همتك نعدل الكفة
1٬267   مشاهدة  

حادثة المنصورة.. هل سببها الكبت الجنسي ولا إحنا بنكره الستات؟

حادثة المنصورة
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



فتاة حادثة المنصورة لا هي أول ولا أخر أنثى تعيش هذا الرعب، رعب يستحيل شرح أو وصف كيفية تحمله لفترات طويلة تصل إلى “الحياة شكلها كده”، قليل قوي من الذكور اللي ممكن يحسوا الشعور ده.. فهاحاول أوصفه ليهم بتذكيرهم بأيام المدرسة، فاكر لما كانت الصدفة بتقودك أنك تعدي في طرقة ولا باب في نفس اللحظة اللي بيعدي فيها المدرس أبو أيد طرشة؟

أيوه.. إحساس أن اللي معدي جنبك ده ينفع يمد أيده عليك ويألمك ومش هتعرف تعمل حاجة ولا تدافع عن نفسك ولا تشتكي لحد.. وواثق تماما أن مهما حصل فيك الكل هيتعامل مع الواقعة بشكل عادي جدا ويستحيل حد هيحاسب المدرس أو يعاقبه ولا حتى هيلومه.. بالعكس ده أنت اللي غالبا هتواجه لوم والاتهام بأنك أكيد عملت حاجة خرجته عن شعوره وخلته يضربك.

كل ده بنحسه في اللحظة اللي بنعدي فيها من جنب المدرس أو الآسطى أو الأب أو أي حد له السلطة المجتمعية-القانونية للاعتداء الجسدي علينا، تصور بقى أن الشعور الرهيب ده كل أنثى في مصر عايشة به طول الوقت وبقى خلاص جزء من تكوينها النفسي.

حادثة المنصورة

أصبح السائد النهارده في المواقف من النوع ده هو لوم الضحية، أكيد أنت عملت حاجة ضايقته، فبقى الأغلبية يدوروا على أي تفصيلة تلام بيها الأنثى؛ كانت لابسة إيه.. كانت ماشية فين.. هي الساعة كانت كام.. كانت مع مين.. إلخ، وكل حالة ليها تهمة جاهزة.. ووارد جدا تتعارض مع التهمة بتاعت الحالة اللي قبلها أو اللي بعدها، ماشية لوحدها فتبقى نازلة عشان تتشقط.. ماشية مع واحد أو أكتر فتبقى شبهت نفسها.. مجموعة بنات مع بعض يبقوا نازلين يتسرمحوا… إلخ.

وطبعا المزايدة برضك لا تنتهي ومالهاش حد؛ لابسة قصير تبقى شمال.. لابسة طويل يبقى محزق.. لابسة واسع تبقى ماشيتها مش مظبوطة لابسة نقاب تبقى كاشفة عينها… إلخ، أنا شخصيًا لي أخت -الله يرحمها- بتلبس النقاب استايل “الملحفة” من سنة 90.. وإلى أن توفاها الله سنة 2015 لم تسلم يوم من المعاكسات الفجة والوقوف لها بالعربيات والمشاورة ليها بالفلوس أو بالأعضاء التناسلية للسيد قائد المركبة.

حادثة المنصورة

لو جينا نتكلم بالمنطق كده ونستخدم راسنا في نشاط مختلف غير الحلاقة هنلاقي أن تبرير التحرش بلبس الضحية مش منطقي خالص، وأن الكلام عن عدم ملائمة ملابس معينة لمناطق معينة هو حق يراد به باطل، أه طبعا لبس ملابس معينة في أماكن معينة فيه خطورة على اللي لابساه بس الخطورة مصدرها مش اللبس إنما غياب الأمن في المنطقة دي، وكمان زي ما قلنا مافيش واحدة بتسلم من التحرش مهما كان لبسها أو حتى سنها من أول الرضيعة حتى القواعد من النساء.

فمن الأخر انتشار الظاهرة وتكرار الحوادث مرتبط بانتشار ثقافة “لوم الضحية” اللي بتوفر مظلة مجتمعية للمتحرش، فبيبقى ضامن إنه لن يلام مجتمعيا بل على العكس هيتم الدفاع عنه.. وده بشكل أو أخر بيوفر له فرصة كبيرة جدا للإفلات من العقاب القانوني.

حادثة المنصورة

ماحدش ينكر أن الجنس من الغرائز الأساسية زي (الأكل والشرب)، وبرضك ماحدش يقدر ينكر أن بحكم معدلات الفقر في البلد فالجوعى والعطشى ماليين الشوارع ومع ذلك ماحدش بيهجم على محلات الأكل والشرب ذات الواجهات الزجاجية ويسرق ما يسد جوعه أو عطشه أو حتى يحميه من البرد. وأي حد هيعمل كده هيتعامل كلص.

حادثة المنصورة

لو عايزين نبقى منطقيين ونعالج المشكلة فعلا خلونا ندور على نقطتين مهمين أو نجاوب على سؤالين مهمين:
ليه بنكره الستات؟ إيه المنطق في لوم ضحية التحرش؟

كراهية الأنثى مرض مجتمعي هو ابن الأديان الإبراهيمية، المبنية على أسطورة آدم وحواء واعتبار الأنثى هي المسؤولة عن إقناع آدم بالأكل من الشجرة المحرمة ومن ثم الطرد من الجنة إلى الشقاء الأرضي، مش هتناقش في صحة القصة من عدمها ولا هانسحب لأرضية الإيمان والكفر، لكن هتسائل ببساطة.. لما يتم لوم حواء لى اقتراحها ولا يلام آدم على قراره أو على إنقياده؟؟

إقرأ أيضا
محمد صلاح

منطق أو مرجعية لوم الضحية متوفر عند الديانات الثلاثة فاليهودية تفترض خلق الأنثى من القاذورات وفي المسيحية يكفي الرجوع لرسائل القديس بولس، وفي الإسلام تتوفر أكتر من آية وحديث للحط من شأن الأنثى وشيطنتها.. فهن “ناقصات عقل ودين” كما قال نبي الإسلام، كمان النص القرآني منح قيادة الأسرة للزوج وأمر الزوجة بطاعة الزوج وأعطى له حق في عقابها بدنيًا حسب الآية 34 سورة النساء.

ويتجلى عداء رجال الدين للإناث في تفسير الشيخ متولي الشعراوي للآية 31 من سورة النور، واللي تجاهل فيه تماما أسباب النزول وأدعاءه إن الفرق المقصود هو بين المحترمة وبين من تعرض نفسها لإثارة الرجال. في حين المذكور في كافة كتب التفاسير وأسباب النزول كان الغرض هو التفريق بين الحرة والجارية عند خروجهم لقضاء حاجتهم في أطراف المدينة.

YouTube player

في الواقع أن الأرتكان على الأسطورة المثيولوجية نفسه واهي وغير منطقي؛ إنما السبب الرئيسي هو تحول قديم جدا في نمط حياة الإنسان وانتقاله من نمط أمومي مجتمعيا مشاعي اقتصاديا يعتمد إنتاجيا على الجمع والالتقاط إلى نمط أبوي “بطرياركي” قائم على الملكية اقتصاديًا يعتمد على الإنتاج الزراعي. مع النقلة دي تطورت أديان سائدة لتعظم دور الرجل وتهمش دور الآنثى.. ثم ظهرت أديان جديدة تشيطن الآنثى وتدنس الجنس خارج إطار الزواج “كانت الأسرة موضة جديدة”، ويمكن مراجعة المراحل دي وتطورتها باستفاضة في كتاب “قصة الجنس عبر التاريخ” للباحثة “ري تاناهيل” وترجمة إيهاب عبد الحميد.

حادثة المنصورة

ختاما.. اللي عايز بجد يتعالج يلزمه خطوات محددة ومعروفة:

  • يعترف إنه مريض.
  • يواجه أسباب المرض مش يكتفي بالمسكنات وإخفاء الأعراض.

الكاتب

  • حادثة المنصورة رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
43
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان