همتك نعدل الكفة
90   مشاهدة  

عاش يا “هندزة” .. ملحمة “المقاولون العرب” في نصر أكتوبر المجيد

المقاولون العرب
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



وعلى الربابة نغني، ولن نغني بصوت أرق من ليلى نظمي عندما غازلت “الباشمهندس” الذي يبني عمارة متاخمة لبيتها فاشتعلت شرارة الحُب، فقالت له في أغنيتها “يا باشمهندس” : “يا باشمهندس يا مهندس عمارة الجيران.. ما تبص بصّة وتهندس في القلب كمان”، بل وزادت من الشعر بيت حين قالت له : “في وقفتك ويّا البنّا .. زي الملاك على باب جنّة” .. وإذا انجرفنا للحديث عن عباقرة الهندسة في مصر لن ننتهي من الكلام لسنين قادمة، لكننا اليوم سنتحدث عن المهندس الذي حمل السلاح في يد والرسومات الهندسية في يد أخرى وطلع مع إخوة له على الجبهة ليحمي بلاده ويساهم مساهمة كبرى في حرب أكتوبر المجيدة .. وعندما نذكر المؤسسية في الهندسة فلا عنوان أكبر من شركة “المقاولون العرب” التي يعتبرها المصريون أكثر من شركة هندسية، بل هي مكوّن معنوي رئيسي في مُخيلة المصريين والتاريخ المصري الحديث .. فالمقاولون العرب منذ تأسيسها عام 1955 على يد صاحبها عثمان أحمد عثمان.

YouTube player

أغنية ليلى نظمي “يا باشمهندس”

 

تعد ملحمة أبناء المقاولون العرب في بناء حائط الصواريخ في أيام حرب الاستنزاف هي بالمعنى الحرفي ملحمة “النفس الطويل” حيث لا أحد هنا يمكن أن يصيبه الملل، فالعدو الإسرائيلي متتبع كل إنشاءات الشركة الوطنية، وكانت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تضرب إنشاءات مهندسي المقاولون العرب، حيث كانوا يشرفون على بناء دُشم وحظائر الطائرات، وبناء حائط الصواريخ، وفي كل مرة ينجح فيها أبناء المقاولون العرب في بناء حائط من حوائط الصواريخ تأتي طائرات العدو على الفور لضربه ويعيد أبناء المقاولون العرب بناؤه .. وتُعاد الكَرَّة حتى إن هناك حائط من الحوائط قام أبناء “المقاولون” ببناؤه خمسة مرات بعد أن ضربه العدو مرارًا وتكرارًا، وكان المهندسين يعملون في ظروف أقل ما يقال عنها أنها شديدة الصعوبة ولا تسمح لعمل هندسي أن يكتمل، وهكذا دخل مهندسين المقاولون العرب في “عَركة” خاصة مع العدو حيث حملوا على عواتقهم بناء حائط الصواريخ والدشم والحظائر، ونجحوا بإصرار وعزيمة ومبادئ الشركة الوطنية. 

 

الرئيس جمال عبد الناصر وقرار بناء حائط الصواريخ
الرئيس جمال عبد الناصر وقرار بناء حائط الصواريخ

وكان الرئيس جمال عبد الناصر قد أصدر قراره ببناء شبكة كاملة من حوائط صواريخ الدفاع الجوي في نهاية عام 1969 ، وبدأت 21 شركة بالتحديد تنفيذ المهمة في مقدمتها شركة المقاولون العرب في شهر يناير للعام 1970 .. وكان حجم المهمة ضخمًا حيث كانت الشركات تنفذ مهمة بحجم 795 مليون متر مكعب من الأعمال الترابية و1.4 مليون متر مكعب من الخرسانة العادية و1.68 مليون متر مكعب من الخرسانة المسلحة و800 كيلو متر طرق إسفلتية و3000 كيلو متر طرق ترابية.

 

بناء حائط الصواريخ
بناء حائط الصواريخ

وكان شهداء شركة المقاولون العرب قد وصل عددهم إلى 500 شهيد على الضفة الغربية بشهادة مؤسسها عثمان أحمد عثمان في مذكراته  التي كُتبت بعنوان “تجربتي”، حيث كُتب على لسانه كواليس عمل أبناء شركته في تلك الظروف العصيبة على خط النار، ويقول : المقاولون العرب اكتسبت خبرة كبيرة فى عملية بناء السد العالى، وإستطاعت أن تنفرد بتنفيذ ما لا تستطيعه أى شركة غيرها فى المنطقة كلها، وأسندت الدولة إلى الشركة بناء قواعد حائط صواريخ الدفاع الجوى، لقطع الذراع الطويلة للطيران الإسرائيلى، كما أسندت الدولة للمقاولون العرب بناء حظائر الطائرات حتى لا تكون طائراتنا فى متناول يد الطيران الإسرائيلى، كما حدث فى يونيو 1967، و1956.

 

كتاب تجربتي
كتاب تجربتي

 

إقرأ أيضا
الخال

 

ويكمل قائلًا : نجحت المقاولون العرب فى تنفيذ تلك المهمة الكبيرة فى أوقات قياسية وقوة فنية خارقة وصلت إلى أعلى مستويات الدقة فى التنفيذ، الأمر الذى مكن الشركة من أن تتخصص فى هذا النوع من الإنشاءات ليس فى مصر وحدها ولكن فى المنطقة العربية كلها، بشكل لم يصل إليه مستوى أداء أى شركة عالمية فى مجال تلك الإنشاءات وقد تصدينا لتلك الأعمال تحت أقسى الظروف فى جو من التحدى الرهيب الذى يجعلنى أقول: إن بناء دشم الطائرات وقواعد الصواريخ كان ملحمة نضال رائعة للمقاولون العرب وليس تعبيراً عن ملكات الفن الإنشائى وحده، وكان لنا شهداء شرفاء، سقط منهم على الضفة الغربية للقناة 500 شهيداً فى يوم واحد أثناء بناء حائط الصواريخ، ، فى مدة لا تتجاوز شهرين وكثف طيران العدو من غاراته على كل إنشاء جديد، لكى ينسف ويدمر كل ما تصل إليه يده، وواصل أبناء المقاولون العرب الليل بالنهار، فى ملحمة صراع هائلة من أجل إقامة المنشآت الجديدة، ولكن لإعادة بناء كل ما يقوم الطيران الإسرائيلى بتدميره، وكان التحدى قد وصل إلى قيام الطيران الإسرائيلى بهدم إحدى القواعد بعد بنائها أكثر من 5 مرات ومع ذلك نجحوا فى إقامتها رغم أنفه. 

الكاتب

  • المقاولون العرب محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان