223 مشاهدة
كيف تحول البطل الخارق بسلامته إلى شبيحة ميت غمر؟
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
الركض وراء الشهوات يفقدنا لذة الحياة الحقيقية في اعتدالها ومناسبتها لخلقتنا وقدراتنا والسلطة والرغبة في السيطرة إحدى الشهوات المميتة لذلك فإن “الخناقة” إياها بين ذكر يريد فرض سطوته على أنثى تريد هي أن تتمرد على تصغير شأنها – ولها الحق – تبدأ من قناعة الرجل بأن ذكورته سوف تصبح ناقصة لو لم يحكم الإناث في محيطه العائلي وبالتبعية يجب إحكام السيطرة على جموع النساء في الشارع حتى يتثنى له فرض سيطرته دون .مقاومة من ذويه
لا حيلة للذكر في ذلك فقد رضع مع حليب أمه وجوب تميزه عن أخته فهو القوي القادر على الحماية وهو الملتزم بالإنفاق والإعاشة مهما فسدت الأجواء وتضائلت الفرص ومهما كانت قدراته أو مهاراته أو حتى تفضيلاته في الحياة تجعل منه بشرًا يختلف حتى عن أبناء جنسه .
وهو أيضًا الممنوع من كل البوح والبكاء أو حتى التضرع إلى الله بصوت مرتفع خشية أن يسمعه أطفاله، قد تجده يهمس إلى الله داخل صدره ويقول ” يارب ما تفضحنيش ” ويعني أمام أهل بيته – حتى أن موته أهون عليه ملايين المرات من انكساره أو انكشاف حقيقته الإنسانية أمام أيٍ من الإناث أو النساء المعلقات في رقبته وفق ما تعلم
عرفت زملاء عمل كُثر أخفوا عن زوجاتهم تسريحهم من وظائفهم كانوا يتأنقون كل صباح بملابس العمل ويقضون الدوام كاملًا على المقاهي لشهور وسنوات وربما تورط بعضهم في قروض لإخفاء الحقيقة مع دفن نفسه كل يوم في مصاعب أكثر
تسائلت كيف يحتملون عبئ الازدواجية أمام الشريك والسند، كانت تأتيني دائمًا منهم إجابة واحدة وهي اعتقادهم بأن رجولتهم تحتم عليهم طمأنة زوجاتهم .الضعيفات الرقيقات المتعلقات بهم
يقول لي أحدهم ” عايزاني اقول لمراتي اني عاطل ” وأقول : وهل بيدك حيلة ! يشيح بوجهه ويردد كيف أنظر في عين زوجتي وأجد فيهما شفقة .. كيف أتركها تعتقد أنني لست مهمًا في عملي وأن أحدهم صرفني من وظيفتي واستغنى عن وجودي وخدماتي كأنني لا أحد في مخالفة صريحة لقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]
أي حياة تلك التي تستقيم بينما يعيش الرجل منسلخًا عن إنسانيته ومنكرًا ضعفه الطبيعي ومخالفًا طبيعته ومدعيًا قدرات غير حقيقية ومتحديًا الزمن
لابد أن ينتهي به الحال بأن يتحول طواعية بفعل عقدة النقص غير الحقيقة التي غلبته إلى كائن مقهور ومهزوم جدًا حيث يعتقد دائمًا أنه بعيد تمامًا عن الصورة الاسطورية التي فرضها المجتمع عليه لتكتمل رجولته وذكورته كما تعلمها وهذه الصورة في الحقيقة لا توجد إلا في أفلام الأبطال الخارقين وقصص الشاطر حسن والسير الشعبية إياها اذا لا مكان له إلا في العزلة يعيش وحيدًا حتى ولو كان محاطًا بملايين المشاكل والطلبات بعيدًا عن زوجته وعن أولاده ولو جمعهم بيت واحد فيسكت للأبد من الهم فلا مكاشفة ولا صدق فكيف يجمعهم الوصل ؟
بطبيعة الحال كل مخالفة للفطرة يعقبها انحراف فليست العزلة مع الانكسار هي اختيار الجميع بل تجد مع طول الألم وفداحته وفقد الحيلة ينفرط العقد وينتج عنه التمرد والمبالغة في الانحراف فإن لم أستطع أن أكون البطل الخارق سأكون النطع في حياة إحداهن وستكون هي السبب بكل تأكيد
وأهي كلها أوضاع شاذة عن خلقتنا التي أرادها الله لنا فيتحول من رفضوا الألم جراء عقدة النقص إلى هؤلاء الشبيحة الذين يتفاخرون بالوضاعة من فرط النقص أيضًا وتستغرب بجاحاتهم، تجدهم آباء يتنصلون من الإنفاق على أبناءهم وأزواج يعيشون على كد نسائهم دون أن يبذلوا شيئًا ويخرج من صلبهم فتيان رفضوا انكسار البطل الخارق واستبدلوه بتحقق زائف تعلموه من بيئاتهم ويعتقدون أنه أخف وطأة من الكد والتعب، فيسبون النساء ويحقروهن ويستبيحون أجسادهن وكرامتهن وبذلك تصبح لديهم مساحة شاغرة مستباحة تتسع لتفوقهم الكاذب
وتظل المرأة عندهم مرشحة للانحراف والمشي البطال وأداة للغواية وبذلك يحتفظوا بدورهم السهل في قمعها بحجة حمايتها من نفسها الأمارة بالسوء ولو كانت “بتصرف” عليهم .. وهكذا أصبح للنطع دورًا دون مجهود فتراه يتدخل في ملابسها أكثر مما يتدخل في عملها لأنه يؤمن له الدخان وربما الحشيش وقضاء أوقات مع نسوان بحق مش زي مراته !
