همتك نعدل الكفة
2٬646   مشاهدة  

الشيخ سيد مكاوي وثومة..قصة “كوكب الشرق” (25)

الشيخ سيد مكاوي


أهلا بكم أعزائي القراء في الحلقة الخامسة والعشرين من قصة كوكب الشرق أم كلثوم، وكنا قد انتهينا في اللقاء السابق حيث التعاون المهم والكبير بينها وبين موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب واليوم نتكلم عن لقاء أم كلثوم بالمرحوم الشيخ سيد مكاوي.

 

“يا مسهرني” تأشيرة سيد مكاوي لعالم أم كلثوم

 

الشبه كبير بين الشيخ سيد مكاوي وبين الشيخ زكريا أحمد، فسيد مكاوي يعتبر امتدادا للشيخ زكريا وكلاهما خرج من عباءة واحدة، وكلاهما امتداد للشيخ سيد درويش، بيد أن الظروف التي أحاطت بتعاون كل منهما مع كوكب الشرق كانت مختلفة، فالشيخ زكريا أحد الذين ساهموا في الاكتشاف الحقيقي لأم كلثوم، وتعاونه معها كان اختيارا مبنيا على إعجابه بفنها وإعجابها بفنه، ربما نزلت أم كلثوم بملعب زكريا منزل اللاعب من المدرب أو التلميذ من الأستاذ، وإن تغير الوضع بعد ذلك، في حين أن تعاونها مع الشيخ سيد مكاوي إنما مثّل نقطة في بحر فن متسع أصفة بتاشيرة الشيخ سيد مكاوي إلى العالم الكلثومي.

 

تأخر تعاون الشيخ سيد مكاوي مع كوكب الشرق إلى أواخر عمرها، وتمخض عن أغنية وحيدة في حين لم تكتمل الأخرى، بعد مشوار حافل خاضه سيد مكاوي في طريق الفن، ولا شك أن لحن سيد مكاوي الوحيد لأم كلثوم هو لحن عظيم ذو قيمة فنية كبيرة إذا ما قورن بما أدخل على فن أم كلثوم وقتئذ من تجديد أورث النقاد ميراثا يصلح كمادة لعملهم، وأنا أحد الذين يرون هذا اللحن هو اللحن الوحيد الذي صيغ في مرحلة متأخرة امتدادا لفن الكبار، خصوصا وأن مدرسة الشيخ سيد مكاوي أو لنقل منهجة مع أم كلثوم إنما كان منهجا كلاسيكيا على أصوله لم يدخله التغريب الذي كان سائدا وقت أن تعاون مع أم كلثوم.

 

إقرأ أيضًا…..

المطربون وتلاوة القرآن الكريم “هل هي متوافقة مع أحكام التجويد”

 

بدأالشيخ سيد مكاوي مشواره الفني بتلاوة القرآن الكريم وغناء القصائد والتواشيح والمدائح النبوية شأنه شأن كبار الصييتة والمطربين الذين أنجبتهم مصر خلال القرنين السابقين، واعتمد بالفعل في الإذاعة في فترة الخمسينات، لتمر حياته بمراحل متتالية شع منها الفن في كل اتجاه أذكرها اجمالا كما ذكرها ماهر زهدي في كتابه عن الشيخ سيد مكاوي صانع البهجة:

 

يصف ماهر زهدي الشيخ سيد مكاوي في استمداده لفنه بصانع البهجة؛ ذلك أنه استمد هذا الفن من الناس وألبس ألحانه ثوب حياتهم اليومية، وعن المحطات التي مر بها الشيخ سيد مكاوي يقول: أما المحطة الأولى فتجلت في الموشحات والمدائح النبوية وفيها سار على درب أستاذيه سيد درويش، وزكريا أحمد، بل وظل معتبرا أنهما استاذيه لآخر عمره، وقد حكت لي إبنة الشيخ سيد مكاوي أنه في سهراته الخاصة حين كان يغني، إنما كان يبدأ بغناء ألحان المرحوم الشيخ سيد درويش أولا ثم ألحان الشيخ زكريا أحمد وبعدها ينتقل لغناء ألحانه، أما المحطة الثانية، فكانت رحلته برفقة الشاعر صلاح جاهين، وهي مرحلة الأوبريت الغنائي الذي بلغ ذروته في الليلة الكبيرة، وهو العمل الإذاعي الذي تحول فيما بعد إلى عمل مسرحي ثم تلفزيوني، ويأتي بعده في الأهمية الرباعيات التي قدمت من خلال إذاعة صوت العرب في نهاية الستينات.

 

تتابعت أعمال الشيخ سيد مكاوي فلحن للكثير من المطربين الكبار كالمرحوم محمد عبد المطلب وشريفة فاضل ونجاة الصغيرة وشهرزاد وشادية وليلي مراد وغيرهم، ليتوج هذا المشوار الطويل في النهاية بالتعاون مع كوكب الشرق أم كلثوم.

 

 

سيد مكاوي يحكي عن “يا مسهرني”

 

لم تقتصر سعادة سيد مكاوي على دخول جنة أم كلثوم كما يعبر مؤرخي الموسيقى العرب، بل إن أم كلثوم قد أغدقت عليه بمبادرة لم تفعلها مع أي ملحن لها، ففي المرة الثانية التي غنت فيها أم كلثوم أغنية يا مسهرني قدمته للجمهور ليتلقى التحية بنفسه من الجمهور على لحنه الأول والأخير لها.

يقول الدكتور فيكتور سحاب: روى لي صلاح جاهين معاناة سيد مكاوي لتحقيق حلم التعاون مع أم كلثوم، وخلاصة الحكاية أن سيد مكاوي كان كغيرة من الملحنين يحلم بالتلحين لأم كلثوم لاسيما  بعدما نال اعترافا جماهيريا بموهبته الفنية بعد الليلة الكبيرة، غير أن صلاح جاهين يؤكد أن هذه الرغبة تحولت عند سيد مكاوي بالذات إلى هاجس حقيقي، كان يصيبه بخيبة الأمل كلما بذل محاولة جديدة فاشلة، وحاول صلاح جاهين إنهاء الامر معه بلطافة فقال له: ولا يهمك، هذا بيتهوفن نفسه لم تغن له أم كلثوم ومع ذلك فألحانه خالدة.

 

وعن لحنه لأم كلثوم يحكي سيد مكاوي

 

طلبت مني أم كلثوم أن أعمل لها لحنا، فطلبت منها ألا يكتب لي إلا الأستاذ أحمد رامي، حيث أن كلامه يمس وجداني وأحاسيسي، وفعلا اتصلت أم كلثوم بأحمد رامي وكلفته بعمل أغنية لألحنها، وبدأت الاتصال به يوميا، وكان رامي يسلمني الأغنية على مراحل، وبذلك كانت لقاءاتنا يومية، وواصلت تلحين الأغنية مدة تقترب من السنة، وعندما انتهيت من تلحين يا مسهرني، ذهبت أنا ورامي إلى منزل أم كلثوم واستمعت أم كلثوم إلى اللحن وسجلته على شريط، ثم بدأنا في البروفات، وكانت أيام البروفات تبدأ في الاستوديو من الساعة التاسعة صباحا.

غنت كوكب الشرق أم كلثوم أغنية يا مسهرني سنة 1972م، وكانت من أشد المعجبين بألحان الشيخ سيد مكاوي الذي بدأ نجمه يتألق بألحانه في مسرحياته الأستعراضية، لدرجة جعلت أم كلثوم تنظر إليه على أنه امتدادا للشيخ سيد درويش والشيخ زكريا أحمد، فألحانه ذات طابع مصري أصيل، نبعت من مدرسة الشيخ سيد الأولى وهي مرحلة تجويده للقرآن الكريم.

 

يقول سيد مكاوي

 

كانت أم كلثوم تمتلك ثقافة أدبية وفنية ضخمة، وعلى الرغم من محاولة بعض الملحنين فرنجة المقدمات الموسيقية، فأنا أحمد الله انني في عملي الوحيد الذي قدمته لها وهو أغنية يا مسهرني أنقذتها من موسيقى أعداء الفن العربي الأصيل، وبغنائها لهذا اللحن، عدنا إلى أصالتنا الشرقية، التي أرجو أن تدوم حتى تحتفظ بملامحنا العربية.

 

مشروع أم  كلثوم ورامي ومكاوي الذي لم يكتمل

 

بعد نجاح لحن أغنية يا مسهرني بدأ أحمد رامي وسيد مكاوي في إعداد موشح وموال لأم كلثوم على حسب ما جاء في مجلة الكواكب في الثالث من فبراير 1976م، ونقلته نصا الدكتورة رتيبة الحفني في كتابها عن أم كلثوم، أما  الموال فيقول مطلعه:

 

إقرأ أيضا
بليغ حمدي

ياللي تلوم في الهوى مالك ومال حبي

هو انت داري اللي جوة القلب متخبي

وأما الموشح فيقول:

غلب الشوق غلب، والهوى أمره عجب

ذاب قلبي لوعة، بين حب ولعب

كلما قلت رضا، نالني منه غضب

والأماني خمرة، حظنا منها الحبيب

 

ويكمل سيد مكاوي: طلبت أم كلثوم إعداد لحن جديد لها، من كلمات المرحوم عبد الوهاب محمد وهو أغنية ” أوقاتي بتحلو معاك”، وعندي تسجيل لصوتها وأنا أعزف على العود، إلى جانب تسجيل آخر بصوتها لكلمات الأغنية، ولكن للأسف لم يسمح الزمان بمزيد من الوقت، فماتت أم كلثوم وماتت معها تطلعاتها الفنية لإثراء الغناء العربي أكثر وأكثر.

 

 

 

 

 

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان