رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
2٬099   مشاهدة  

صدق أو لا تصدق.. صعيد مصر مازال موطناً للعبيد

صعيد مصر


تم إلغاء العبودية رسمياً في مصر في عهد الخديوي إسماعيل، انتهى الرق وصار كل الناس أحرارا، لكن فيما يبدو كان هذا على الورق فقط، حيث كشف الباحث حسام تمام – رحمة الله عليه – عن استمرارية الرق في صعيد مصر عقب زيارته لقريته  “البربا” أخر قرى أسيوط.

حيث كشف الباحث الشهير عن استمرارية العبودية في مصر عبر  عدد من محافظات الصعيد وخاصة في أقصى الجنوب ويندر وجودها في محافظات الوجه البحري، وأكثر المحافظات التي تنتشر فيها ظاهرة العبيد محافظات أسيوط وسوهاج وقنا وفى أجزاء من أسوان وتقل تماما في المنيا، بينما لا تعرف محافظات الوجه البحري ظاهرة العبيد باستثناء بعض مدن محافظة الشرقية، خاصة تلك التي تقطنها قبائل وعائلات تنحدر من أصول عربية مثل “الطحاوية” في الحسينية، وتكاد تكون الشرقية الاستثناء الوحيد في الوجه البحري بعكس محافظات جنوب الصعيد التي كانت الظاهرة منتشرة فيها بكثافة إلى وقت قريب، وإن أخذت في الانحسار تدريجيا في السنوات الأخيرة لدي عدد من العائلات الممتدة التي كانت ذات نفوذ أو ثراء.

ففي أسيوط مثلا لا تخلو معظم مراكز المحافظة من عائلات لديها عبيد، ويتركز وجود هذه العائلات في مراكز البداري وصدفا وأبنوب وساحل سليم والغنائم وديروط، ومن أشهر هذه العائلات علي سبيل المثال عائلة “النواصر” في البدارى وهى عائلة زعيم الوفد الراحل ممتاز نصار، وعائلة “خشبة” ومنها نجم النادي الأهلي هادي خشبة، و”أولاد قنديل” في الغنائم ، و”أولاد على الكاشف” بصدفا و”خليفة” و”الشنايفة” في أبو تيج و”القرشية” و”كيلاني” بديروط و”الباشا” بساحل سليم .

وتمتد الظاهرة إلى سوهاج أيضا خاصة في مناطق العسيرات والعرابة وبعض قرى جرجا، وأشهرها عائلات “أبو ستيت” في البلينا و”أبو كردوس” في طما وعائلات “دنقل” و”أولاد سلامة” بالعرابة وغيرها من العائلات التي يجمعها قاسم مشترك هو العراقة، حيث تضرب معظم هذه العائلات بجذور عميقة تعود لقرون ماضية كانت تمتلك فيها العبيد بشكل قانوني، وقت أن كانت العبودية واقعا اجتماعيا تجيزه الأعراف والقوانين والشرائع قبل صدور التشريعات والقوانين الدولية التي ألغت ظاهرة الرقيق وحرمت تجارتها.

نعم عزيزي القاريء هناك عبيد في مصر في القرن الواحد والعشرين.

وعبيد هذه الأيام هم سلالة العبيد في العصور الماضية، وتنحدر أصولهم من الحبشة وجنوب السودان وأواسط أفريقيا وهو ما يؤكده إدوارد وليم لين في كتابه المعروف “المصريون المحدثون شمائلهم وعاداتهم”، والذي كتبه في أوائل القرن التاسع عشر حيث أشار إلي أن أصول هؤلاء العبيد تعود إلى قبائل الجلا والأحباش

ولعبيد هذه الأيام نفس الصفات الجسمية لأجدادهم فمعظمهم أسود اللون ماعدا العبيد الذين تزوج آباؤهم من فلاحات (وهو لفظ يطلق في الصعيد على النساء اللاتي يعملن في الزراعة أو البيوت تمييزا عن نساء العائلات التي يحرم عليهن ذلك)، وربما كان ذلك السبب في إطلاق لفظ العبد علي الأسود حتى ولو لم يكن عبدا، ويتسم هؤلاء العبيد بالضخامة والقوة الجسمانية والقدرة على تحمل العمل الشاق وغيرها من سمات أبناء مناطق أفريقيا والحبشة،كما اشتهروا بطول العمر حيث يكثر بينهم المعمرون خاصة بين النساء.

والملفت أن لهم قاموسا خاصا للأسماء والألقاب أشهرها: عبد السيد وعبد الرجال وريحان ومرسال وبخيت وسلمان وقمصان وخبير ومرشد وعبيدة وسرور ونميري، وإن كانت لهم أسماء مشتركة مع السادة مثل جابر وسالم ومبروك وسعد الله وفضل الله وعبد الله وسعد وسعود وجوهر وعبيدة وبلال ( تيمنا بالصحابي الجليل الذي كان عبدا) وفضيل ورياض وعوض وإدريس وعثمان. أما الإناث فأكثر الأسماء انتشارا بينهن: ريحانة وفرحانة ورضية وسعدية ومسعدة وبخيتة وزاد المال وكمالات وفضيلة ومراسيلة وسمارة.

ويشير الباحث حسام تمام إلى أن العلاقة بين العبيد والسادة تنظمها أعراف وتقاليد اجتماعية راسخة تحل محل القوانين القديمة التي كانت تسمح أو تعترف بمثل هذه الأوضاع، وإن بدأت كثير من المناطق تتجاوزها بحيث كادت تصبح لدى بعض العائلات جزءا من التاريخ. وأول هذه القواعد أن “العبد رديف سيده” وهو ما يعنى أن العبد في حماية سيده ورعايته، حيث تخصص كثير من العائلات جزء من بيوت العائلة للعبيد كمكان لسكنهم، ولابد أن توفر العائلة لعبدها مصدر رزق يكفيه حيث يعد من العار لدى الكثير من العائلات أن يمد العبد يده لأحد من خارجها، فكثيرا ما تقتطع بعض العائلات خاصة ذات الثراء قطعة من أراضيها الزراعية لعبيدها ينتفع بها دون أن يمتلكها، بل وأحيانا ما تملك بعض العائلات (كالطحاوية في الشرقية) عبيدها بعض الأراضي بل وقد يوصى بعض الأغنياء من أبناء العائلات ببعض أرضه لعبيده خاصة المقربين منه والمحببين إليه.

إقرأ أيضا
زمن الكاسيت

والسيد مكلف بكسوة عبده وبزواجه أيضا، وفى بعض المناطق يقوم السيد كوكيل عن العبيد في زواجهم ويتكفل بمصروفات الزواج ويدبر مسكنا، كما يتكفل السيد بحماية عبده لذا يعد الاعتداء على العبيد اعتداء على العائلة نفسها، وكثيرا ما تندلع المعارك بين العائلات إذا ما تعرض أحد عبيدها إلى الاعتداء من عائلة أخرى.

وفى المقابل فإن العبيد يدينون لهذه العائلات بالولاء ويظهرون الاحترام والتقدير المبالغ فيه خاصة أمام العائلات الأخرى من القرية ومن خارجها، فيقيمون على خدمة منازلهم وأبنائهم ويقومون على الخدمة في مناسبات العائلة المختلفة خاصة الأفراح والمآتم حيث يحملون صواني الطعام ويقدمون الطعام والشراب إلى الضيوف، ويقومون بخدمة أبناء وبنات العائلة الذين قد تضطرهم الظروف إلى السفر للعمل أو التعليم خارج القرية، حيث ترسل العائلة بإحدى العبدات من كبار السن لرعاية بناتها وأبنائها ممن يعيشون خارجها لظروف التعليم أو الزواج أحيانا، كما يقوم العبيد أيضا بحراسة البيوت والأراضي الزراعية والمواشي والممتلكات الخاصة بأسيادهم.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان