فن وحيد حامد والأزهر .. ثنائية الحضور الباهت ورسائل الدور اللافت

لم يحدث صدام بين الكاتب الراحل وحيد حامد والأزهر الشريف لا على المستوى الأيدولوجي ولا على المستوى الفني، فالمؤلف العبقري الذي يعد خصمًا لدودًا لمقص الرقيب لم تسلط عليه عمامة الأزهر الشريف طيلة مسيرته الفنية، رغم الخلاف في الرؤى.

وحيد حامد والأزهر .. كيف ظهرت المؤسسة الدينية في أعماله ؟

عاصر الكاتب وحيد حامد 5 شيوخ للأزهر هم عبدالحليم محمود وعبدالرحمن بيصار وجاد الحق علي جاد ومحمد سيد طنطاوي وأحمد الطيب؛ وجميعهم كانوا في فترة سياسية وفكرية شديدة الثراء، عبر عنها وحيد حامد بأعماله، وكان الأزهر لاعبًا أساسيًا فيها، ومع ذلك غاب الأزهر عن تلك الأعمال.

غاب الأزهر عن أعمال الفنان وحيد حامد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ومع التسعينيات اقتصر ظهور الأزهريين في أعمال وحيد حامد على الأئمة بشكل ساخر به حالة من شبه الوقارة دور الفنان أحمد أبو عبية في فيلم الإرهاب والكباب، والفنان لطفي عبدالحميد في فيلم النوم في العسل.

في 11 فبراير من عام 1994 عُرِض مسلسل العائلة للكاتب وحيد حامد وهو أحد أبرز الأعمال الدرامية التي تناولت الإرهاب في مصر بشكلٍ شديد المباشرة.

دخل وحيد حامد مع الأزهر في أزمة كبيرة طفت على السطح يوم 10 مارس من نفس العام حيث قال الشيخ جاد الحق علي جاد الحق أن سيناريو العمل عُرِض على الأزهر وأبدى فيه اعتراضًا على بعض التجاوزات الدينية وعلى رأسها إنكار العمل لعذاب القبر.

ورغم هذا الخلاف بين وحيد حامد والأزهر لكن المسلسل تكلم عن الخطاب الديني والفرق بينه وبين الأزهر، إذ أنه في أحد مشاهد مسلسل العائلة ظهر الفنان عبدالمنعم مدبولي وهو ينتقد الممثل توفيق عبدالحميد نظرًا لقيام الأخير الذي يجسد شخصية سلفية، بنشر كتب دون مراجعة من الأزهر الشريف، فقال له عبدالمنعم مدبولي على لسان الشخصية «انت متعرفش يعني إيه الأزهر الشريف».

ثنائية الجماعة .. كيف ظهر الأزهر فيها ؟

في العام 2010 كان عرض الجزء الأول من مسلسل الجماعة ووقتها أثار جدلاً واسعًا في الشارع المصري ولم يدخل الأزهر في طابور المعترضين على العمل ولا المؤيدين له باستثناء بعض كتابات الصحفيين الأزهريين المؤيدة له.

ألصق الجزء الأول من مسلسل الجماعة تهمة بحق وحيد حامد وهي أنه صاحب كذبة ميليشيات الإخوان في جامعة الأزهر لكن هذا غير صحيح، لكن المؤسسة الأزهرية ظهرت على خطين بالجزء الأول من المسلسل، كان الخط الأول تقديرها كمؤسسة دينية منوط بها التصدي للفكر الإخواني والسلفي.

أما الخط الثاني فكان الخط التاريخي والذي به بعض الخلل، فالمسلسل الذي أظهر الصلة الوطيدة بين شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي وحسن البنا، لم يُظْهِر موقف الأزهريين من جماعة الإخوان والذين كانوا معارضين لها، اكتفى فقط بأن بعضهم يؤيد الجماعة طمعًا في الترقي من شيخ الأزهر، بينما أظهر البعض الآخر على أنهم من رجال الحكومة النقراشية.

في الجزء الثاني من مسلسل الجماعة سنة 2017 م جاء الأزهر بعددٍ من المشاهد التاريخية في سياق الأحداث لكن النقطة التي أثارت الجدل على وحيد حامد المشهد الوارد خلال الحلقة 23 حيث انتقد جمال عبدالناصر موقف الأزهر من كتاب معالم في الطريق لسيد قطب.

تاريخيًا فإن الأزهر لم يتخذ موقفًا من كتاب معالم في الطريق وقت أن ظهر لأول مرة سنة 1964 ثم تدارك الموقف بعد فضح تنظيم سيد قطب حيث أصدر الشيخ حسن مأمون سنة 1965 م قرارًا بتكليف الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر لمراجعة الكتاب وأصدر تقريرًا يرفض ما بالكتاب من أطروحات.

وحيد حامد المفكر وموقفه من الأزهر

إقرأ أيضا

دفن رأس الحسين في المدينة المنورة “حدث تاريخي لم يحدث لهذا السبب”

بعد سقوط نظام الإخوان سنة 2013 م كان موقف وحيد حامد من الأزهر متباينًا ففي 2015 أكد أن الأزهر الشريف هو المؤسسة التي يجب عليها أن تتولى تصحيح الصورة المغلوطة للدين الإسلامي بسبب المعتقدات الخاطئة التي ترسخت نتيجة الخطاب السلفي.

اقرأ أيضًا
وحيد حامد مات قبل أن أعتذر له .. كم أنا غبي

لكن وحـيد حامد اشترط لضمان نجاح الأزهر في تصحيح الخطاب الديني أن يعترف بوجود متشددين بداخله وعبر عن هذا قائلاً «لازم نواجه الحقيقة، فيه بعض الناس داخل الأزهر متشددين ودي أفكارهم اللي مقتنعين بيها».

أما في 2019 وخلال مشاركته في المؤتمر السنوية للهيئة القبطية في هولندا أكد السيناريست وحيد حامد على أن الأزهر الشريف يتلقى تمويلا خارجيا يجعل موزانته مثل الدولة تماما، قائلاً «سلطات الأزهر توحشت»، وقال السيناريست وحـيد حامد، أن صعود الأزهر يمثل توحش في سلطاته، مؤكدا أن لفظ التوحش أفضل وصف باعتبار أنه كاتب دراما.