همتك نعدل الكفة
3٬303   مشاهدة  

حمدي الوزير..خلّده صلاح جاهين في رباعية وهمشته السخرية الوقحة

حمدي الوزير


تجتاح السخرية البغيضة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تهشّم القيّم وتفرغ المعاني من مضامينها، دون عقل أو تفكير مسبق، وفي النهاية تخلق واقعًا مزيفًا وبغيضًا مغايرًا للقيمة أو الثابت الصحيح الراسخ، وفي بعض الأوقات تسلخ السخرية وقائع تاريخية من سياقها فتصغر في نفوس الجمهور، فمنذ أيام سخرت كثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من أحد مشاهد مسلسل “الشهد والدموع” سيناريو الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، وهو موت “زينب” بمرض الضغط، وهو ما طغى على واقع اجتماعي كان من تفاصيله أن كثير من أفراد المجتمع مصابين بمرض ضغط الدم وكان مرضًا مرعبًا يودي بحياة الناس، وينغص مستقبلهم في حياة صحية جيدة.

وهو ما أورده  أديب نوبل نجيب محفوظ في ثلاثيته الشهيرة، في إصابة “السيد أحمد عبد الجواد” بالضغط ومرض القلب ،وقربه من الموت وخوف عائلته على حياته.

أما الشخصيات التي هشمتها وحجمتها وقلصت من إنجازها الفني، فكان الفنان حمدي الوزير، الذي أصبح موضعًا للسخرية في مواضع عدة نتيجة لشخصية “فيومي أبو ركبة” جسدها في فيلم “قبضة الهلالي” في أوائل التسعينات.

زيفت سخرية الجمهور التفصيلة التي أضافها الفنان حمدي الوزير لشخصية “فيومي أبو ركبة” وهي النظرة الشهيرة التي روج لها كونها “نظرة تحرش” للفنانة ليلى علوي، ثم علا موضع السخرية منها بعد أن روج أنها للفنان يوسف منصور، رغم أن “الوزير” حكى تفاصيل المشهد، وقال، إنها ملمح أضافه للشخصية اقتبسه من أحد “المذنبين” الذين شاهدهم في قسم الشرطة، وكان يبدو عليه اللامبالاة بعواقب ارتكابه لجريمته، ويتعامل مع الموقف بسلبية وتبلد.

بدون قصد أو بقصد، أفقدت السخرية الفنان حمدي الوزير جهده الفني، وقلصت من ثقله كممثل جسد شخصيات متنوعة وعديدة سواء في الدراما أو السينما، كما تعاون مع مخرجين كبار أمثال، عاطف الطيب، محمد خان، حسين كمال، سعيد مرزوق، فضلًا عن الفنانين الكبار الذين شارك معهم في تلك الأعمال، أمثال، محمود ياسين، عادل إمام، أحمد زكي، نور الشريف، يسرا، ليلى علوي، نبيلة عبيد، فريد شوقي.

حمدي الوزير

في طفولته 8 سنوات، شهد الفنان حمدي الوزير  عام 1956وقائع اعتداء العدوان الثلاثي وتدمير محافظته بورسعيد، فهاجر منها إلى مطرية الدقهلية ببحيرة المنزلة. وفي عام 1976 انضم إلى منظمة سيناء العربية، بل ترك دراسته انضم إلى القوات المسلحة كأصغر مجند في مدرسة المهندسين العسكريين تحت قيادة الشهيد أحمد حمدي.

أثناء التحاقه كـ”عريف” في القوات المسلحة، عُين في وزارة الإسكان، وبعد خروجه انتدبه سعد الدين وهبة للعمل في وزارة الثقافة،وقت أن كان مخرجًا مسرحيًا، لكنه فوجئ بإلغاء انتدابه، فسافر من بورسعيد للقاهرة للـ”خناق” مع سعيد الدين وهبة الذي لم يكن على علم بإلغاء الانتداب، لعدم معرفته الاسم الحقيقي لحمدي الوزير الذي كان “أحمد السيد أحمد الوزير”.

حمدي الوزير

 التمثيل لم يكن في الحسبان

بدأ الفنان حمدي الوزير مشواره الفني مخرجًا مسرحيًا، لم يكن التمثيل في حسبانه، سافر خارج مصر وتدرب ودرس الإخراج المسرحي في ورش عديدة.

في فترة الثمانينات كان الفنان حمدي غيث مسؤلًا عن قطاع الثقافة الجماهيرية، فكلف حمدي الوزير بإخراج أمسية “مدد يا قناوي” التي كان مؤلفها والد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، وعُرضت على سلم مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي، ثم مسجد أبو الحجاج في الأقصر، وغنى فيها شقيقه “الخال” أيضًا الشاعر الراحل كرم الأبنودي من ألحان عبده إسماعيل وعزت حتة.

على مقهى بوسط البلد بالقاهرة، كان يجلس الفنان حمدي الوزير رفقة الناقد الفني سامي السلاموني، والتقوا بحسين حلمي المهندس الذي عرض على حمدي الوزير فرصة التمثيل، ولم تسنح الفرصة لـ”الوزير” أن يكون مشاركًا في فيلم”العمر لحظة”، لتمر الأيام ويلتقي بالمخرج الراحل محمد خان في منزل السيناريست بشير الديك.

حمدي الوزير

تعرف “خان” على حمدي الوزير كمخرج مسرحي، لكنه ألح عليه المشاركة في فيلم “الثأر”1982 وبعد تردد، وافق حمدي الوزير وحصل على جائزة على دوره في الفيلم، ثم شارك في ثلاثة أفلام في نفس العام “سواق الأتوبيس” لعاطف الطيب، “العوامة رقم70″ لخيري بشارة، و”المحاكمة” لنادر جلال.

في فيلم “التخشيبة” إخراج عاطف الطيب، 1984،  جسد حمدي الوزير شخصية “كمال الوزير” الذي يعتدي جنسيًا على الفنانة نبيلة عبيد، وتقتله في النهاية.

بعد أيام قليلة من العرض الأول للفيلم في قاعة “الوزير”، نال حمدي الوزير إشادة النقاد وحفاوة الجمهور، مما أجبر صُناع الفيلم على تغير موضع إسمه على أفيش الفيلم المطروح في شواراع القاهرة، فحل ثالثًا بعدما كان ترتيبه خامسًا.

حمدي الوزير

شارك حمدي الوزير في أفلام سينمائية مع نجوم كبار في مسيرته التي تحول فيها من مخرج مسرحي إلى ممثل، فقدم مسلسل “رأفت الهجان”، فيلم “الحريف”، فيلم “الهلفوت”، و مسلسل “هي ودافنشي” وأعمال أخرى قدم فيها تنويعات مختلفة لشخصيات خارج الإطار الذي فرضته عليه السخرية البغيضة، فجسد شخصية “الكمساري”، “الضابط”، “اللص”، “الشاب المكافح” وغيرها من الشخصيات التي قدمها على خشبة المسرح.

حمدي الوزير

وأكد حمدي الوزير على أنه لم يشارك مع المخرج الراحل يوسف شاهين، كما هو  مدون على صفحات بعض المواقع الصحفية، بل التقى به في اعتصام المثقفين فترة الثمانينات بنقابة السينمائيين اعتراضًا على قانون إختيار النقيب، فاختار “شاهين” بعض الصور والمشاهد من الاعتصام ووضعه في مقدمة فيلم”إسكندرية كمان وكمان”.

إقرأ أيضا
الصحافة

حمدي الوزير

رباعية صلاح جاهين

سافر الطفل حمدي الوزير ذو الـ15عامًا من محافظة البورسعيد للقاهرة، بعد أن عاش وفي هو سن الثامنة وقائع اعتداء العدواني الثلاثي على مدينته، وتهدم منازلهم.

دون علم والده، الذي جمعته به علاقة محبة ومساحة من الحرية سهلت عليه العمل في الفن دون اعتراضات ومواجهات أسرية، خرج “أحمد سيد أحمد الوزير” من بورسعيد إلى القاهرة ليعمل في توزيع الجرائد، وفور وصوله للقاهرة اشترى بكل ما يملك من أموال كتبًا من سور الأزبكية بالعتبة.

التقى في تلك الفترة، حسبما حكى في حواره لمجلة “أخر ساعة” 2018، بالشاعر الراحل سيد حجاب الذي كان صديقًا لوالده، وخوفًا من أن يفشي سره لوالده، أطلعه على الطريقة التي ترك بها منزلهم قاصدًا القاهرة.

اصطحبه “حجاب” لجلسة في شقة بجامعة الدول العربية، كان حضورها الشعراء، عبد الرحمن الأبنودي، صلاح جاهين، صلاح عبد الصبور، أمل دنقل، بالإضافة إلى الفنانين كمال الطويل، سعاد حسني وغيرهم.

صمت حمدي الوزير يستمع فقط، وإذا بالشاعر صلاح جاهين، يرمي بورقة تجاهه “خدي دي يا ولد، ده إنت”، فيقرأها ليجد رباعية ” أنا شاب لكن عمري ولا ألف عام.. وحيد لكن بين ضلوعي زحام.. خايف لكن خوفي مني أنا.. أخرس لكن قلبي مليان كلام”.

حمدي الوزير

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
21
أحزنني
0
أعجبني
7
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
4


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان