دولة الاحتلال.. الحرس الوطني سلاح جديد لقمع العرب والمعارضة
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
أصدرت دولة الاحتلال قرارًا رسميًا بتأسيس “حرس وطني” تحت قيادة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، رغم تنديدات المعارضة وتحذيرات مسئولين في الحكومة مما وصفوه بـ”ميليشيا خاصة”. يأتي القرار بعد أيام من إعلان نتنياهو تعليق التعديلات القضائية أمام ضغط الاحتجاجات المستمرة حتى الآن؛ مع استمرار توتر العلاقات بين نتنياهو والبيت الأبيض الذي أعلن تخوفه من التطورات الجارية.
لا تزال أزمة التعديلات القضائية المزمع تمريرها بمجرد انعقاد الكنيست قائمة وسط حالة من عدم الشفافية، حيث أعلن وزير العدل “ياريف ليفين” مسبقًا تمسكه بتمرير القرار، ضاربًا بالتظاهرات المستمرة في الشوارع حتى يومنا هذا عرض الحائط. تصريحات ليفين تضاربت تمامًا مع محاولة نتنياهو تهدئة الأوضاع، ووعده بالتوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمعارضة قبل إقرار التعديلات. وهو ما يراه محللون طلبًا أصبح صعب المنال، مرجحين فشل المفاوضات ووضع الشعب أمام الأمر الواقع بمجرد انعقاد الكنيست.
اقرأ أيضًا
فوضى الاحتجاجات تجتاح دولة الاحتلال ونتنياهو يرضخ
جدير بالذكر أن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير كان يقف حجر عثرة في طريق تعليق القوانين، واضعًا مطالبه بتأسيس حرس وطني تحت إمرته أمام سحب اعتراضه على التأجيل، والذي لجأ إليه نتنياهو سعيًا لاحتواء الاحتجاجات التي شلت دولة الاحتلال.
ميليشيا مقننة تحت قيادة وزير متطرف
خصصت الحكومة للحرس الوطني الجديد مبلغ 282 مليون دولار بقوام 2000 مجند، مهمتهم تولي الجرائم القومية والإرهاب والتدخل عند حصول أعمال شغب عرقية- بين اليهود والعرب-. إلا أنه صحفًا عبرية تحدثت عن وجود حرسًا وطنيًا بالفعل تابعًا لقوات حرس الحدود، ناهيك عن أن المهمات المقرر إسنادها للقوة الجديدة تقع ضمن نطاق أعمال الشرطة؛ وهو ما يكشف عن رغبة ابن غفير في الحصول على سلاح خاص تحت تصرفه متخفيًا خلف دواعٍ واهية.
واكب إعلان تأسيس القوة الأمنية الجديدة تصريحًا من قائد الشرطة الحالي “كوبي شبتاي”، أعرب خلاله عن غضبه تجاه ما وصفه “فوضى تطبيق القانون”، والتي من شأنها الإضرار بالأمن العام. في حين انضمت المستشارة القضائية للحكومة “جالي باهراف” لقافلة المعترضين، مؤكدةً أن الشرطة يمكنها تأدية مهام الحرس الجديد.
المثير للقلق أن قيادة الحرس الوطني الجديد ستكون تحت تصرف بن غفير الكاملة، الوزير المتطرف صاحب التاريخ الطويل من الاعتداءات العنصرية أصبح يملك جيشًا كاملًا يوجهه كيفما شاء. يستطيع من خلاله تحقيق رغباته المتعلقة بفرض سلطة الاحتلال على المدن المختلطة، والقضاء على المجتمعات العربية المستقرة في صحراء “النقب”.
كما أعرب محللون عن تخوفهم من تحول القوة الجديدة إلى ميليشيا خاصة لليمين المتطرف، وذراعًا أمنيًا لإرهاب المعارضة بحجة مكافحة الإرهاب؛ خاصةً بعد تصريحات سابقة لابن غفير طالب فيها الشرطة بمزيد من الصرامة أثناء التعامل مع المتظاهرين. وهو ما عزز تخوفات منظمات حقوقية من استخدام الحرس مستقبلًا لقمع أي احتجاجات ضد الحكومة، وفرض سياسة تكميم الأفواه على المعارضين.
فيما ذهب قائد سابق لشرطة الاحتلال إلى التحذير من خطورة تأسيس الحرس الوطني الجديد؛ والذي يسهل استخدامه في انقلاب على الحكومة، ووجه خطابه إلى نتنياهو قائلًا إن ابن غفير حتمًا سيستخدم القوة الممنوحة له ضده يومًا ما.
“واشنطن وتل أبيب” علاقات متوترة بين الحليفين
تعليقًا على الأزمة الأخيرة أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفضه أكثر من مرة لمشروع التعديلات القضائية الجديد، محذرًا نتنياهو من أن الطريق الذي تمشي نحوه البلاد يثير مخاوفًا حول الديمقراطية. كما أشار إلى أن العلاقات بين البلدين تمر بأزمة مفتوحة، يأمل معها أن يتوصل رئيس الحكومة إلى حل حقيقي.
أثارت تصريحات بايدن بعدم وجود نية لدعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض في الوقت القريب حفيظة الأخير، حيث خرج عن صمته قائلًا أن حكومته لن تتخذ قرارات بناءً على ضغوط خارجية، في الوقت نفسه الذي خرج فيه مسؤول في دولة الاحتلال يهاجم التصريحات الأخيرة من خلال تغريدة، سرعان ما حذفها احترامًا لـ”الحليف الأكبر” الولايات المتحدة على حد تعبيره.
إلا أن تصريحات بن غفير كانت الأكثر حدة تجاه بايدن، حيث هاجم البيت الأبيض قائلًا “إسرائيل ليست نجمة أخرى على العلم الأمريكي”.
تأتي الأزمة الأخيرة بالتزامن مع سلسلة من التوترات بين البلدين، تمثلت في رفض الخارجية الأمريكية انضمام دولة الاحتلال إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة؛ لعدم استيفاء عدة شروط، أهمها تطبيق القانون على المواطنين الأمريكيين من أصل فلسطيني.
إضافةً إلى ما ذكرته وكالة آر تي عن رفض دولة الاحتلال لطلب الولايات المتحدة بتعزيز الجيش الأوكراني بصواريخ مضادة للطائرات؛ معللةً رفضها بعدم صلاحيتها للاستخدام، وهو ما شككت فيه صحيفة معاريف العبرية على لسان مسئولين.
التوتر غير المعتاد بين الحليفين وبلا شك يزيد الضغوطات على حكومة نتنياهو، والتي تحاول الخروج من الأزمة بأي شكل، مقدمةً تنازلات تفتح الباب أمام سلطة غير محدودة في أيدي المتطرفين. الأمر الذي يجعل المعارضة والمجتمعات العربية والفلسطينية في مرمى المزيد من الملاحقات الأمنية.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال