رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
382   مشاهدة  

شاور shower

شاور


ليس من السهل ضبط درجة حرارة المياه، تكرر المحاولة أكثر من مرة حتى تصل للدرجة المناسبة فتسلم نفسها تمامًا لزخات المياه وللأفكار المتدفقة.
دائمًا ما تشعر بحالة من النقاء عندما تقف عارية تمامًا تحت المياه، تفكر، تغني، تتخيل مشاهد من حياتها لم تحدث تتمنى حدوثها، تعيد تأليف وإخراج مشاهد مرت لم تعجبها فتصنعها من جديد كما تمنت أن تتم، تستحضر أشخاصًا تعرفهم وتمضي الوقت تحدثهم، أو تخترع آخرين وتخترع معهم لهم أدوارًا في حياتها، أحيانًا تؤلف أغانٍ وتلحنها، أو تلملم مع خصلات شعرها المبلول خيوط فكرة لقصة جديدة.
تدور أصابعها العشر تتلمس أجزاء جسدها حاملة إليها المياه والصابون والحنان والعرفان، فبعد صراع أنثوي طبيعي في مجتمع غير طبيعي أحبت جسدها، تبتسم لموضعين تحديدًا يستديران بين كفيها.
“نهد” تتذكر عندما تعرفت في بدء مراهقتها على هذه الكلمة الجديدة وكيف كان لها وقعًا جميلًا وناعما عليها، وكيف كانت تقرأها بخجل في الأشعار وتعيد قراءتها وتحمر وجنتيها كلما قرأت أوصافًا عنه.
كلمة أخرى تذكر أيضًا كيف تعرفت عليها وعلى وقعها المخجل القابض للقلب والروح، وكيف كرهتها، وكرهت قراءتها في كتب الفقه، وكيف كانت تحاول إخفاءها والقفز بعينيها من عليها وتجاوزها لما بعدها من كلام، هي كلمة “حيض”.
هي الكلمة التي تقف من أجلها خصيصًا اليوم تحت “الدش” من أجل كلمة أخرى طالما بعثت في قلبها نفس الانقباض رغم حسن معناها في الأساس وهي “الطهارة“، “الطهارة من الحيض“.
لم تكره نفسها في هذه الفترة، فترة الحيض، لأنها لم تعتبر نفسها أبدًا “نجسة”، ولكنها كرهت أن تنعتها كتب الدين بهذه الصفة، وتنعتها سيدات أخريات بها، ويعتبرن هذا اللفظ عنوانًا للمرحلة الشهرية، إلا أنها تعرف قيمة الحياة التي تمثلها هذه الدماء، وهذه البوابة السحرية التي تملكها كل امرأة تصنع خلالها معجزتها الخاصة التي تتجلى بعد ذلك عبرها أيضًا، لذلك فالأنسب لديها أن يكون عنوانها هو “الحياة”.
تدور هذه الأفكار في ذهنها وأصابعها تتخلل خصلات شعرها وتلامس فروة رأسها لتصل إليها المياه كما يقول كتاب الفقه “لتخرج النجاسة من تحت كل شعرة”.
تفعل ما أملاه عليها الكتاب، ولكنها تعتقد ما أملاه عليه هذا الذي لا تعرف سره بالضبط، الموجود بداخلها، السارح في دمها، المبتسم على نهديها قائلًا “أنتِ أنثى. أنتِ كائن جميل. أنتِ مصدر الحياة لا النجاسة”.
تكمل حمامها “الشاور” وقبل أن ترتدي ملابسها تقف أمام المرآة مبتسمة لتوجه الشكر والتحية لذلك المبتسم على نهيدها.





ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان