همتك نعدل الكفة
3٬503   مشاهدة  

بعيدًا عن التاريخ .. هل يأكل المصريين خير الكويت أم العكس؟

الكويت
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أولًا ، لن ندخل في هذه المعارك الصغيرة التي اضرم نيرانها المتعصبين من هؤلاء وأولئك، لكننا بصدد نقاش عقلاني بين الإخوة في الكويت ، والنقاش هنا على محورين ، محور سوف نكتفي بسرده ، والمحور الثاني هو محاولة “اشتباك” فكري بين من يتبنون وجهة النظر الأخرى ، وأنا لا أعتقد أن هناك عيبًا في حديث الإخوة ، بعيدًا هنا عن المحادثات الرسمية التي ليس لنا شأن بها ، النقاش هنا فقط في الأفكار التي راجت على المستويات الشعبية بين المصريين والكويتيين ، لنخرج فائزين جميعًا بأفكار تعيد الأمور إلى نصابها ، بلا مزايدة على بعضنا ولا إدعاء للمثالية

مسألة حرب العراق

هناك نبرة صدرها البعض على السوشيال ميديا المصرية مفادها إبراز دور مصر مع الكويت في بعد احتلال العراق ، ذلك بعد تعمد إحدى نائبات الأمة في الكويت وضع المصريين في جملة مفيدة،  ولن أكون مثل المدرس الذي يمسك بالخيزران للطالب الذي رد على طالب أهانه بذكر فضل آبائه وأجداده على عائلته ، لكن الخطر هنا أن يصبح هذا الذكر “لبانة” يمضغها البعض في الرايحة والراجعة ، لأن التمادي في الردود القاسية لا ينم إلا عن شعور ما بأن معظم جموع الطرف الآخر متبنيًا رأي النائبة ، هذا الذي لم يحدث تمامًا ، بالعكس ، فقد أتاها الرد من أصحاب الرأي في الكويت ، أبرزهم الإعلامية عائشة الرشيد التي وصفت الأمر بـ “هوشة نساء” صدرت من النائبة إياها، لذلك كان لابد التوقف عن “الكلام الشعوبي ، واستعادة لموقف مصر من الكويت وقت الأزمة العراقية !

YouTube player

ابتلاع الطعم

هناك نقطة غاية في الخطورة لابد أن ننتبه لها جميعًا ، هي أن المصريين العاملين بالكويت لا يمشون بمكبرات صوت في الشوارع الكويتية ليذكرون الشعب الكويتي بما فعلته مصر قديمًا ، ولا أعتقد أن المصري في عمله في الكويت يأتي إلى عمله مرتديًا تيشرت مكتوبًا عليه تاريخ 2- أغسطس- 1990 وهو تاريخ الغزو العراقي للكويت ، ولا أعتقد أصلًا أن هذا الموضوع مسار حكاوي وحديث المصريين ممن تركوا الأهل والأصدقاء سعيًا للرزق في الكويت كما في السعودية كما بريطانيا والصين والسنغال والقطب الجنوبي وشتى بقاع الأرض، وليس من العيب أن يجري الرجل على رزقه في أي بقعة من بقاع الأرض ، حتى لو فوق الجبال وتحت الأرض ، لا أعتقد أن الساعي إلى الرزق يهمه سرد التاريخ السياسي والعسكري لأصحاب البلد الذي يسعى بها ، وأعتقد أشد الاعتقاد أن هذا متبني هذا الرأي عن المصريين كمن يفتعل أزمة مع أحدهم نظرًا لأن تاريخ أحدهم يشهد على الوقوف بجانبه ، وهي قلة قليلة لا نعتقد أنها تؤثر أبدًا ، لكن بما إن معظم النار من مستصغر الشرر فكان لا بد من تفنيد هذه الفكرة الخاطئة التي تدور في رأس البعض حتى يتم وأدها قبل أن تصبح انطباع عام  .. حتى لو إن المصريين يشعرون في داخلهم بتفوق معنوي تاريخي ، فليس لك أن تحاسبه على شعوره الداخلي بقدر تحوله لفعل مؤذي للآخرين ، أما عن شعورك الداخلي بتفوق المصري المعنوي فهو أمر يخص مشاعرك الشخصية ، ولا مكان للأحاسيس في مسألة الفعل ورد الفعل طالما يصدر شكلًا من أشكال تحويل الشعور لفعل ما !

وأبرز دليل على هذا أنه تم سحب المسألة لهذا الشكل الشعبوي بعد شكوى إحدى المصريات بإهانة بعض سيدات الكويت لها وضربها ، فخرجت النائبة إياها ترد على المرأة على نقطة أخرى تمامًا ، فقد حاسبتها على مصريتها بدلًا من أن تلقي باللوم على الذين أهانوها ، وقبل أن تلقي باللوم كان لابد أن تطلب تأجيل الرد بعد تقصي السلطات لصحة الواقعة من عدمها ، لكن شيئًا في نفس النائبة جعلها تفكر بأن هذه المصرية بالتأكيد تشعر بالتفوق المعنوي عليّ ، فلابد أن أذكرها بفضل وكرم الكويت ، مال الكرم والفضل والكويت بامرأة أهانها بعض النساء! ، المشكلة في حدود ضيقة للغاية بين أفراد ، لما النبرة العريضة في مشكلة حلها في المحكمة بلا ضجيج؟ .. غير معروف الرد حتى الآن

YouTube player

حديث الهادئين

أشد المحاور خطورة هنا هو الفكرة الراسخة عند البعض بأن المصريين يدخلون الكويت أو أي بلد عربي يكبشون الذهب والمال والطعام ويصنعون ثروات ثم يعودون إلى مصر ! ، وهذا كلام ساذج روجت إليه السينما للأسف .. ما يحدث دائمًا هو خروج الشاب المصري في أعلى مراحل عطائه إلى دولة عربية ما ، من ضمنها الكويت بالتأكيد ، يعرق لساعات طويلة ويكد حتى ويتعب ويقتطع من طعامه وشرابه ليستفيد من فرق العملة ، وأعتقد أن هذا الأمر مشروع لجميع الجنسيات في جميع الدول ، والمسألة في الأخير عرض وطلب ، بالضبط كالإحتراف في كرة القدم،  لا يدخل المصري مثلًا للكويت عنوة .. هناك شركة كويتية تطلب سباكًا ، أو مستشفى كويتية تطلب طبيبًا ، أو مدرسة كويتية تطلب معلمًا ، يرسل السباك والطبيب والمدرس أوراقه إلى الشركة والمستشفي والمدرسة ، كما يرسلها أيضًا السباك الهندي والطبيب اللبناني والمدرس السوداني .. أمر شديد العادية ! فتُقبل أوراق المصري ، فيأتي المصري للكويت بشكل قانوني ، يعمل ليأخذ راتبه لا أكثر ، هذا الأمر سيفعله المواطن الصومالي إذا سافر للعمل في الكاميرون مثلًا ، ولا نرى بيانًا من نائب كاميروني يذكر الصومالي بفضل الكاميرون عليه !

الكويت

إقرأ أيضا
الهدنة الثانية بغزة

الأمر شديد الاحترافية بعيدًا عن المصطلحات العريضة مثل “أناس أكلوا خير بلد ما” ، هل أنا كمصري أتعاقد مع أي مؤسسة كويتية على ألا أتقاضى راتبًا دون أن أعمل ؟ أنا أعمل فأتقاضى راتب ! بل بالعكس ، أعتقد أن المستفيد الأكبر من هذه الشراكة هو من يستفيد من الطاقة الشبابية لشخص ما ، والمصريين إذا لم يكونوا كفأ لهذا ، لما رأيناهم في كل مواقع العمل في كل دول العالم ، من أكبرها لأصغرها ، من مؤسسات مثل جوجل وفيس بوك، للمراكز الطبية الصغيرة في أدغال إفريقيا .. قُل لي ماذا يفعل المصري مع نفسه إذ كل ما فيه يدعو للفخر ؟في النهاية (وبعيدًا عن المواقف التاريخية والرسمية) ،  لم يأكل المصريين خير الكويت ، ولم تأكل الكويت خير المصريين ، هي علاقة احترافية كتعامل أي دولة في العالم مع أي مواطن في العالم ، تعمل تجد المال.. لا تعمل لا تجده !

 

الكاتب

  • الكويت محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
22
أحزنني
1
أعجبني
11
أغضبني
3
هاهاها
0
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان