
عارفة عبد الرسول .. من حق الكبير يدّلع

محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
حملة ضخمة من التنمر والتجريح وقلة الذوق والأدب وانعدام الإحساس، تعرضت لها الفنانة الرايقة عارفة عبد الرسول بعد أن نشرت صورة لها في البحر قائلة : لقيت الطبطبة . في التعليقات على الصورة رد بعض البنى آدمين ذات الرؤوس الحيوانية – مع اعتذارنا للحيوانات- قائلين : “على جحيم جهنم ” ، ” انتي عندك عيال” ، وتعليقات من هذا القبيل القذر . في المقابل حاول البعض التخفيف على الست الكُمّل ،عارفة، ببعض التعليقات الرافضة للتعليقات السخيفة .
لكن هذه الواقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة حتى تنتهي الثقافة العرة المتجذرة عن البعض في مجتمعاتنا الشرقية ، وبالأخص ثقافة التعامل مع الكبير في السن ، هنا لا يحق للكبير أن يضحك بصوت عال ، ولا يمضغ لبانة ، ولا يسمع أغنية بصوت واضح على الموبايل ، ولا يحق له أن يلبس سلسلة ، ولا حذاء ملون ، ولا يحق له أن يعتني بنفسه ، ولا يحق له أن يأكل الآيس كريم وسط تجمعات ، ولا يتجرأ ويركب سكوتر ، وطبعًا الارتباط في هذا العمر من الكبائر ، وطبعًا الرقص في هذا العمر من الكبائر ، وطبعًا وضع أحمر الشفاه ، أو تشذيب الذقن في هذا العمر من الكبائر ، وطبعًا ممارسة الرياضة في هذا العمر تثير السخرية ، وطبعًا محاولة تعلّم شئ جديد لن تُقابل إلا بالجملة النمطية : بعد ما شاب ودّوه الكُتّاب ، وطبعًا كل شئ في هذا العمر حرام وغلط وعيب على سنك .

وفي هذا التقرير أربعة استراتيجيات ، ثلاثة منها متعارف عليها في الدول المتقدمة وواحدة صناعة مصرية خالصة للعيش بعد الستين ، ربما يرى الكبير أن سنه فخرًا له لا مهانة ، وربما يعلم الصغير أن التطاول على سعادة ومزاج الكبير يعد تطاولًا على الزمن الذي تدور دوائره على الباغي دائمًا.
الاستراتيجية الأولى : ابدأ مشروعك الخاص
والمشروع هنا ليس بمعنى المشروع الربحي ، بمعنى المشروع الخاص الذي كنت تؤجله بسبب التزامات الحياة ، سواء أكان التطوّع أول العمل في إحدى المنظمات الخيرية أو السفر عبر العالم أو حتى القراءة والمطالعة المؤجلة ، حتى وإن كان هذا المشروع عبارة عن الاسترخاء الشخصي ، والتمتع بذلك وعدم إيذاء النفس بكلمة “ماذا لو كنت فعلت هذا في العمر الماضي ” ، تمتع بتقليص المسئوليات وافتخر فقط بنجاحاتك وكفاحك السابق .
الاستراتيجية الثانية : صاحب جسدك
تقول الاستراتيجية الثانية أن في سن الستين وما بعده لابد أن يعترف الإنسان أن جسده لن يعود كما كان في السابق ، وأن هناك بعض الأمراض لابد من وجودها ، لابد أن يصادقها الإنسان ، ويعتني بالباقي من جسده ، وتؤكد النظرية أن هذا الاعتناء يجب أن يكون بلطف ، فأنت لست مطلوب منك أن تشترك في إحدى صالات الجيم الفاخرة ، ولا مطلوب منك أن تكون بطلًا لكمال الأجسام ..حافظ فقط على وزنك وسعادتك النفسية ، فهما كفيلان على الحفاظ على جسدك من الأمراض الخاصة بالعمر .
الاستراتيجية الثالثة : لا تختزن المال
ربما تكون هذه الاستراتيجية مختلفة تمامًا لما يحدث في مجتمعنا الشرقي ، ففي مجتمعاتنا يعمل الرجل لنفسه ولأولاده ولأحفاده ، يكتنز المال لزيجات أبنائه ، وعمل مشروع لحفيده القادم بعد عشرين سنة في علم الغيب .. هذه الاستراتيجية تقول أن الأبناء عليهم صناعة مستقبلهم بأنفسهم ، طالما عرفوا من أين يأتي المال ، وطالما لم تقصر في تربيتهم ، وطالما هو مالك فهو لك ، وطالما أنت لازلت هنا فأنت فلابد أن تستمتع به .
الاستراتيجية الرابعة : أن تكون عارفة عبد الرسول
هذه الاستراتيجية بالذات يمكننا أن نقول أنها صناعة وطنية ، لم يتحدث عنها الخواجات ولا غيره ، فقط فعلتها الفنانة الرايقة عارفة عبد الرسول دون كلام عنها ، وهي ” طنش تعيش مبسوط”، وكصحفي كنت أنتظر على أحر من الجمر ردود عنترية من عارفة عبد الرسول على ما حدث ، ونصائح وآراء منها للجميع في كيفية تجاوز تلك الحملة من التنمر ، لكنها تجاهلت كل هذا ، وربما أغلقت السوشيال ميديا واستمتعت بباقي اليوم على الشاطئ في الشمس والهواء ، وليسقط هؤلاء .. وتعيش عارفة عبد الرسول .
الكاتب
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ما هو انطباعك؟





