همتك نعدل الكفة
50   مشاهدة  

صوت أصالة الرائع وإعلانها المستفز!

المستفز
  • - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد



تغني السيدة أصالة، بصوتها الرائق الجميل، وأغلبية الناس لا يعرفون أيكملون شهرهم الكريم مستورين أم لا: “واهو مش ناقصنا حاجة تانية…. وكأننا ملكنا الدنيا” هذاك السطر هو الأكثر استفزازا في الأغنية التي حملت عنوان “أحلى مكان على الأرض” والتي تضمنها إعلان عن إحدى الشركات العقارية الكبرى التي تنشئ وحدات سكنية بالغة الامتياز والفخامة “ذا مارك كوميونيتيز”.

كثر إنشاء المباني السكنية الفخمة الآسرة في السنين الأخيرة، ولا بأس بالأمر طبعا، إلا أنها بعيدة المواقع غالبا ومعزولة عن السواد الأعظم من الناس، تبدو لطبقة صغيرة محددة، تملك أثمانها الباهظة، وهي كذلك بالفعل، إلا أن الإعلانات الكثيفة الصاخبة عنها تظهرها كما لو كانت للجميع، في حين أن المجموع الأكبر من البشر في مصر، لا يقوى على دفع إيجارات سكنه المتوسط المتواضع بانتظام، سكنه الذي لا يليق بآدميته على الأرجح، فضلا عن حيرة هؤلاء، بقضهم وقضيضهم، في شؤون الحياة والتزاماتها اليومية!

هل أنا ضد هذا الإعلان المستفز وما إليه؟

YouTube player

لا، قطعا، لكنني ضد تكراره المستفز بالصورة المملة التي يتكرر بها كل ساعة، كما أنني ضد الكلمات المصاحبة التي يجب أن تكون بالغة الذكاء والحساسية؛ لأننا في مجتمع تآكلت طبقته المتوسطة تماما، وزاد فقراؤه زيادة واضحة، وصار أقل من فيه الفئة التي يخاطبها مثله؛ فكيف يكون بكل هذه الكثافة والصخب؟!

لا أريد أيضا أن يضع مثل هذا الإعلان حاجزا معنويا بين الفنانين المشهورين ونجوم ملاعب الكرة، وأمثالهم من الميسورين القادرين، وبين سائر الناس؛ فالفن بذاته لا علاقة له بالأموال الطائلة، حتى لو كان أحد الطرق المضمونة للوصول إليها، وكذلك الرياضة، وما إليهما، والناس لا بد أن يقبلوا على الفن والرياضة وبقية الأنشطة؛ ففي ذلك تنوير عقولهم وفيه تسلية أرواحهم أيضا، لكنني أخشى أن التركيز على ظهور أصحاب الأسماء المحبوبة في الإعلانات التي كأنها تخرج لسانها للبسطاء الحالمين، وتعايرهم بأوضاعهم العسيرة القاسية، يصنع حاجزا معنويا فعليا بين الناس وأصحاب هذه الأسماء.

من حق الأثرياء أن تكون لهم ألسنة تعبر عنهم، ولكن لا يجب أن تكون ألسنة القلة أكبر عددا من ألسنة الكثرة، بما يصاحب ذلك من علو الصوت وسعة الانتشار؛ فهذا خلل يشي ربما بأن الكثرة باتت في أعين التلفزيونيين وأضرابهم كالزائدة الدودية، وأن الثراء الذي تملكه القلة هو الأعضاء الفاعلة المعتبرة بذاتها، وهو مفتاح الدخول الوحيد إلى جنة الأرض والاغتراف من نعيمها..  

لماذا نصر على قتل أحلام الحالمين المكافحين بمعيشة أحسن؟ معيشة في البيوت العادية التي في قلوب الأوطان وبطونها، وليست في أركان الخيال، لكنها معيشة تفي بالأساسيات، إننا حين نتزيد في عرض أمثال هذا الإعلان المريب، بأجوائه المثالية، وما يشابهه، فإننا نحبطهم ونشعرهم بعدم جدوى سعيهم أيا كان؛ فأين هم بضنكهم وأين ما الآخرون المترفون فيه؟!

إقرأ أيضا
السباحة

الكاتب

  • المستفز عبد الرحيم طايع

    - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان