رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
281   مشاهدة  

تركيا .. طريقة صوفية منغلقة ترعى أطفال الزلازل وسط تخوفات حقوقية

أطفال الزلازل
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



بعد مرور شهر على كارثة السادس من شباط أصبح مصير الأسر النازحة من المناطق المنكوبة واضحًا، لكن وضع أطفال الزلازل الذين فقدوا عائلاتهم مجهولا بل ويزيد صعوبة مع فقدان بعضهم للهوية. منظمات حقوقية تتسائل عن مصير أكثر من 1100 طفل، سلَّمتهم الحكومة التركية إلى طريقة صوفية منغلقة معروفة بالولاء للحزب الحاكم؛ مما أثار تخوفات حول استقطابهم سياسيًا أو مذهبيًا بعد نشر صور للأطفال يشيرون بالسبابة ويظهر انخراطهم في أنشطة دينية.

في الأيام الأخيرة ظهرت صورًا نشرتها حسابات تابعة لأحد أشهر الطرق الصوفية التركية “المنزل”، ظهر الأطفال في الصور مشيرين بالسبابة مع تعليق يشير إلى أنه جانب من النشاط الديني الذي جعلتهم الطريقة ينخرطون فيه، فيما علق المتابعون معترضين على ما اعتبروه استغلالًا للأطفال، وأشار البعض إلى ضرورة منع الطرق الصوفية من الأساس.

طائفة منغلقة تحت حماية الحكومة تسيطر على مناصب رسمية

أطفال الزلازل
“غوث الصانع” شيخ طريقة المنزل الصوفية بين أتباعه

طريقة “المنزل” معروفة بالولاء لحزب العدالة والتنمية الحاكم وكونها الذراع الصوفي له، وهو الدور الذي قامت به مسبقًا جماعة فتح الله جولن المسؤولة عن محاولة الانقلاب في عام 2016، بعد سنوات من العمل المشترك انتهى الأمر إلى خلاف بين جولن وأردوغان عام 2013، انتهى بفضائح فساد طالت نجل الأخير تحول في أثرها العمل المشترك إلى عداوة. ولمَّا كانت طبيعة المجتمع التركي تعطي قمية كبيرة لثقافة الطرق الصوفية المرتكزة على قاعدة جماهيرية عريضة؛ كان من الطبيعي أن يسعى  أردوغان نحو ملء الفراغ. 

كبديل لجماعة جولن الانقلابية وقع الاختيار على طريقة المنزل المعروفة بكونها الطائفة  التي تتعاون مع حكومة العدالة والتنمية، وقد سبق ونشر عنها أحد أعضاء الحزب المنشقين معلنًا أنها تسيطر بالفعل على وزارة الصحة. وفقًا للصحف المحلية تتبع الطريقة النقشبندية بل وتعتبر امتدادًا لها، ويعتمد تمويلها على شركات مملوكة للأعضاء، تستخدمها في إدارة وسائل إعلام متنوعة.

أتباع الشيخ غوث يبجلونه
أتباع الشيخ غوث يبجلونه

يدير الطائفة حاليًا الشيخ “غوث الصانع” وهو الاسم الذي يطلقه عليه أتباعه، ينسب نفسه إلى النبي محمد وينسج تلاميذه  الكثير من الكرامات المُختلقة حوله، ويظهر دائمًا مرتديًا الجلباب في هالة من المريدين الذين يقبلون يده ويحتفون به. 

في مقاطعة “أضي يامان” التركية المنكوبة توجد قرية “المنزل” التابعة بالكامل لتلك الطريقة، القرية ذات الأغلبية الكردية تعتبر مركزًا لقياداتها وحصنًا أمنيًا لا يُسمح فيه بالتقاط أي صور ولو من الهاتف المحمول. بعد الزلازل التي أصابت الجنوب التركي فتحت القرية أبوابها أمام النازحين من الأسر والأطفال، سكنوا ألف شقة سكنية في 42 بناية سميت بـ “منازل بُخارى”. استقبل المجمع السكني المخصص للضحايا 7100 شخصًا وأكثر من 2000 طفل، غادر الكثيرون ولا يزال يعيش هناك حتى الآن 3850 شخصًا و1100 طفل.

شيوخ الطريقة يستغلون أزمة الزلازل لتجنيد الضحايا

الطريقة سبق وأثارت الجدل خلال أحداث زلازل السادس من شباط حين ظهر أشخاصًا تابعين لها في المناطق المنكوبة أثناء عمليات البحث عن الناجين، ليمارسوا جلسات توبة فوق الأنقاض مستقطبين الضحايا. ويظهر في الفيديو شخصًا عرَّف نفسه بأنه نائب شيخ الطريقة يمارس نشاط استتابة الناجين، ويجعلهم يرددون جملًا تقول “أنا نادم على ما اقترفته من الذنوب، إن شاء الله لن أعود لمثلها. قبلت بفضيلة الشيخ غوث شيخًا لي”. تكرر الأمر مع أكثر من شخص في المكان نفسه، ومن الواضح أن مصور الفيديو ومن يقفون خلف الكاميرا يرددون كلمات تعنى “تقبل الله”.

 

أشارت الصحف المحلية إلى أن أعضاء من مجتمع طريقة المنزل قد نشروا أقولًا تفيد بأن أكثر من 25 ألفًا من ضحايا الزلازل قدموا مثل تلك النذور؛ كما رصدت كاميرات المراسلين في الطرق العامة أتباع طريقة نقشبندية أخرى يدعون الأهالي المنكوبين إلى اتبَّاع شيخهم، مروجين لأن الزلازل هي قدر الله الذي أنزله عليهم ليتقربوا منه.

أطفال الزلازل
الأطفال تحت رعاية الجماعة يتعلمون الإشارة بالسبابة والشعارات الخاصة بهم

أصبحت الطريقة مجددًا على الصفحات الأولى من الجرائد بعد نشر أعضائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للأطفال يرفعون السبابة مع تعليق “نحاول تدفئة قلوب ضيوفنا”؛ فيما تداول آخرون مقطعًا يوجهون فيه أسئلة دينية يجيب عنها الأطفال بعنوان “أحد أنشطة الأطفال المستضافين في منازل بخارى”. 

أطفال الزلازل الذين أنكرت وزارة الأسرة تسليمهم إلى الطائفة المنغلقة منهم أكثر من مئة طفل مجهول الهوية، طبقًا للقانون هم في عهدة الوزارة حتى يتم التوصُّل إلى أهاليهم أو إيداعهم مع عائلة متبنية.  وقد صرحت د. أوزجه يوجل أستاذ القانون المدني أن بعض الأطفال تم إلحاقهم بدورات دينية بدلًا من تعيين أوصياء قانونيين لحمايتهم، حيث أودعت السلطات 8 منهم لدى الطائفة الإسماعيلية التابعة للمفتي والتي وردت حولها بلاغات إساءة للأطفال وحرمان الفتيات من التعليم.

فيما نفت وزيرة الأسرة والضمان الاجتماعي “دريا يانيق” تسليم أيًا من أطفال الزلازل إلى طرف ثالث أو جمعية، معلنة أن تسليهم إلى مؤسسة لا يمكن أن يتم إلا بإذن من الآباء والوزارة لا تتدخل إلا في حالة وجود اعتداء. وهو ما ردت عليه يوجل مؤكدة أن موافقة الأهل لا تعني أن تتركهم الحكومة للاستغلال الديني، إذا ما كانت مصلحة الأطفال معرضة للخطر يجب أن تتدخل. 

إقرأ أيضا
الولادة القيصرية

في الوقت الذي تحركت فيه منظمات حقوقية متقدمة ببلاغات ضد تسكين أطفال الزلازل في مجتمعات دينية منغلقة، أشارت يوجل إلى أن إخضاعهم للتعليم الديني بدلًا من تعيين متخصصين نفسيين لرعايتهم بعد الصدمة التي مروا بها هو شكل من أشكال الإساءة، ونددت بصمت الحكومة عن إيضاح مصير الأطفال فاقدي الهوية أو الناجين مع ذويهم وأين تم تسكينهم. 

 

 

الكاتب

  • أطفال الزلازل إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
1
أعجبني
2
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان