رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
245   مشاهدة  

طبيب برتبة إنفلونسر.. البالطو الأبيض يقتحم عالم السوشيال ميديا

البالطو الأبيض
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



أصبحت السوشيال ميديا ساحة للترويج لكل شيء حتى الطب والدواء؛ مؤخرًا اقتحم البالطو الأبيض مواقع التواصل كما سبق وحدث مع شاشات الفضائيات. ولأن شعبنا جميل يُفضِّل بحث جوجل على كشف السماعة، وجدت الفلوجات الطبية انتشارًا واسعًا في منصات يستحيل السيطرة عليها، وأمام جمهور لا يبالي بالتأكد من صحة المعلومة وإن مست حياته. حين يحصل الإنفلونسرز على ثقة تنمو مع عدد الفولورز، من الطبيعي ألا يمر ظاهرة الفلوجر الطبيب دون كوارث… 

لم يمضي الكثير منذ قبضت السلطات على طبيب الكركمين؛ النصاب الذي ضحك على المرضى باسم الطب من خلال شاشات الفضائيات. وللأسف لا يزال أمثاله يمارسون جرائمهم على قنوات تحت بئر السلم متقنعين بالبالطو الأبيض، مرة مرهم التهابات يشفي أي ألم وأخرى تخسيس بدون بالحبوب العجيبة. 

الفتي الطبي من الفضائيات إلى اللايفات “بس على الله محدش ينخرب ورانا”

البالطو الأبيض
حساب طبيب ينشر معلومات طبية مجهولة المصدر باستخدام صورة طفل مريض

قمة الاستهتار بصحة البسطاء وأموالهم التي نعلم جيدًا أنها تأتي بطلوع الروح؛ نتيجة طبيعية لاستهداف تلك القنوات للشرائح الأدنى. دجال يرتدي بالطو ويدفع بضعة آلاف ليجلس أمام المايك كيفما شاء- منه للمريض-، وكأن الدواء مسحوق غسيل يمكن وصفه “عمياني” ونقفل العيادات وخلاص.

إذا كان هذا هو الحال مع الفضائيات المحدودة نسبيًا مقارنة بفضاء الإنترنت الشاسع، فكيف السبيل إلى فرض الرقابة على السوشيال ميديا! والتي بدأ منتسبي المهنة ومنتحليها استخدامها بكل سهولة ومجانًا، والأدهى أنها أكثر انتشارًا وبعيدة عن متناول الرقابة. 

ولأن البالطو له قيمته ومصداقيته لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على المتلقي، وإن كان من البديهي أن نتحرى مصدر معلوماتنا بالذات الطبية. الشعارات الفارغة وحدها لن تحل الأزمة، والنفخ في قربة مخرومة كل ما يمكن أن يحققه قطع النفس. الحل في يد الرقابة؛ نقابة أو وزارة أو علاج حر الجهات كثيرة، المهم أن ينتهي هذا العبث أو حتى محاولة إنهائه.

انتحال صفة الطبيب تحت أي ظرف جريمة تعاقَب بالغرامة والحبس، وهي التهمة الجنائية التي واجهها طبيب الكركمين الشهير، إضافةً إلى بيع أدوية غير مرخصة. وبناءً عليه أصدرت المحكمة حكمًا بحبسه عامين، ثم خُفِفَ لعام واحد بعد الاستئناف.

فضح هوية المرضى “جريمة” متكررة في الإعلانات

البالطو الأبيض
دكتور بهي الدين مرسي طبيب ومفكر

المشكلة لا تقتصر على الأطباء المزيفين، التجاوزات بحق المرضى تقع أيضًا من خريجي الكليات الذين أقسموا على شرف المهن الطبية. وأكثر الانتهاكات فجاجة التعدي على خصوصية المريض، تصرف نراه في حكايات القهاوي التي تنتشر على صفحات بعض الأطباء. ناهيك عن تصوير الفلوجات، مثل وقعة ممرض الحضَّانات الذي صور الأطفال حديثي الولادة في فلوجاته دون، وغيره من مدمني الترندات.

القانون لا يجيز نشر الهوية الشخصية للمريض من الأساس؛ إلا بشروط تتطلب الموافقة الكتابية من المريض بعد أن يطلع على استخدامات صوره بالتفصيل، ثم وجود مبرر مهني وأخلاقي حقيقي. ومع ذلك المتعارف عليه هو الحفاظ على سرية الهوية ما دامت لا تفيد الغرض العلمي. وهو ما أكده د. بهي الدين مرسي، الطبيب والمفكر، في حواره مع الميزان.

بالطبع يراعي الكثيرون تلك القواعد حفاظًا على أخلاقيات المهنة؛ لكننا نرى بشكل متكرر إعلانات المراكز الطبية والعيادات وغيرها تنتهكها بدون مبرر مهني. الأمر الذي أوضح مرسي أنَّه جريمة بكل المقاييس، وعلق عليه قائلًا “تصوير المرضى بلا مبرر أو موافقة صريحة، جريمة تندرج تحت بند هتك العرض. وينطبق الحديث على أي صورة أو كلام يفضح الهوية بالتصريح أو الإسقاط، وهو حق للمريض كمواطن له خصوصيته”.

إنفلونسر بشهادة طبيب

انتشرت ظاهرة الطبيب الإنفلونسر بشكل كبير خاصةً بين حديثي التخرُّج، مقاطع مصورة طبية وحياتية هي محتواهم الذي تحلًّق حوله المتابعون. لا يخصنا هنا سوى المحتويات التي تتطرق إلى المرضى والمؤسسات الطبية، حين يمسك الطبيب الكاميرا ويصور مستشفى أو غرفة عمليات. الميثاق في تلك الحالة لا يمنع تصوير المرافق الطبية، بالطبع بعد أخذ إذن المسئول عن المكان. كذلك يمكن نشر صور الأنسجة البشرية دون نسبها لمريض بعينه؛ لكن المحظور تمامًا هو الأي كلام من أجل المشاهدات.

العديد من الأطباء يعتمدون على السوشيال ميديا في الترويج والإعلان، سواء للعيادات أو المنتجات الطبية أو حتى النصائح العامة. من الطبيعي أن تلك النشاطات مقننة، لكنها تخضع أيضًا لتنظيمات. وفقًا لمرسي أي شأن طبي على الميديا وإن كان مصرح به يجب أن يخضع لرقابة، على سبيل المثال يُحظر انطواء الإعلانات على كثير المبالغات الكاذبة، والتي أصبحت معتادة.

في محاولة لتنظيم علاقة الأطباء بالميديا، أطلعنا مرسي على أحدث إجراء تنظيمي أصدرته نقابة الأطباء يخص الموضوع؛ حيث ُيلزَم الطبيب بالحصول على موافقة قبل الظهور على شاشات التليفزيون أو اليوتيوب. إضافةً إلى توضيح المحتوى المزمع تصديره للمشاهدين، للموافقة عليه قبل عرضه.

إقرأ أيضا
رولد دال

وأضاف “من غير المنطقي ولا الأخلاقي أن يخرج الطبيب ليعلن عن نفسه على أنه يستطيع علاج جميع أمراض القلب، أو يمكنه إصلاح كل عيوب الأسنان”. أمَّا الإعلانات لترويج منتجات أو مرافق طبية، قانونية ومصرح بها؛ رغم تبنيه وجهة نظر أخرى حول الإعلانات لخصها بقوله “الإعلانات لا ضرر منها، لكننا نربأ بأصحاب المهنة عن الترزق بها”. 

الرقابة وتتبع تجاوزات الأطباء يقع ضمن نطاق مسئوليات إدارة العلاج الحر، وهي الجهة التي تفتش وتحرص على سير العملية الطبية كما ينص الميثاق. وقد أشار مرسي إلى أهمية إيجابية المواطنين في رصد المخالفات الطبية، والإبلاغ عنها إلى العلاج الحر؛ لما فيها من تهديد للصحة العامة. مضيفًا “نحن في حاجة إلى توعية العقل الجمعي بحقوقه وواجباته فيما يخص المهن الطبية، مع ضرورة تشديد الرقابة خاصةً على المتخصصين محبي مزج الطب بالدين لمخاطبة المصريين”.

الكلام حول البالطو الأبيض والسوشيال ميديا في مجتمعنا يطول، والمشاكل أكبر من أن يحصرها تحقيق واحد؛ لكننا نرمي صخرة في بحر لعل وعسى يأتي الطوفان. وليس من الإنصاف أن يسكت الحديث عن نماذج مشرفة لأطباء يساعدون المرضى باستخدام السوشيال ميديا. في النهاية لا نتمنى إلا أن تتوصل الجهات المعنية إلى آلية تكف أذى المحتالين ومستغلي المهنة، في الوقت نفسه الذي نحاول فيه تحذير الناس من الوثوق في لقب ينسبه أي نصاب إلى نفسه، ولنا في الكركمين عبرة.

الكاتب

  • البالطو إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان