همتك نعدل الكفة
132   مشاهدة  

الأحاديث وكيف يستخدمها الإرهاب لتبرير وَحشيته؟ 2-2

الإرهاب
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



بعد أن علمنا في المقال السابق كيف ظهرت الأحاديث كنصوص وتكدست عبر مُمَاشَتها لواقع سياسي مُتغير، ونعلم بالمعايشة إلى أي مدى أستولت هذه الأحاديث والروايات على ما يملكه (الدين) من سُلطة وتأثير، وهنا سنوضح كيف تلقفتها جماعات إسلامية متطرفة تبحث عن شَرعَنِة الإرهاب الذي تمارسه على الشعوب والدول.

الإخوان المسلمين والبيعة على الدم

في ظِّل الصراع السياسي بين عبد الله الزبير في مكة واليزيد بن معاوية في الشام، وبعد اجتياح جيش اليزيد بقياد الحجاج بن يوسف الثقفي لمدينة النبي، فما يعرف بواقعة الحرة، ظهر حديث عن حتمية البيعة حيث..

جَاءَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ إلى عبدِ اللهِ بنِ مُطِيعٍ حِينَ كانَ مِن أَمْرِ الحَرَّةِ ما كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، فَقالَ: اطْرَحُوا لأَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقالَ: إنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ يقولُهُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ يقولُ: مَن خَلَعَ يَدًا مِن طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيَامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. (حديث صحيح)

وهو الحديث الذي أعتمد عليه حسن البنا (1906 – 1949) عند تأسيسه لجماعة الإخوان المسلمين، فجعل البيعة طقس أساسي عند الانضمام للجماعة، بل ووضع بيعة أخرى إضافية لمن ينضم إلى “النظام الخاص”، كما ورد في كتاب “النقط فوق الحروف.. الإخوان المسلمون والنظام الخاص” لعضو التنظيم السابق أحمد عادل كامل (98 سنة).

الإرهاب
غلاف كتاب “النقط فوق الحروف.. الإخوان المسلمون والنظام الخاص”

جاء صوت الرجل الجالس في الظلام لا أتبين منه شئ، يذكرني بمبادئ الدعوة التي جندنا أنفسنا لنصرتها وإلى أن الجهاد من أركانها وهو سبيلها، وإلى أني بأداء هذه البيعة أضع نفسي تحت تصرف القيادة سامعًا مطيعًا لأوامرها في العُسر واليُسر والمنشَط والمكرَه معاهدًا على الكتمان وعلى بذل الدم والمال.

وقد ذكر ثقة القيادة فينا ومع ذلك أشار إلى أن أي خيانة أو إفشاء سر سوف يؤدي إلى إخلاء سبيل الجماعة ممن يخونها. وبايعت على ذلك وقد مددت يدي فوضعتها على المصحف ومسدس وقد وضع يده فوق يدي“.

وكانت مهمة “التنظيم الخاص” هي تنفيذ عمليات الإرهاب السياسي التي انتهجتها الجماعة؛ وكان من أبرزها:

اغتيال القاضي/ أحمد الخازندار باشا في مارس 1948، وغتيال محمود فهمي النقراشي باشا، رئيس الوزراء، في ديسمبر 1948.

أحاديث للسطو المسلح

بطبيعة الحال يجرم قانون الدولة السرقة، وأيضًا الإسلام (كدين) يجرمها (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (38 – المائدة).

لكن بالبحث بين ألاف الأحاديث وجد “تنظيم الشوقيين” حديث يقول:

بُعِثتُ بين يدي الساعةِ بالسَّيفِ، حتى يُعبَدَ اللهُ تعالى وحده لا شريكَ له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظِلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذُّلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أمري، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم“.

(رواه: عبدالله بن عمر، في: صحيح الجامع – حكم المحدث: صحيح، وعلقه البخاري بصيغة التضعيف).

وفي دهاليز الكهنوت الإسلامي يجد الباحث قواعد تنص على إن الخلاف حول مسألة بهذا الشكل غير مُخرج من المِّلة، بمعنى أن في أسوء الأحوال سيكون من عمل بتضعيف الحديث وعدم الأخذ به مُسلم أجتهد وأصاب.. فله أجران، ومن عمل بالحديث مسلم أيضًا وأجتهد كذلك لكنه أخطأ.. فله أجر واحد. (راجع الحديث الصحيح)

بذلك إنفتح أمامهم الباب لشرعنة سرقة المسيحيين؛ وهكذا نفذ تنظيم “الشوقيين” المنشق عن “الجماعة الإسلامية”، في أواخر الثمانينيات، سلسلة عمليات سطو على محال ذهب وعيادات أطباء من مسيحيين.

YouTube player

تشريع القتل على الهوية

حرية الإعتقاد يكفلها الدستور. ويؤكد القرآن عليها في غير موقع أن (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، مع التأكيد على كون الإيمان والكفر أمر بين العبد وربه؛ وهو وحده من له حق الجزاء في هذا الختيار: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا). (137 – النساء).

لكن يتم تجاوز تلك الآيات والقفز إلى حديث “من بدل دينه فاقتلوه

إقرأ أيضا
إعادة التجسد

أنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عنْه حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقالَ: لو كُنْتُ أنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ: لا تُعَذِّبُوا بعَذَابِ اللَّهِ، ولَقَتَلْتُهُمْ، كما قالَ النَّبيُّ: مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ“.

الراوي: عبدالله بن عباس – المحدث: البخاري – حكم المحدث: صحيح

وبذلك حصل قتلة د. فرج فودة، ومن هاجموا الروائي/ نجيب محفوظ، على رخصة تبيح لهم القتل خارج القانون.. وبمخالفة القرآن. وبالفعل بمو جب هذه الأحاديث وما يبنى عليها من أحكام؛ حصل القتلة على دعم بعض كبار الكتاب الإسلاميين أمثال د. محمد مزروعة الذي قال في شاهدته أمام المحكمة: “يجوز لآحاد الأمة تطبيق حد الردة منعًا للفتنة والفساد” في شرعنة واضحة للإرهاب.

فتح الباب على مصرعيه

وإذا ضاقت عليهم الأحاديث النبوية، على كثرتها، يأتي دور الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح: “فعليكم بسُنتي، وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ“.

لينفتح أمامهم عالم جديد من الروايات القابلة للتقديس.. فالسُنة أصبحت سُنن، ما يعني المزيد من الروايات التي يمكنها دعم الإرهاب.

خاتمة

إن الدول والمجتمعات العالقة في هذه الدوامات أمامها خيارات محدودة:

  • البحث عن آراء ترفض العمل ببعض الأحاديث المعينة.
  • استلهام تصرفات صحابة كبار مثل عمر بن الخطاب، والذي عطل سهم المؤلفة قلوبهم لتغير الوضع السياسي.
  • أو أعتماد سيستم “الدولة المدنية” مرجعيتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ وتمارس الدولة سيادتها في تعطيل “الجهاد” كما حدث مع تجارة الرِق والفئ وغيرها من الأحكام المندثرة.

الكاتب

  • الإرهاب رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان