“تيتسيانو فيتشيليو”.. كسر التابوهات وتمرد على التقاليد واصبح بطل الحرية في عصر النهضة

لنا في الرسم حكايات، ولكل لوحة قصة مختلفة، تمثّل حالة خاصة يعيشها الفنان، وبطبيعة الحال تحتاج القصص لمن يرويها، عدا تلك التي رسمها تيتسيانو فيتشيليو ، ذلك العبقري المبدع، الذي صور لنا في لوحاته قصص وحكايات لا تحتاج لراوي، فهي تنطق بحالها، وتعبر عن فحواها، فقط كل ما عليك هو أن تُلقي نظرة عليها، لتأخذك على الفور إلى عالم أخر ترى فيه كل القصة مجسدة أمامك، عالم تتنفس فيه هواء الحرية والإبداع، بعيدًا عن التابوهات والظلام.

اقرأ أيضًا 
الإنسان وجسمه

لنرى إذًا كيف تمكن “تيتسيانو فيتشيليو” من نشر فكر النهضة والحرية من خلال أعماله.

بدايةً .. ما هو عصر النهضة؟

ظهر مصطلح عصر النهضة لأول مرة في أوروبا مع بدايات القرن الـ 14م، وظل حتى منتصف القرن الـ17م، وكانت بدايته مع ظهور حرية الفكر وتجديده وكسر التابوهات المجتمعية، وقد بدأت تلك النهضة الحضارية من إيطاليا، وانتشرت إلى باقي أنحاء أوروبا، وتميّزت تلك الفترة بالانفتاح وتطوير الفنون، وخلق واقعية جديدة في تصوير ومحاكاة الطبيعة.

وقد قام الفنانون بعمل عدة دراسات مطولة للطبيعة الإنسانية، وركزوا في تلك الدراسات على الثيمات الدينية والميثيولوجية كموضوعات أساسية في إبداعاتهم، فظهرت لنا معظم أعمال فناني عصر النهضة وهي تغترف من حياة المسيح والعذراء، ويقوموا بإضافة بضع اللمسات التي تبرز جمال الطبيعة والأساطير.

أشهر أعمال تيتسيانو فيتشيليو

وقد كان تيتيان واحدًا من أشهر هؤلاء الرسامين الايطاليين، ظهر في القرن السادس عشر، وكان معلمه في الرسم هو الفنان العظيم “جيوفاني بليني”، وحقق تيتيان نجاحًا هائلًا، واستطاع أن يلفت الأنظار إليه في أوروبا بأكملها، فعمل لدي باباوات روما، وصار مطلوبًا لدى معظم ملوك أوروبا، وأشهرهم فرانسوا الأول، وشارل الخامس.

لوحة” الثلاثة أعمار”

تم رسمها عام 1513م، وتميزت اللوحة بألوانها الحيوية وامتزاج الألوان مع بعضها، وبرع تيتيان في توزيع الظل والنور، واهتم بتصوير الحركات الجسدية، ودقة في رسم طيات القماش وتعبيرات الوجه، ورسم الشخصيات في مقدمة الصورة حيث توحي بالعمق والبعد.

لوحة “الحب المقدس والحب الدنس”

تم رسمها في عام 1514م، ويقوم تيتيان في هذه اللوحة بتصوير امرأتين جميلتين تجلسان في الخلاء، إحداهما عارية وترمز إلى الحب الدنيوي الدنس، والأخرى ترتدي ثوبًا أبيضًا وترمز إلى الحب الطاهر.

لوحة “فينوس”

فينوس هي آلهة الحب والعشق عند الإغريق، وقع تيتيان في غرامها، وجعل منها بطلة لعدد كبير من أعماله، وأشهرها تلك اللوحة التي تحمل اسمها، وتظهر فينوس في تلك اللوحة وهي مستلقية عارية مثيرة، وأظهر تيتيان براعة في رسم التفاصيل الدقيقة، سواء في رسم طيات القماش أو توزيع الظل والنور، ورسم انحناءات جسدها بنعومة شديدة.

إقرأ أيضا

حوار مع الشاعرة آمار مصطفى…الكتابة للدراما تحدٍ كبير وأسعدني نجاح تتر بداية مسلسل مسار إجباري

لوحة “رفع السيدة العذراء”

كانت تلك اللوحة بمثابة وش السعد على تيتيان، فبعد أن رسمها صار هو الفنان الرئيسي للبلدة، وذلك على الرغم من أنها أثارت حولها جدلًا واسعًا، حيث أنها تُعد كسرًا للتقاليد من جهة استخدام الألوان الجريئة، ويمكن ملاحظة اللوحة في نهاية الكنيسة، جاذبة النظر نحو الفضاء المقدس للمذبح.

لوحة “اغتصاب أوروبا”

تدور أحداث اللوحة في إطار تاريخي، حيث تقدم هذه اللوحة مشهدًا كاملًا لما قبل اغتصاب الأميرة الجميلة أوروبا وما بعده، فنرى الإله جوبتير وهو يظهر في شكل ثور، ويقوم بخطف الأميرة ويحملها إلى كريت، ونرى ثوب أوروبا الفضفاض ووضعيتها التي تنم عن البراءة والاستسلام، وأيضًا يُعطيان إشارة واضحة للعنف الجنسي الذي سيحدث بعد ذلك.

كان تيتيان فنان عظيم، وأحدث ثورة في عالم الفن، وأنجز خلال مسيرته الفنية الطويلة الكثير من الأعمال العظيمة، التي رسّخت مكانته كأحد أبرز الرسامين في تاريخ الفن، وتميز أسلوبه بإبراز الألوان المبهجة، وبرع في تكنيك التدرج اللوني للون الواحد في أعماله الدينية، وتوزيع الظلال والضوء على أجزاء اللوحة وشخصياتها، واهتم بإبراز دواخل الشخصيات بأسلوب هادئ متميز أثناء عمل البورتريهات الشخصية، وتوفى تيتيان عن عمر يناهز الـ 85 عامًا.