لذلك لا أنتظر من رجال الدين ولا السياسة ولا غيرها دورًا مساندًا فكلما طالعت وجه أحدهم قلت يا مكسور يا نطع وقلة قليلة من أدركت الفخ وتحررت من عقدة النقص وساعدت الشريكة على التحرر بدورها من عقدة العظمة التي عاشت بها لمنعها من التجربة وتحمل الحياة بشكل كامل
لا إمام غير العقل
وهذا ما بدأت كثير من النساء في إدراكه بعد عقود من استرزاق رجال الدين بالكذب، بالأمس يخرج أحدهم مدافعًا عن زواج زميله بـ ٢٢ زوجة ويحلل له ذلك ورغم كون المدعو محسوب على وزارة الأوقاف وبالتالي الحكومة المصرية لا أحد يخرج ليردعه أو يسكته من دفعه ومن يدفع له وأي دين يسمح ببقتء الزوج الرابعة استبن للتبديل وأي دين هذا !
يمثل هذا المدعو جانب الشبيحة الذي اختار أن يقتات على مهانة النساء ويتفوق بالتعالي عليهن أما ديننا الذي أعرفه فقد ضرب لنا أروع الأمثال ولنا في زواج السيدة خديجة رضي الله عنها من نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة أهم عبرة وأعظم أثر وكانت أول زوجاته تكبره ب٢٥ عام وفق معظم الروايات و١٥ عام في روايات اخرى، السيدة خديجة بنت خويلد ذات الحسب والنسب والمال هي من أرسلت تطلب النبي الكريم للزواج بعد أن شهدت أمانته وبعد أن ربحت تجارتها وتضاعف مالها على يديه وهي التي ذهب إليها عليه أفضل الصلاة والسلام في شدته فور نزول الوحي وهو خائف وسكن إليها واستجار بها وحكى لها ما رآه من جبريل عليه السلام وكيف أخبره بأنه رسول الله وقال لها زملوني أو غطوني فكانت العون والسند لخير الخلق وسيدهم الذي قضى معاها أيام شبابه وكهولته وعنفوانه ولم يتزوج غيرها حتى توفيت وهي في عمر ٦٥
إن في قصة خديجة أم المؤمنين وزواجها من الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هدم لكل ما يسوق له المجتمع عن علاقة الرجل بالمرأة المبنية على تضخم ومبالغة في قدر الرجل وتواضع وتصغير لحجم المرأة ما يخلف لدى النوعين عقدًا لمخالفة ذلك فطرة الله فلا عجب فيما نعيشه اليوم من شيطنة كل جنس للآخر .
اقرأ أيضا
أن السعادة لا تأتي لمضطرب ولا منحرف وطريقها السليم أن يعيش الإنسان حياته بحجمه الحقيقي وفطرته التي فطره الله عليها دون تضخيم من شأنه أو تحقير من شأن غيره
الآن لا تستعجب كيف يضرب عاطل عن العمل زوجته ويسبها في شرفها ويتركها تذهب إلى العمل مصحوبة بلعناته بينما ينتظر عودتها وتمن الدخان !
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
الوسوم
ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide