رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
3٬493   مشاهدة  

الموسيقار يرقد بجوار الأميرة أسمهان ..زيارة لقبر فريد الأطرش قبل أن تحجبه القمامة

فريد الأطرش


كابد الفنان فريد الأطرش كل هذه المعاناة، كان أول شيء يقع على قلبه وقع الصاعقة بعد وصوله إلى القاهرة، حيث سكن في حجرتين صغيرتين وصفها في مذكراته بأنها “أقفاص العصافير”، مشهد والدته وهي تكد على شغل الإبرة.

ألحقته والدته بإحدى المدارس الفرنسية “الخرنفش”، لكنه لم يستطع أن يكون رجلًا- كما اعترف في سيرته- وأصبح مهزلة لطلاب المدرسة، كانوا يتجمعون حوله ويسخرون من اسمه، خاصة بعدما غيرته والدته واستعارت له اسمها آخر كي تقبله مدرسة فرنسية، وكان الاسم هو “كوسا”.

عاش الفنان فريد الأطرش أصعب الأيام بعدما حرم من شقيقته أسمهان، كان حزينًا للغاية، شعر أن نصف حياته انتهى، فكانت له بمثابة كل شيء، صديقته وأخته وحبيبته وكل شيء، والصوت الذي يلحن لها أجمل ألحانه، فكان من السهل عليه أن يفقد عين أو رجل أو يد من جسده، لكن لا يفقد أسمهان.

فريد الأطرش

واعترف الفنان الراحل في حوار إذاعي له، أنه لم يجد بعد رحيل شقيقته أسمهان، الصوت الذي يؤدي له، خاصة ووصفها بأنه كانت شخصية جبارة، فنانة جبارة، صوت عظيم، قال:”من يومها ملقتش صوت أحسن من أسمهان عشان كدا أنا مبلحنش دلوقتي ومافيش في هذا الوقت صوت أقدر أديه ألحاني إلا أم كلثوم”.

تنازل “الأطرش” أيما تنازل كي يتعاون من أم كلثوم في ألحان، للدرجة التي خجل من أن يحكي عن هذه التنازلات، كانت أمينه أن يعمل مع كوكب الشرق، قال:”جرحت نفسي، وتواضعت لما أقول هذه أمنيتي لأني مش محتاج لكل ده، بس أنا حبيت أوري الناس أد إيه أنا بتعذب والناس عارفه قيمتي الفنية وعارفه إني أقدر أقدم أكثر ممن قدموا لها في حياتها الفنية”.

فريد الأطرش
يبدو أن شيئًا ما كان داخل نفس أم كلثوم تجاهه، الفنان الراحل  ألمح إلى ذلك، وأعرب عن غضبه كونها لا تعطيه الفرصة، وكان يعتقد أنها لا تحب شقيقته أسمهان، وورث هو هذا الشىء الذي أسمها كرهًا :”أنا مش عارف ليه هي مش عايزة تغني لي من أنك لما تسألها تقول لك ده فنان عظيم ومش عارف إيه؟، أروح أقدم لها ألحان رائعة مش عايزة تغني لي، تقدر تقول والله فريد قدم لي معجبنيش، مش من حقها لأن الملحنين الكبار زي السنباطي، وعبد الوهاب، مش هي اللي تحكم على ألحانهم، الجمهور اللي يحكم”.

قبل وفاته بأيام أجرى “فريد” حوارًا صحفيا مع مجلة “بيروت المساء” بتاريخ 1974، ووجه له سؤالًا عن الفارق بينه وبين “عبد الوهاب”، فرد قائلًا:” أنتم الذين تحيطون بعبد الوهاب هذه الهالة من الدعاية والضجيج، وتنشرون حوله الألقاب الطنانة وتتبنون أعماله الفنية فتمتدحونها أكثر مما يجب وأكثر مما تستحق، وكما قلت فإن البطولة ليست بالانزواء والاكتفاء بتقديم لحنين أو ثلاثة كل عام، بل بمواجهة الجمهور، ولا فضل لعبد الوهاب في الألحان التي يقدمها، فهو يسجلها عشرات المرات ثم يختار من كل تسجيل قطعة صالحة، ويجمعها في النهاية بأغنية واحدة، والجمهور لايعرف هذا، وليس عنده فكرة عما يفعله عبد الوهاب”.

وأكد أنه هو فقط، رفقة السبناطي هما من يمثلان الموسيقى الشرقية الصميمة.

فريد الأطرش

في الأسابيع الأربعة الأخيرة من حياة أمير العود، دخل مسشتشفى لندن كيلنيك، ومسشتفى بريجتون في العاصمة الإنجليزية، وكان يشكو من انسداد في شرايين القلب، ومن وجود كمية المياه في جسده، وعندما عجز الطب المتطور في إنجلترا عن علاجه، أشار الطبيب إلى عائلة الأمير أن يعودوا به إلى لبنان ليتوفى في بلده.

ظل الأمير خمسين ساعة تحت الخطر، ممنوعا من استقبال الناس، وقبل أن يتوفى في السادسة من مساء الخميس، ثالث أيام عيد الأضحى، بساعات قليله زال عنه الخطر نسبيا، وبدت صحته في تحسن تدريجي، لكن هذا التحسن لم يغير من مظهره، فقد انخفض وزنه إلى النصف، وتغير لون وجهه وجسده واكتسب لونا أزرق غريبا وضمر جسده، لدرجة كان يصعب التعرف عليه بسهولة لمن ينظر إليه لأول وهلة.

توقف قلب الأمير، واحتشدت الآلاف أمام بيت الطائفة الدرزية في شارع فردان ببيروت لتقديم العزاء لأشقائه ومحبيه، وكانت قوة من رجال الأمن تحرس المنزل الذي لم يغلق بابه يوما في واجه واحد، وتمنع المئات من الاقتراب من الباب الخارجي، وقبل أن ينقل الجثمان إلى القاهرة، تنفيذا لوصيته ودفنه في مصر، وصلت وفود غفيرة من بعض البلدان العربية.

فريد الأطرش

في لحظاته الأخيرة، لم ينس الجمهور، خالف أوامر طبيبه اللبناني الدكتور نجار، وكان يجاهد في الحديث، ويرجوهم بألا يخبروا الجمهور عن حالته الخطرة التي يمر بها، وطلب منهم أن يمنعوا الصحفيين عن الكتابة عن حالته الصحية، وكانت سكرتيرته الخاصة دنيز جبور تطمئنه، ستكون بخير وستعود لجمهورك وتلحن وتغني لهم من جديد، لكنه كان يرد:”لا، أنا عارف نفسي كويس، أنا بودع يادنيز، باقي من عمري بضع ساعات أرحل بعدها إلى العالم الآخر، وأنا مطمئن البال ومرتاح الضمير لأني لم أوذ أحد في حياتي، ولم أتسبب بالأذى لأي إنسان”.

ورغم محاولات المحيطين به لإيقافه عن الكلام كان يقول:”سيبوني اتكلم، عاوز أقول اللي في قلبي، بعد شوية من حاقدر أقول أي حاجة، بعد شوية سأتوقف عن الكلام إلى الأبد، نفسي اتكلم وأقول، نفسي أغني يادنيز، نفسي أقابل جمهوري فردا فردا، نفسي أشكر على محبتهم لي طول العمر”.

فريد الأطرش

كان فريد الأطرش يشعر بدنو أجله قبل وفاته بعامين، لذا كتب وصيته، أن ينقل جثمانه إلى القاهرة، وأن يوارى التراب بجانب قبر شقيقته أسمهان، وحدد أن توزع أمواله الباقية وممتلكاته على الذين رافقوه في مشوار عمره، أمثال، أشقاؤه، سكرتيرته دنيز جبور، الطباخ الخاص، خادمتيه سنيه وخضرا.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
11
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان