رئيسة التحرير
رشا الشامي
همتك نعدل الكفة
28   مشاهدة  

خفض العلاج الكيماوي.. “هرمل للأورام” بين مطرقة الخصخصة وسندان المرضى

هرمل للأورام
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تفاجأ مرضى مستشفى أورام دار السلام (هرمل)، خلال الفترة الماضية، بتوجيهات الإدارة الجديدة بفتح ملفات جديدة من البداية خاصة بعد تغير”ختم المستشفى”، وبالتالي إعادة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، جاء ذلك بعد نقل تبعية المستشفى إلى مجموعة “جوستاف روسيه” الفرنسية؛ في إطار خصخصة المستشفى وتحويله لأول فرع للمعهد الفرنسي خارج فرنسا.

هرميل للأورام
هرميل للأورام

وكتب عدد من المرضى وذويهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن مستوى الخدمات الطبية تراجع بشكل ملحوظ بالتزامن مع التغييرات الإدارية المفاجئة، مشيرين إلى أن بعض الجلسات الكيماوية تستغرق أكثر من أربع ساعات انتظارًا بسبب نقص التمريض، إذ يتولى ممرض واحد متابعة عدد كبير من الحالات، كما أكد  المرضى أن الإدارة امتنعت عن ختم التقارير الطبية بحجة تغيير الأختام، في خطوة اعتبروها محاولة لتطفيش المرضى.

خفض العلاج الكيماوي وتأخر تقديم الخدمات الصحية في مستشفى هرمل يثير أزمة كبرى

وهو ما أكده الدكتور “محمود فؤاد” رئيس هيئة الحق في الدواء لموقع” الميزان”، إذ كشف عن وجود أزمة كبيرة في تقديم خدمات العلاج على نفقة الدولة للمرضى المصابين بالأورام، خاصة في مستشفى هرمل للأورام، موضحًا أن الأزمة بدأت منذ نحو تسعة أشهر عندما أعلنت وزارة الصحة لأول مرة التزامها بتطبيق تعليمات صندوق النقد الدولي في خفض نفقات الصحة.

وأشار إلى أن القصة بدأت في 6 فبراير 2025، حينما وقّعت وزارة الصحة عقد شراكة مع شركة “إليفيت” – الشريك الحصري لمعهد جوستاف روسيه – لمنحها حق إدارة وتشغيل وتطوير “هرمل”، مقابل حصول الوزارة على 3% من إيرادات المستشفى في السنوات الخمس الأولى، وترتفع إلى 5% بعد ذلك، كما ينص العقد على تخصيص 70% من أسِرَّة المستشفى لعلاج مرضى الأورام على نفقة الدولة أو ضمن التأمين الصحي، مقابل 30% تخصصها الشركة لتقديم خدماتها بأسعار استثمارية.

هرميل للأورام
هرمل للأورام

وأضاف رئيس هيئة الحق في الدواء أنه بعد دخول العقد بند التنفيذ والتشغيل، وُجد أن العقد تضمّن بنودًا مثيرة للجدل، من بينها أحقية الشركة في تحرير عقود جديدة مع الإداريين والأطباء وفقًا لاحتياجاتها، مع إعادة توزيع “الفائض” من العاملين على أماكن أخرى، ما يفتح الباب أمام الاستغناء عن ما يقارب 75% من القوى العاملة. هذا البند، يهدد استقرار الطواقم الطبية ويؤدي إلى تدهور جودة الخدمات.

كما يمنح العقد أيضًا الشركة حرية تقليل ساعات العمل وعدد المرضى، وهو ما انعكس سلبًا على الخدمات المقدمة للمرضى، كما حدث مع أزمة ختم التقارير وتعطيل قرارات العلاج.

وأشار “فؤاد” إلى أن وزير الصحة أصدر قرارًا بتقنين العلاج على نفقة الدولة، من خلال هذا المشروع لكن التطبيق العملي كشف عن مشكلات عدة، وأوضح أن القانون الصادر من مجلس الوزراء ينص على إشراك القطاع الخاص في تقديم الخدمات الصحية من خلال عقود تشغيل مع شركات مثل شركة “إيلفت” — التي يمتلكها صاحب مركز “أشعة النيل” — والتي حصلت على عقد لتشغيل مستشفى هرميل للأورام مقابل أن تحصل الدولة على نسبة 5% فقط.

هرمل للأورام
الدكتور خالد عبد الغفار

واستكمل أن مستشفى هرميل للأورام، الذي كلف الدولة المصرية أكثر من 230 مليون جنيه، كان من المفترض أن يقدم خدمات علاجية متكاملة مجانية للمرضى بنسبة 100%، إلا أن التعاقد مع الشركة الخاصة خلق أزمات متكررة، حيث بات المرضى يقفون في طوابير طويلة خارج المستشفى لعدة ساعات دون الحصول على الخدمة، في ظل غياب رقابة حقيقية من الحكومة.

توقف استقبال الأطفال المرضى 

وأضاف  رئيس هيئة الحق في الدواء  أن مستشفى هرميل توقف عن استقبال الأطفال المرضى،  وتحويلهم إلى المعهد القومي للأورام، مشيرًا إلى أن المرضى يضطرون للانتظار حتى الساعة الثالثة عصرًا كنوع من  التطفيش كما  حدث في 16 أبريل الماضي، حين مُنع المرضى الذين يتلقون العلاج على نفقة الدولة من دخول المبنى، وأجبروا على الانتظار في الشارع تحت أشعة الشمس لأيام دون توفير أي وسائل راحة، رغم قدوم بعضهم من محافظات بعيدة. وبعد احتجاج المرضى وقطع الطريق أمام المستشفى، اضطرت الإدارة لقبول 50 حالة فقط يوميًا، في ظل تقليص ساعات العمل وإلغاء نظام العمل على مدار 24 ساعة.

هرميل للأورام
تجمع المرضى أمام مستشفى هرمل للأورام

وانتقد رئيس هيئة الحق في الدواء أداء البرلمان في هذه الأزمة، مؤكدًا أن القوانين تُمرر دون مناقشة حقيقية، وهو ما يفرغها من مضمونها الرقابي، إذ وافقت اللجنة الصحية بمجلس النواب على مشروع قانون يتيح للقطاع الخاص إنشاء وإدارة المنشآت الصحية الحكومية، وأكد أن القانون لم يكن القانون مدرجًا على أجندة البرلمان، إذ قُدم قبل أسبوع فقط من مناقشته في 16 أبريل، ليتم إقراره بعد مناقشات استغرقت يومين فقط في 20 و21 أبريل.

وأوضح أن  الهيئة تؤدي دورها كمراقب مجتمعي فقط، لكنها لا تملك صلاحية التدخل المباشر لحل مشكلة القانون الذي أثار غضبًا واسعًا بين المواطنين والمنظمات الحقوقية، وفي مقدمتها نقابة الأطباء، التي اعتبرت أن القانون بمثابة خصخصة صريحة للقطاع الصحي تهدد حياة محدودي الدخل، مشيرًا  إلى أن القانون لا يضع أي قواعد لتحديد المستشفيات المطروحة للاستثمار، ولا يضمن التزام المستثمرين بمعايير العلاج لمرضى التأمين الصحي ونفقة الدولة.

يُذكر أن القانون الذي نُفذ بموجبه مشروع تشغيل مستشفى هرميل شمل 17 مستشفى حكوميًا، من بينها مستشفى العجوزة، وهليوبوليس، ومبرة المعادي، ومستشفى أورام دار السلام (هرمل). لكن الضوء سُلط على هرميل الذي طُرحت في أول مراحل التشغيل بسبب الأزمات المتكررة التي أثارتها عملية التشغيل، والتي جعلت المرضى يعانون في صمت، وسط غياب واضح للحلول الجذرية.

قانون يفتح الباب للخصخصة

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد مستشفيات القطاع الحكومي 664 مستشفى عام 2021، مقابل 662 مستشفى عام 2020. لكن القانون الجديد يسمح بتحويل هذه المستشفيات إلى أداة استثمارية للقطاع الخاص، في ظل غياب ضمانات حقيقية لحماية المرضى.

إقرأ أيضا
البابا شنودة

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وصفت القانون بأنه “تسليع للخدمات العامة”، مؤكدةً أنه يمثل انحرافًا عن مسار تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل، إذ يمنح المستثمرين الجدد حق إبقاء المستشفيات خارج منظومة التأمين الصحي.

وهو ما أكده منسق حملة “مصيرنا واحد”، وعضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق، أحمد حسين، الذي شبّه ما يحدث بقانون الإيجار القديم، معتبرًا أن الدولة أصبحت مجرد مالك اسمي، بينما المستفيد الفعلي هو المستثمر، وطالب حسين الحكومة بمراجعة العقود، وإلزام المستثمرين بأولوية صحة المرضى، وتقديم الخدمات بشكل مستمر.

قصة مستشفى “هرمل” تكشف جانبًا مظلمًا في خصخصة الصحة، أرباح للمستثمرين ومعاناة للمرضى، تدهور مستوى الخدمة وتعطيل قرارات العلاج على نفقة الدولة، ما هو إلا عرضٌ لمشكلة أعمق، تحتاج إلى مراجعة شاملة وحماية حقيقية للمرضى قبل أي اعتبارات استثمارية.

اقرأ أيضًا : أخاف على “حرف” من خلاف نوارة والباز

الكاتب

  • هرمل للأورام مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان