الرد على عبدالله رشدي في قوله بعدم نجاة والدي النبي من نار جهنم
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
أثار عبدالله رشدي الجدل في مسألة والدي النبي حيث كتب منشور يدعي فيه أن مسألة نجاة والدي النبي عليها خلاف وحاول رشدي مسك العصا من المنتصف حتى لا يتعرض لهجوم من الوهابية على صفحته الشخصية لأن الوهابية فقط هم من يقولون بهذا القول وادعى أن المسألة عليها خلاف وهذا كذب فقد أستقر الإجماع على نجاة والدي النبي ولا عبرة لمن شذ من العلماء .
ما لم يذكره عبدالله رشدي والرد على أقواله المتوقعة
ما ذكره عبدالله رشدي في هذه المسألة فمردود عليه فقال أن الإمام النووي ذكر في شرح صحيح مسلم أن والدي النبي في النار عندما شرح حديث النبي “أبي وأبوك في النار” وهذا الحديث هو ما يستدل عليه الوهابية في قولهم بكفر النبي.
اقرأ أيضًا
في الرد على عبدالله رشدي “محمد علي باشا لم يكن محتلاً لمصر ولا الدولة العثمانية”
والرد على ذلك أن الإمام النووي لم يصرح بالوالدين الكريمين أصلا ، ثم إن حديث صحيح مسلم فهمه العلماء بطريقه أخرى سنذكرها لاحقا وحتى لو سلمنا بصحة فهمهم السقيم فالحديث لم يذكر والدة النبي فكيف صرحت بها ؟.
سيرد ويقول بسبب حديث آخر قال النبي : استأذنت ربي أن أزور أمي فأذن لي وأستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي.
والحديث أيضا سأذكر آراء العلماء فيه وشرحه له، لكن الغريب أن الحديث أيضا لم يصرح بأن والدة النبي في النار !! فلما التقول على رسول الله والكذب عليه وإيذاءه في والديه !.
هل والدي النبي في النار كما يقول الوهابية ؟
في البداية لمعرفة أي أمر من أمور الإعتقاد يجب الإعتماد أولاً على القرآن الكريم لأنه الكتاب المحكم القطعي الثبوت والقطعي الدلالة ثم الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة المتواترة وإذا تعارض الحديث الصحيح مع نص القرآن الكريم يُقدم النص القطعي وهذا ما نص عليه الأصوليون والحديث لا يتم إنكاره لكن يتم فهمه بطريقة أخرى كما سنرى في حديث “أبي وأبوك في النار”.
الأدلة القاطعة من القرآن والسنة على نجاة والدي النبي من النار
قال تعالى ” وتقلبك في الساجدين ”
قال تعالى ” وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا “
فهذه آيات قاطعة الدلالة تدل على أن والدي النبي من أهل الفترة وأهل الفترة هم الذين لم يسمعوا بالإسلام أو قوم لم يُبعث لهم رسول فهؤلاء ناجون من عذاب الله بإتفاق العلماء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : – إنَّ اللَّهَ اصطفى مِن ولدِ إبراهيمَ ، إسماعيلَ ، واصطَفى من ولدِ إسماعيلَ بَني كنانةَ ، واصطَفى من بَني كنانةَ قُرَيْشًا ، واصطفى من قُرَيْشٍ بَني هاشمٍ ، واصطَفاني من بَني هاشمٍ.
قال رسول الله صلى الله عليه : خلق الله الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم ” رواه الطبراني والحاكم والبيهقي وأبو نعيم؛ وقوله فأنا خيار من خيار إلى هذه الخيريه لا يوصف بها المشركون.
أقوال علماء المسلمين في هذه المسألة
قال الإمام أبو بكر ابن العربي المالكي : من يقل بكفر والدي النبي فهو ملعون ، وقد ألف الإمام السيوطي تسع رسائل يثبت فيها نجاة والدي النبي من النار إستند بالقرآن الكريم وأحاديث كثير صحيحه لا كما يدعي رشدي في منشوره أنه استند بأحاديث ضعيفة فقط وهذا سوء أدب وإتهام عالم مثل السيوطي أنه حاطب ليل فالسيوطي كان يستند على الأحاديث الصحيحة ويروي الضعيفه من باب الإستئناس فقط وكان يذكرها في الغالب بين النصوص القرآنية ونصوص السنة الصحيحة لتمام الفائدة !
وقال شيخ الإسلام وشيخ الأزهر إبراهيم الباجوري في شرح جوهرة التوحيد الجزء الأول ص 83 ل84 : وإذا علمت أن أهل الفترة ناجون على الراجح علمت أن أبويه صلى الله عليه وسلم ناجيان لكونهما من أهل الفترة ، بل جميع آبائه صلى الله عليه وسلم وأمهاته ناجون ومحكوم بإيمانهم ، لم يدخلهم كفر ، ولا رجس ، ولا عيب ولا شىء مما كان عليه الجاهلية بأدلة نقلية كقوله تعالى : (وتقلبك في االساجدين ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ” لم أزل أنتقل من الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الزاكيات ” وغير ذلك من الأحاديث البالغة مبلغ التواتر ” !
وهذا رأي الإمام الباجوري الذي يتم تدريس كتابه شرح العقيدة في الأزهر وهو المعتمد وعليه الإجماع فلا يأتي من يدعى الآن وجود الخلاف.
أما ماذهب إليه الإمام النووي وذكره عبدالله رشدي في منشوره فهو غير صحيح فالإمام النووي عندما تعرض للمسأله لم يصرح بالوالدين الكريمين بل إكتفى بقوله شارحا : أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ” انتهى .
يقول الشيخ بخيت المطيعي مفتى الديار المصرية الأسبق : “قد أخطأ خطأ بينا يأثم ويدخل به فيمن آذى رسول الله صلى الله عليه من يزعم أن أبوي المصطفى من أهل النار”.
الرد على شبهة حديث مسلم
ذكر صحيح مسلم حديث : أن رجلاً سأل النبي أين أبي فقال أبي وأباك في النار ويرد الدكتور يسري جبر على هذه الشبهة فيقول : هنا حمل الأب علي العم ، فلقد أخبر الله بأن والد ابراهيم عليه السلام في النار ، وكذا أخبر تعالى أنه من تمام منته علي السيدة مريم بأن أبائها من المصطفين ، وقطعا فيهم إبراهيم ووالده حقيقة ، فجمع بين النصوص بحمل الأب علي العم لوجود قرائن ثلاث :
الأولى: وجود التعارض مع آية آل عمران ، إن حمل علي الوالد حقيقة .
الثانية : استخدام القران لفظ الأب علي العم ؛ كما في قوله تعالي { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا } ، فإسماعيل ليس والدا ليعقوب ، بل هو عمه .
الثالثة : تنبيه الله علي اسم والد ابراهيم بآزر ، فلعله كان في منزلة أبوطالب .
المسلك الثاني : تلك الرواية وان كانت في صحيح مسلم فقد خرجت من رواية حماد بن سلمة ، وحماد ابن سلمة متكلم فيه .. قال الدارقطني : حماد بن سلمة ربما يسهو !.
ما جاء عند مسلم عن النبي ﷺ : استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، ليس في هذا الحديث دليلا علي عدم النجاة ، والنهي عن عدم الإستغفار قد يكون بسبب :
كونها لم تصلها رسالة ، فهي لم تكلف أصلا حتي تحتاج للاستغفار لها ، ألا تري أنه يصلي علي الطفل ولا يدعي له بل يدعي لوالديه .
مع العلم أنه لم ينقل الينا عبادتها للاصنام، بل كل ماورد عنها من أشعار تدل على التوحيد، حتى لا يستغفر باقي المسلمين لآبائهم من أهل الفترة ، فكان ﷺ قدوة في ذلك ، ولذلك فلقد أخبر الصحابة بنهيه عن الاستغفار لها ، والا فما كان لهذا البيان حاجة. . .
أما عبدالله رشدي فهو يريد مسك العصا من المنتصف بغرض التقريب بين أهل السنة والوهابية لذلك يجامل الوهابية لكن الوهابية لن ترضى عنه حتى يتبع منهجهم و مسألة التقريب أثبتت فشلها فقد فعلها مجموعة من مشايخ الأزهر من قبل مع الشيعة وباءت بالفشل ومع الوهابية ستفشل بالثلث فالوهابية على الرغم من فساد منهجهم إلا أنهم لا يداهنون فيما يعتقدون فإما ياعبدالله أن تكون أزهريا خالصا أو لا تكون !.
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد