10٬394   مشاهدة  

قراءة تاريخية .. جوابات المصريين للإمام الشافعي “الحقيقية وليست التي في فيلم صاحب المقام”

جوابات المصريين للإمام الشافعي
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تناول فيلم صاحب المقام ثقافة جوابات المصريين للإمام الشافعي من خلال قصة صاغها إبراهيم عيسى لها جذور تاريخية تعود إلى 285 عامًا وترعرعت أكثر خلال الـ 100 سنة الماضية.

ثقافة إرسال الخطابات من الأحياء للأموات ولماذا الإمام الشافعي تحديدًا ؟

جوابات المصريين للإمام الشافعي
جوابات المصريين للإمام الشافعي

ثقافة إرسال الخطابات إلى الأموات المُبَاركِين موجودة في الشعب المصري من قبل دخولهم الإسلام، ويؤكد ذلك البعثة العلمية التي زارت مصر خصيصًا عام 1965 بهدف قراءة برديات قديمة كانت عبارة عن خطابات من الفلاحيين إلى أوزوريس «رئيس محكمة الموتى»، وحلل هذه الرسائل عالم الآثار البريطاني ألان جاردنر، والمؤرخ الفرنسي جاك بيرك.

المؤرخ الفرنسي جاك بيرك، عالم الآثار البريطاني ألان جاردنر
المؤرخ الفرنسي جاك بيرك، عالم الآثار البريطاني ألان جاردنر

جاك بيرك في جريدة الإهرام عدد 17 يناير 1965 م قال رأيه بشأن رسائل قدماء المصريين لأوزوريس «رسالة الحي إلى الميت تعبر عن قلق غريب وامتداد تلك العادة عبر آلاف السنين في المجتمع المصري رغم الأديان السماوية التي مرت بها ليس فيها من الجهل بقدر ما فيها من تعبير طبيعي نحو قديس له في نفوس المصريين مكانة عظيمة».

اقرأ أيضًا 
“أنا شيء ؟!” قراءة صوفية لديالوج مشهد محمود عبدالمغني في فيلم صاحب المقام

كذلك فإن ثقافة إرسال الخطابات للأموات لا تخص المسلمين فقط في مصر، بل الأقباط أيضًا يفعلونها في طافوس (قبر) أي أبٍ من الآباء السواح (لقب يساوي عند المسلمين قطب صوفي)، ويؤكد على ذلك مثلاً الخطابات والمراسلات التي يقوم بها الشعب القبطي مع البابا كيرلس السادس في طاحونته.

قبر الإمام الشافعي
قبر الإمام الشافعي

أغلب أولياء الله يراسلهم جمهور لا بأس به من المسلمين المصريين، لكن الإمام الشافعي وحده هو الذي يتصدر قائمة الأكثر من حيث إرسال الخطابات لأسباب تاريخية ودينية وشعبية لها صلة كبيرة بالشعب المصري.

أول الأسباب التي ميزت الإمام الشافعي عند المصريين أن له ارتباط وثيق بأهم رمزٍ من رموز آل البيت المدفونيين في مصر وهي السيدة نفيسة التي كان الشافعي تلميذًا لها فأعطته من محبة المصريين لها، أما ثاني الأسباب أن الشافعي طور من مذهبه فجعله فقهًا مصريًا يناسب المصريين الذين انقسموا إلى أحناف ومالكية، فيما يجيء السبب الثالث وهو عشق الشافعي لمصر والمصريين

غير أن هناك سبب رابع جعل الشافعي مميز عند المصريين لدرجة فاقت اللامقبول دينًا وعقلاً، إذ اعتبره الأكثرية هو رئيس المحكمة الباطنية التي تفصل بين الأحياء والأموات، وهو الشيء الذي استرعى اهتمام الدكتور سيد عويس «المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر ووضع دراسةً حول تلك الثقافة.

أول توثيق لثقافة جوابات المصريين للإمام الشافعي

قبة ضريح الإمام الشافعي
قبة ضريح الإمام الشافعي

لعل أقدم توثيق لفكرة جوابات المصريين للإمام الشافعي وشفاعته لهم موجودة داخل الجزء الأول من كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤرخ عبدالرحمن الجبرتي، حيث ذكر في أحداث يوم الأربعاء 14 ذي الحجة عام 1147 هجري، الموافق 7 من شهر مايو سنة 1735 م، أن شائعة سرت في المصريين تقول أن القيامة ستقوم يوم الجمعة 9 مايو 1735 م ولما لم تقم سرى اعتقاد أن القطب الصوفي السيد أحمد البدوي ونظيره الشيخ إبراهيم الدسوقي توجها بصحبة الإمام الشافعي إلى الله سبحانه وطالبوه بتأجيل يوم القيامة وقَبِل الله شفاعتهم.

جوابات المصريين للإمام الشافعي على مدار نصف قرن

ضريح الإمام الشافعي
ضريح الإمام الشافعي

في 10 مايو من عام 1958 الموافق 21 شوال لعام 1377 هجري نجح الدكتور سيد عويس في الحصول على 163 خطابًا من جوابات المصريين للإمام الشافعي وسلمهم إياه الشيخ علي محسن حارس الضريح والقائم على صندوق النذر والخطابات.

إقرأ أيضا
الشاعرة جليلة رضا
الدكتور سيد عويس
الدكتور سيد عويس

درس الدكتور سيد عويس الرسائل لمدة 6 سنوات وكتب فيها كتاب ظاهرة إرسال الرسائل إلى ضريح الإمام الشافعي، وسجل عليها ملاحظات عامة، منها أن الرسائل من 80 رجلاً و 80 امرأة والبقية بين أطفال أو مفقدوي الهوية، وأغلب الذين أرسلوا الرسائل من محافظات الوجه البحري؛ والأشخاص المشكو في حقهم 211 شخص (67 امرأة و 144 ذكرًا) وتم التصريح باسم 88 شخصًا منهم.

رسالة من المحلة تطلب الانتقام من الذي قام بتسميم جاموسة
رسالة من المحلة تطلب الانتقام من الذي قام بتسميم جاموسة

كان أقدم خطاب يعود إلى نوفمبر 1925 م أما الـ 163 خطاب فكلهم بين 1952 و 1958 م؛ وأكثر الشهور المرسلة فيه الخطابات هو شهر رمضان.

رسالة من قنا تشكو الفقر والسرقة
رسالة من قنا تشكو الفقر والسرقة

من حيث صيغ الرسائل كمُرْسَل إليه فإن 71 خطابًا تم توجيههم إلى الإمام الشافعي شخصيًا بألقاب فيها توقير مثل السيد والشريف وقاضي الشريعة، حضرة صاحب السيادة، حضرة مولانا، بينما هناك 51 خطابًا موجهين له بدون ألقاب، بينما هناك 29 خطابًا لإمام الجامع، أما بقية الخطابات فهي موجهة إلى الضريح والمقام والصندوق دون شخص الإمام الشافعي.

من رسائل الناس للإمام الشافعي
من رسائل الناس للإمام الشافعي

أما موضوع الخطابات فتنوعت بين الشكوى من الظلم وسرقة الأموال وقطع الأرزاق وإزالة إسرائيل والزواج والصلح وفك السحر إلى غير ذلك، بينما المطالب فتنوعت بين حل مشكلة ما أو طلب للإنتقام ولوحظ أن أكثر الطلبات هي للانتقام.

الكاتب

  • جوابات المصريين للإمام الشافعي وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
30
أحزنني
9
أعجبني
28
أغضبني
8
هاهاها
12
واااو
5


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)
  • شكرا على المقال الممتع
    ولكن انا عندي ملحوظة … جدي الشيخ على محسن رحمة الله لم يكن حارس الضريح وصندوق النذور كما هو مكتوب
    الشيخ علي محسن كان شيخ الامامين الشافعي والليثي ابا عن جد وهو مدفون وعائلته بغرفة داخل مسجد الإمام الشافعي

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان