رياح الحياة .. مغازلة جيدة جدًا لجمهور حمزة نمرة
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
عندما صدرت أغنية “رايق” أولى أغنيات ألبوم حمزة نمرة الجديد؛ قلت أنه أمام مهمة ثقيلة جدًا في الحفاظ على مستواه القوي بعد النجاح الذي حققه ألبوم “مولود سنة 80” وهل بمقدوره أن يصنع لنا أغنيات تعيش وتبقى كثيرًا مثل “فاضي شوية – الوقعة الأخيرة – مولود سنة 80”.
الألبوم الجديد بدأ بداية ضعيفة في أغنية “رايق” ثم تصاعد نسق القوة في أغنيتي “هروب ، إسكندرية” حتي وصلنا إلي يوم الأربعاء المخصص من كل أسبوع لصدور أغنيات الألبوم وجاء الدور على أغنية “رياح الحياة” التي كتبها “محمود فاروق” ولحنها “حمزة نمرة” ووضع لها التوزيع” كريم عبد الوهاب”.
الكلمات :
يبدو عنوان الأغنية “رياح الحياة” تقليديًا جدًا، حيث أكم من الأغنيات التي تدور حول الحياة وتفاصيل الصراع معها سواء بتناول إنساني إجتماعي أو عاطفي مثل أغاني “قلب الحياة، طبع الحياة، باب الحياة، بحب الحياة” الجديد في كلمات محمود فاروق هو تناوله المختلف والذي أفصح عن تطور مذهل في أسلوب كتاباته ومعالجته مواضيع سبق طرحها من قبل.
افتتح فاروق الأغنية باقتباس من بيت شعر شهير جدًا من قصيدة للمتنبي ” ما كل ما يتمنى المرء يدركه – تجري الرياح بما لا تشتهي السفن” وأعاد صياغته بلهجة بيضاء جمعت بين العامية والفصحى “تهبي يا رياح الحياة دايمًا بما لا اشتهيه” وهو اقتباس جيد عضد من الفكرة الأساسية للأغنية عن الخيبات المتلاحقة التي تلازمه مع الحياة وفي نفس الوقت لفت إنتباه المستمع حيث احاله تلقائيًا إلي قصيدة المتنبي.
ابتعد فاروق في طرحه عن المبالغة والكربلائيات واللطميات التي دائمًا ما نجدها في تلك النوعية من الأفكار مفضلًا الحديث من منطق قوة يعكس فهمه الجيد لمشكلاته وأزماته مع الحياة وكيفية وضع حلول جذرية للتعاطي معها دون الوقوف مكتوف الأيدي والتفرغ للبكاء والنحيب والندم على ما فات، رغم طول مقاطع الأغنية نسبيًا إلا أنك لا تشعر بملل أو تكرار في الأفكار مع صور شعرية ومفردات جديدة عبرت عن الفكرة بشكل جيد.
الموسيقى :
عندما تستمع إلي الأغنية أول مرة يزدحم عقلك بالعديد من الأغنيات وتظن أنك قد استمتع إلي هذا اللحن من قبل.
اللحن على مقام الكرد بجمل قصيرة متتابعة شديدة التكثيف والترابط جدًا، انطلق حمزة في بداية الأغنية من نقطة الصفر ثم واصل الصعود حتى وصل إلي القفلة القوية جدًا في مقطع “ولسه بتعلم” ثم استعمل حيلة شديدة الذكاء بتغيير التتابع ولكن من القمة ثم يواصل على نفس النسق المتتالي حتي يصل إلي نفس القفلة “مشاعرنا مش لعبة”.
اللحن من الألحان التي يطلق عليها سهل ممتنع، كل جملة تسلم الجملة التي تليها بسهولة شديدة في تتابع رائع بجمل Catchy تعلق في الأذن بسرعة شديدة كل ما عليك هو ان تحفظ الكلمات وستجد نفسك تردد الأغنية بكل سهولة، وهي طريقة قد تبدو سهلة للمستمع لكنها صعبة في التلحين في الحفاظ على هذا النسق المتتابع وهناك ألحان كثيرة تسلك نفس التتابع اللحني سواء صعودًا أو هبوطًا وهو ما يفسر بأنك قد تظن أنك استمعت إلى اللحن من قبل.
توزيع كريم عبد الوهاب كان على مستوى اللحن، بدأ بغناء مباشر من حمزة يصاحبه كوردات من الجيتار دون ايقاع، مع المقطع الثاني يبدأ زحف الإيقاع خلفه الوتريات حتى يصل إلى الذروة في قفلة الجملة، إختيار المقسوم الصعيدي البطئ كان مناسبًا جدًا لجمل اللحن الإيقاعية القصيرة دون صخب أو حليات مبهرجة عكس حالة تماهي شديدة بين التوزيع وبين اللحن التعبيري جدًا. من حسنات التوزيع هو التنويع في جملة الفاصل الموسيقي حيث جاء الأول مستنسخ من جملة اللحن الأصلي من الوتريات مع اّلة الناي يلعبان نفس الجملة تقريبًا يصاحبها الإيقاع وكوردات الجيتار، أما الفاصل الثاني جاء من الجيتار كخط رئيسي مع الوتريات مهدت بشكل جيد للمقطع الأخير الذي سيصاحب فيه الناي صوت حمزة، هذا التنويع في الفاصل الموسيقي أضاف أجواء جديدة للأغنية وكسر ملل التتابع اللحني المتكرر ، ثم وسط كل هذا الزخم يقفل الأغنية بشكل مفاجئ على طريقة الـ Sudden.
غروب واسكندرية .. ملامح تغيير في مشروع حمزة نمرة الغنائي.
رغم ملامح التغيير الذي بدت في أغنيتي “هروب – إسكندرية” إلا أن في أغنية “رياح الحياة” يعود حمزة نمرة إلى مشروعه الأساسي ويصنع أغنية جيدة يغازل بها جمهوره الأصلي، الأغنية جيدة جدًا في مستواها وبمرور الوقت قد تأخذ مكانة مهمة في مشواره الغنائي.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال