عدد المسيحيين الحقيقي في مصر!

لو كان الزملكاوية يغضبهم قول “الأهلاوية” إن جمهور الأهلي 70 مليونا في مصر فقط.. والباقي من المائة مليون جمهور للأندية الأخرى.. أحب أطمئنهم وأقف في صفهم _هذه المرة_ لأن الرقم مشكوك فيه بالفعل، ولا توجد إحصائية رسمية لجمهور الأندية في مصر.. وأن الزملكاوية أكتر م الهم ع الريق.. لكن ماذا تفعل لو كنت مسيحيا في مصر.. وكلما سئل السؤال أمامك عن “عددكم كام في مصر” لا تعرف الإجابة؟

الحقيقة أن عدد المسيحيين في بلادنا لا أحد يعرفه.

لا الحكومة.. ولا مراكز التعداد والإحصاء.. ولا الكنيسة ولا حتى البابا تواضروس بذات شخصه.. ولا حتى مرتضى منصور الذي يعرف كل شيء ولا يخفى عنه واردة أو شاردة كما يقول عن نفسه.. وقد وصف البعض الأمر (عدد المسيحيين مش مرتضى) على أنه “أمن قومي”.. تخيل!! عدد المسيحيين في مصر مسألة تخص الأمن القومي، مثل “مياه النيل” و “محمد صلاح”.. تخيل!

في أكثر من مناسبة، أثار هذا الأمر الجدل والغضب بين الكنيسة المصرية والحكومة، مرة بسبب تصريح لأحد الوزراء _غير المسئولين طبعا_ قال فيه إن المسيحيين لا يتجاوزوا 5 ملايين مسيحي في مصر وكان فاضل يذكر أساميهم.. و مرة أخرى بسبب تصريح كنسي حول عدد الأقباط الحقيقي في مصر. وطوال السنين الماضية لا يتجرأ أحد على قول الحقيقة.. ويستمر الموضوع في سياق “التكهنات” والتخمين..

لا يمكن تحديد نسبة الأقباط في مصر، فخلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر “وما أدراك ما الستينيات” وتحديدا عام 1966 تم عمل إحصاء رسمي بين وقتها أن نسبة المسيحيين في مصر 7.2 % تصل إلى 9% مع إضافة عدد أقباط المهجر.. وبالأرقام يصل عدد المسيحيين إلى 3 ملايين من أصل 30 مليون.

الإحصاء الثاني كان عام 1976 في عهد الرئيس أنور السادات، وبسبب العلاقة المتوترة بينه وبين البابا شنودة وقتها، طعنت الكنيسة في صحة العدد الذي أظهره تعداد السادات، الذي بين أن عدد الأقباط تراجع ووصل إلى 2.2 مليون. ما يعني أن العدد لم يزد طوال عشر سنوات إلا 200 ألف نسمة فقط!

أخر تعداد رسمي في مصر عن عدد المسيحيين في مصر ” بين أن نسبتهم 6% من عدد سكان مصر وقتها (48 مليونا).. وكان ذلك في عام 86 .. والغريب أن الدولة والحكومة ومراكز البحوث المصرية تتعامل مع الرقم الأخير باعتباره العدد الحقيقي للمسيحيين في مصر حتى الآن!

آخر حلقة هذا الجدل كانت ما أعلنه قداسة البابا تواضروس الثاني، عن عدد المسيحيين، بقوله إنهم يبلغون نحو 15 مليونا، خلاف 2 مليون أخرين بالمهجر في أكثر من 60 دولة في العالم..

لكن هناك بالفعل قيادات كنسية، تكلمت في الموضوع بشكل مباشر، مثل “الأنبا باخميوس” مطران البحيرة، الذي أعلن في 2018 أن عدد المسيحيين في مصر، حسب تعداد الكنائس في كل إبراشيات مصر، هو 18 مليونا، ما يجعل النسبة تصل إلى 15 % من تعداد مصر.

الأمر بين الدولة والكنيسة في مسألة عدد المسيحيين، يشوبه كثير من المصالح.. وعديلي أعديلك.. ولا يتحدث فيه أحد طول ما إحنا حبايب.. والموضوع بينهم ماشي زي علاقة اتحاد الكورة بالأهلي.. نعدي ونفوت لبعض.. لكن هاتقف ع الواحدة الوطنية وصوتكم يعلى هتاخد فوق بياناتك وهو ما ظهر جليا في أواخر فترة حكم “مبارك” عام 2008 تحديدا، عندما خرج البابا شنودة وطالب ب “كوتة” للأقباط في مجلس الشعب، بعدما خرجت الانتخابات قبل طلب البابا بعدم حصول أي مسيحي على مقعد واحد في المجلس.. وهو نفس ما حدث عندما خرج وزير وقتها وقال إن المسيحيين لا يحتاجون لكنائس جديدة، والكنائس الموجودة تكفي عددهم وتزيد.. وقتها طلب البابا الراحل أيضا عمل إحصاء لعدد المسيحيين عن طريق الإيبراشيات والكنائس في كل مصر.. وقتها الدنيا قامت ولم تقعد.. وتعملي إيه يا حكومة.. وتتصرفي إزاي يا حكومة.. وكان وقتها هناك خلاف بين الدولة وأراضي “دير أبو فانا” في الصعيد.. فسوت الحكومة الخلاف وأقرت بأحقية الدير بالأرض.. ومات الكلام من ناحية الكنيسة لا عن “عدد المسيحيين”.

إقرأ أيضا

تاريخ المعسل في مصر قبل 200 سنة “هكذا كان يتم تصنيعه وتدخينه”

دعك الآن من كل هذه الإحصائيات والرسميات، وتعالى إلى المواطنين أنفسهم.. الناس العادية.. هل فعلا يفرق معهم عدد المسيحيين في مصر؟.. تفتكروا موضوع مصر فيها كم مسيحي شاغلة بال المصريين.. كم مسيحي في البلد.. هل تذكرت الآن جملة ” ده إنتوا كترتوا قوي في البلد”؟ هل يفرق معك كم مسيحي في شارعكم.. هل تفرق معاك فعلا جارك مسيحي ولا مسلم؟.. كم مسيحي في شغلك.. هل تفرق فعلا لو صاحب الشغل مسيحي.. هل تعرف أن هناك من ينظر إلى لافتة الصيدلية أو المطعم أو البقالة قبل دخولها، ليعرف ديانة صاحبها، ولو كان مسيحيا، يشوف غيره.. سوف تقول لي الآن إنني “معقد” وأن من أتحدث عنهم هؤلاء قلة قليلة مندسة.. وأنا سوف أقول لك إن هذا يعتبر اعتراف ضمني أنهم موجودون.

الجميع في مصر يعرف أن المسيحيين في مصر أقلية.. مسلمون ومسيحيون.. حكومة وكنيسة وأزهر.. كل العالم يعرف أنهم أقلية.. وكلمة “أقلية” ليست شتيمة.. وهناك عشرات بل مئات الأقليات العرقية والدينية تعيش حول العالم بلا أدنى مشاكل.. لكن في مصر لابد أن يكون الأمر مختلفا، كطبيعتنا وعادتنا التي لا نشتريها.

“حد السعف” بلا سعف.. و”جمعة حزينة” على مصر.. كرياليسون