رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
262   مشاهدة  

حبوا بعض !!!

حبوا بعض


“بيشوي ….” ظهر هذا اسم هذا الكابتن في واحد من تطبيقات المواصلات  (توصيل المشاوير) على هاتف شقيقتي قبل أعياد الميلاد المجيدة بأسبوع،  أخبرت شقيقتي بأن علينا أن نهنئه بالعيد، فوافقت مبتسمة ومؤكدة على رأيي وقالت : أنا بحب المسيحيين أوي.

كان الشاب غاية في التهذيب، لم يتحدث طوال الرحلة، وكم أحب هذا السكون والهدوء في رحلات تلك التطبيقات، أضع سماعاتي في أذنيّ وأراقب الطريق في صمت.

حبوا بعض

وصلنا إلى الوجهة المطلوبة وكان المبلغ المطلوب 35 جنيهًا، أعطيناه 50 وهنئناه بمناسبة أعياد الميلاد المجيد ونحن في انتظار الباقي بعبارة بسيطة : كل سنة وانت طيب، ارتبك الشاب وسكت لثوان، ثم قال وهو يقدم لنا باقي ال 50 جنيها : وانتم طيبين ربنا يكرمكوا، كان الباقي الذي أعطاه لنا 25 جنيها، أخبرناه أن المتبقي هو 15 فقط، فقال وهو يبتسم بمرارة : معلش أصل كل سنة وانت طيب دي دوختني، هنئناه مرة أخرى ثم مضى في طريقه، وترجلنا أنا وشقيقتي، التي أخبرتني أنه كان سعيدًا جدًا بتهنئتنا له، ابتسمت في خجل وأنا ألعن المسلمين المتطرفين في نفسي.

في حوار مع صديق ملحد قال : قلتلك مابحبش الأكل البايت، وحين سألته لماذا أخبرني بذلك، قال : أفكار اتعملت عشان تتاكل امبارح يبقى تتاكل امبارح و لو اتسخنت تبوظ هى لازم تتاكل كده، ايه جبرنى اكلها ماعمل فريش، وياريتها افكار حتى، مجرد كلام مرسل مالوش اى فايدة غير عند اللى مقتنع بيه يعنى ذاتى كمان مش موضوعى، فالواحد فعلا دماغه ارتاحت، كان ردي : في ناس الاكل البايت عندها غية، انا واحدة من دول بحب الاكل البايت جدا، مش كل حاجة تحبها مفروض كل الناس تحبها، قال : انا مقلتش حد يحبها، بس اللى بيحبوها بيرغموا اى حد انه ياكلها معاهم، قلت : أيوه انا مبرغمكش روح قول ده للي بيرغموك مش ليا أنا، وده رأيك انت انه كلام مرسل مالوش اي فايدة غير عند اللي مقتنع بيه، متجيش تقول لحد مقتنع بحاجة ان الحاجة دي كلام فارغ خصوصًا وهو بيحترم أفكارك أيًا كانت، ومتقبل اختلافك عنه أيًا كان !

حبوا بعض

مُربكٌ حقًا أن تضطر لإهدار نصف عمرك مُحاربًا بقلمك لأجل حق بديهي وتافه جدًا لم يكن بحاجة لهذا العراك الطويل، كحق تعلم تقبّل الآخر كما هو بشخصيته واهتماماته ومعتقداته وأفكاره وميوله ورغباته وطريقته الخاصة في العيش والتفكير، محزنٌ جدًا أن تضطر للصراخ طوال الوقت بأنك انسان وهو انسان، وليس شرطًا أن يؤمن بدينك أو بأفكارك، وليس شأنك بمَ يؤمن أو يفكر، مُجهدٌ جدًا أن تظل تنادي بأن الإكراه ليس هو الإرغام المباشر لاتباع مُعتقدات محددة، بل أن حتى اختلاف التعامل وعدم تقبلك للآخرين المُختلفين عنك وحرياتهم وحقوقهم هو صنف حقير من الإكراه، مُرهقٌ أن تغدو وتمسي تهتف أن الناس قناعات، وأنهم وكل قناعاتهم التي يظنون أنها حق ليست وليسوا مسطرة للكون، قاسية فكرة أن تكون إنسانًا سويًا لاعتقادك أن اضطهاد أي إنسان وسلبه حقه في الحياة وانتهاك خصوصيته هو شئ مقيت وبغيض، وتُقابل بالخصومة والشقاق، مُضني أن تحترم الآخر الذي مهما ادعى من اعتدال وتسامح لا يحترمك، أن يصبح حقًا مشروعًا له إهانتك وإهانة معتقداتك، لأنك محسوب من زمرة المختلفين عنه، وإن كنت تلعنهم في نفسك !!

إقرأ أيضا
الكتابة والتدخين

تبدأ الكراهية من التلقين بأن الآخر ومن لا يشبهك ضال منحرف لا يستحق الحياة، تبدأ الضغينة بأنك الوحيد الذي وُهب الحقيقة !!، “يكفي أنك انسان”، تلك العبارة البسيطة عسيرة الفهم جدًا على عقليات موبوءة بالكراهية والتعنصر.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان