احضنوه كثيرًا ربما ينسى .. ربما .. دعوة يا أصدقاء لحزن عميق ، حزن تترك له نفسك ينهشها وأنت في قمة الرضى ، هذه الصورة تسببت لكثيرين أعرفهم ، ولا أعرفهم ، باكتئاب بحجم الكون ، فلا الكلام هنا عن أسباب الفقر ، ولا الكلام هنا عما حصل وسيحصل ، ولا الكلام يكفي إذا حُلّت مشكلة هذا الطفل ، ولا الصحافة والتبرعات ستكفي .. هذا المشهد اعتبره خادش للحياء العام .. مشهد لو في فيلم أجنبي كان سيحقق الأوسكار بلا شك .. ألم عميق وقولة : اه ، ليست : اه ترويجية للسوشيال ميديا ، إنها : اه حقيقية ، صامتة بلا صوت ، ثعبان لدغ قلبك فلم تعد قادرًا على الكلام .. ولأول ستقف أمام المشكلة بلا محاولة لحل ، فقط – إن أردت – أن تقدم لهذا الطفل ولغيره حلًا ، فلا حل سوى حضن كبير ، حضن يقول له لا تخف ، أنت لست وحدك هنا .. حضن كبير بمختلف أشكاله ، ربما يكون يحتضنه رجل ميسور ماديًا ، ربما لو سيدة نفضت عنه التراب ، ربما لو مدرب الفريق لاحظ تلك الصورة فكسر القواعد وتبناه داخل الفريق .
وأما مع من لم يستطع التواصل معه ، ربما لو أنك احتضنت حالة مشابهة ستجدها في المترو ، سيشعر هو بها هناك .. ربما لو لم تسئ النوايا في كل من طلب المساعدة ، ربما بو تخليت عن حدة قلبك وأعدته رطبًا ، ربما لو احتضنت الأطفال ، ربما لو احتضنت الكبار ، ربما لو احتضنت نفسك .. لتصبح قابلة لدعوتنا .. أن احضنوه كثيرًا ربما ينسي .. ربما !
الكاتب
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ما هو انطباعك؟





