الأرمن في مسلسل موسى .. حين أبدع الثلاثي “ناصر عبدالرحمن ومحمد سلامة مع هلا السعيد”

برزت قصص الأرمن في مسلسل موسى خلال الحلقتين الثامنة والتاسعة من العمل واللتين شهدتا أحداثًا عديدة، لكن تبقى أكثر ميزة متميزة في الحلقتين هي شخصية ڤانيا الأرمينية التي جسدتها الممثلة هلا السعيد.

مقارنة شكل الأرمن في مسلسل موسى والأعمال الدرامية

مأزق الأعمال الدرامية التي تناولت تاريخ مصر زمن الحرب العالمية الثانية هو الخلط بين الجالية اليونانية والجالية الأرمينية وحصر الشخصيات في نمط التجار ولَزْمَة خــبــيــبــي، أما وجود الأرمن في مسلسل موسى فاتسم رسم شخصياتهم وملابسهم ومجتمعهم بدقة كبيرة.

بدايةً تميز نص ناصر عبدالرحمن بالابتعاد عن التقليدية المعهودة بالأعمال الدرامية في اختيار المكان، فالدارج هو أن الإسكندرية كانت حاضنة الجاليات المختلفة، لكن المنسي أن القاهرة استوعبت وحدها 9171 أرمني سنة 1917 م منهم 265 في الجيزة وظل هذا العدد ثابتًا حتى العام 1947 م.

شيء آخر أثبت مراعاة الدقة التاريخية لوضع الأرمن في مسلسل موسى وهو مشهد قراءة ڤانيا لخطاب أختها كريستابور، فبدايةً النص المكتوب كان باللغة الأرمينية، لكن قمة التوهج بمشهد الخطاب تمثل نوع الورق المكتوب به وتلك ميزة تحسب لـ حسام نجيب اسكريبت الإكسسوار وطاقمه، فالعادة جرت أن يكون لون الخطاب بُنِّي على أساس أن المسلسل تاريخ، لكن لون الخطاب كان أبيضًا.

كذلك نوع ورق الخطاب كان فيه ذكاءًا في الدقة، ففي الأساس كريستابور في الحرب ولا يمكن أن تكتب على ورق مُسَطَّر (Typewriter paper) لأنه كان حكرًا على ضباط الاستخبارات لاستخدامهم هذا الورق في الآلة الكاتبة، بالتالي فإن الجندي يكتب بخط اليد وكان نوع الورق مشابهًا لورق الـ Blotting paper الذي كان يحفظ الحبر في النص المكتوب فضلاً عن أنه كان يُسْتَخدم في الأغراض التجميلية أيضًا لفتيات منتصف القرن العشرين.

مشهد العرض المسرحي .. فن يدعو للبحث عن التاريخ المجهول

خلال الحلقة التاسعة من مسلسل موسى ظهرت ڤانيا وهي تؤدي استعراضًا غنائيًا بحضور مصريين وأجانب، وتلك سابقة لم تكن موجودة في الدراما المصرية التي اعتادت على اليونانيين والجريج.

لعل أفضل ما في الاستعراض استطاعة المخرج محمد سلامة وصناع العمل إلقاء الضوء على حال الموسيقيين الأرمن دون ملل، حيث بدا تصوير المشهد ممتعًا إلى جانب حركات الرقص مع الموسيقى.

كذلك هناك شيء آخر وهو تمكن هالة السعيد من استلهام روح الفنانة الأرمينية كوهار خاتشادوريان كاسباريان والتي كانت فنانة ذائعة الصيت وتشبه قصتها إلى حد بعيد الأجواء النفسية التي تعايشها ڤانيا.

الفنانة الأرمينية كوهار خاتشادوريان كاسباريان هي إحدى أشهر نجوم الأرمن وإن كانت اكتسبت شهرة في منطقة أرمينية السوفيتية فإن بدايتها كانت في مصر التي ولد بها عام 1924 م واشتهرت بغناء السوبرانو، وقد ألمح الدكتور محمد رفعت الإمام في ص 599 من كتاب الأرمن في مصر أن برنامجها الغنائي في مصر اتسم بكونه خليطًا من الأغنيات الأرمينية والفرنسية والألمانية والإيطالية، وكذلك لهجتها، وهو الشيء الذي أظهره ناصر عبدالرحمن وهالة السعيد فيبدو في بعض كلماتها الفرنسية.

إقرأ أيضا

الجمهور يعيد اكتشاف مسلسل “ريا وسكينة” ليكتسح السوشيال ميديا

غادرت كوهار خاتشادوريان كاسباريان الأراضي المصرية إلى أرمينية السوفيتية سنة 1948 م لحبها في الأرمن لكن قبل أن تغادر بـ 8 سنوات تركت تراثًا غنائيًا في مصر سجلته الإذاعة مثل حفلتها في ديسمبر 1941 وإبريل 1943 ومارس 1946 م

للإستماع إلى أغنية من أغانيها

كل هذا الثقل الذي كونته كوهار خاتشادوريان كاسباريان في مصر جعل السوفييت يلتقطونها ويأخذونها إلى أرمينية لتعمل بمسرح الأوبرا وتسكن في يرفيان وتحصل على لقب فنانة شعب الاتحاد السوفييتي وبلبل أرمينية، وتوفيت سنة 2007 م.