همتك نعدل الكفة
344   مشاهدة  

رحيل الموسيقار حلمي بكر يكشف أزمة جيل فقد نجوميته سريعًا

حلمي بكر
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



بعد رحيل الموسيقار حلمي بكر أصبح الحديث عنه محاطًا ببعض المخاطر والمحاذير، الرجل الآن في دار الحق ولا سبيل للحديث عنه سوى تقديم التعازي والترحم عليه في ظل صراع دائر بين ورثته حتى وصل الأمر إلى القضاء مما جلب بعض التعاطف الإنساني حتى من الأطراف التي كانت تعاديه.

يصعب اختزال مسيرة الملحن حلمي بكر في كونه فقط الفنان المتعالي المتغطرس الذي كرس أخر ثلاثة عقود من حياته للهجوم على الموجات الغنائية الجديدة بداية من الأغنية الشبابية وجيل حميد الشاعري وصولًا إلى المهرجانات وأصدقاء مجدى شطة ولم يسلم من هجومه حتى الجيل الذي يعتبره البعض من نفحات زمن الطرب الجميل مثل أصالة ولطيفة رغم تعاونه معهن،وفي نفس الوقت بنظرة موضوعية بحتة صعب أن نصنفه من ضمن الملحنين العظام أصحاب النقلات المهمة في الأغنية المصرية دون إنكار أنه له بعض الألحان الساحرة لكنها نقطة في بحر انتاجه الكثيف الذي تقول أغلب المواقع أنه أكثر من 1500 أغنية استنادًا للموسوعة الحرة “ويكيبيديا ” وهو رقم مبالغ فيه جدًا.

YouTube player

لعبت المطربة الكبيرة وردة دورًا هامًا في ظهور حلمي بكر، تعرفت عليه وقتما كان مجندًا في الجيش المصري وتصادف أن أحيت حفلًا في نفس المكان الذي يقضي فيه تجنيده، قدمته إلى “محمد حسن الشجاعي” مستشار الإذاعة المصرية الذي قدم له كل الدعم حتى ظهرت أولى ألحانه “كل عام وأنتم بخير” للمطرب عبد اللطيف التلباني.

لمع اسم حلمي بكر سريعًا حتى رشحه الصحفي والروائي “محمد  جلال” للمطرب “محمد رشدي” كي يكون بديلًا للملحن “بليغ حمدي” الذي حول مشروعه الشعبي الناجح مع رشدي تجاه عبد الحليم حافظ، لحن بكر أغنية “عرباوى” التي حركت من مسيرته كثيرًا واستفاد بشكل كبير من نجاح رشدي في تلك الفترة مما كفل له التعاون مع أسماء كبيرة مثل “وردة،نجاة،صباح” لكن لم تدخل أعماله ضمن قائمة أهم أعمال هؤلاء النجمات باستثناء أغنيات قليلة جدًا وأغلب الظن أنه كان يدرك ذلك وكان يحاول أن يتحايل على الأمر بسرد حكايات بعضها خيالي مثل الأغنية التي كان ينوي تقديمها لأم كلثوم، أو المتاجرة بعلاقته بكبار الوسط الفني مثلما ذكرت من قبل في مقال“مرة أنا وصديقي عبد الحليم” حيث لم يستعين به عبد الحليم حافظ سوى في بعض ألحان المناسبات والأفراح التي صنعت لأغراض مادية ولارضاء أغنياء الخليج فقط.

YouTube player

من سوء حظ بكر أن موت أم كلثوم وعبد الحليم كان بداية تغيير جذري في شكل الأغنية المصرية وظهور جيل الوسط والأغنية البديلة التي حلت محل الأغنية المسرحية الطويلة، مع ذلك استمر بكر في تقديم هذا الشكل رغم أنه كان يلفظ أنفاسه الأخيرة مع بعض التجارب الأخرى مع وليد توفيق ، سميرة سعيد، لطيفة،ودخل مضمار الفوازيرمحققًا فيها نجاحات لا يمكن إنكارها مثلما فعل من قبل في المسرح الغنائي.

مع ظهور الأغنية الشبابية الجديدة أواخر الثمانينات دخل حلمي بكر نفق مظلم جدًا فنيًا، لم يواكب التغييرات التي تحدث في سوق الغناء وبدأ حملة هجوم شرسة على هذا الجيل الجديد وأشيع أنه كان من أحد أسباب إيقاف حميد الشاعري عن العمل بعد أن سبق ورفض اعتماده في الإذاعة مع محمد منير وقتما كان عضوًا في لجان الاستماع.

في تلك الفترة سيطرة على حلمي بكر نزعة عدائية غير مبررة على الأغنية الشبابية ولم يحاول الرد فنيًا إلا في أضيق الحدود مع أصالة في “يا صابرة يانا، أغضب” وحاول أن يفرض على الجمهور أصوات لا تملك كاريزما مثل غادة رجب حيث كانت أغنية “بنعشق الحياة” مقررة علينا بشكل يومي في برنامج صباح الخير يا مصر وقدم الصوت الجديد منال في ليالي أضواء المدينة وشاركها في فيديو كليب أغنية “أنت حر” ولم نسمع عنها بعد ذلك، ثم فاجئنا بمصالحة جيل الأغنية الشبابية والتعاون مع حميد الشاعري في أوبريت الحلم العربي.

YouTube player

مع انتشار الفضائيات وبرامج التوك شو بحوارتها الساخنة أصبح بكر فقرة ثابتة حيث حول هجومه إلى الأغنية الشعبية تحديدًا بعد انتشار ظاهرة شعبان عبد الرحيم مع سرد ذكرياته مع نجوم الفن الجميل والحديث عن حياته الشخصية و زيجاته المتعددة، كلها أمور أثبتت أن النهر الذي كان ينهل منه يعاني من الجفاف وأنه لا سبيل للبقاء تحت دائرة الأضواء والشهرة إلا بإثارة الجدل والهجوم على تيار المهرجانات في ظل أن جيل الأغنية الشبابية الذي كان يهاجمه أصبح ماضيًا ونوستالجيًا يتم استدعائها في الميديا دلالة على زمن الفن الجميل.

إقرأ أيضا
أمير عيد وزوجته
YouTube player

في النهاية رحل حلمي بكر تاركًا إرثًا فنيًا لم يحسن الحديث عنه أو التسويق له سوى مرات قليلة جدًا لم تشفع له عند جيل الألفية الذي لا يعرف عنه سوى أنه هذا الرجل المتغطرس الذي لا يعجبه أحد لكن الحقيقة أنه فوت على نفس فرصًا عديدة مفضلًا أن يحتمي بشعارات انه عاصر جيل الفن الأصيل لكن لم يدرك أنه من الجيل الذي فقد نجوميته سريعًا بعد أن تغير المشهد الموسيقي مرات عديدة ووقف هو محلك سر مفضلًا أن يحتمي بجيل زمن الفن الجميل ناكرًا أن لكل زمن فنه الجميل والأصيل وأن العيش على مجد الماضي لن ينتج سوى خرابًا في الحاضر.

الكاتب

  • حلمي بكر محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان