همتك نعدل الكفة
335   مشاهدة  

فيلا 69..الحب يهزم أي شيء آخر

فيلا 69
  • إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أن تنجذبي لشخص ذو طباعٍ مرنة، معسول الكلام، يتمتع بعنفوان الشباب أمرٌ منطقي لا يوجد فيه ما يثير التساؤلات، ولكن أن يجذبك رجل عجوز مريض حاد الطباع، سليط اللسان لا يعرف ألف باء ذوقيات هو أمر جد مُحير، ومع كل هذا فقد وقعت في حُب حسين.

حسين هو بطل فيلم فيلا 69 للمخرجة أيتن أمين وكتابة محمد الحاج ومحمود عزت ويجسد شخصيته الفنان خالد أبو النجا وهو رجل مُسن مريض  يعيش بمفرده بفيلا تركها له أهله، تحاول أخته والتي تلعب دورها الفنانة لبلبة اختراق عزلته ونقل حياتها معه هي وحفيدها.

تقول لي إحدى الصديقات أننا في أقصى لحظات ضعفنا أحياناً نقوم بصد من يحاولون تحويل مشاعرهم الطيبة إلينا لطوق نجاة، نقوم بصدهم بمنتهى الفظاظة ليس لأننا نمقت وجودهم، أو لا نحتاج لبح عواطفهم الحلوة، ولكن نحاول التظاهر بالقوة طوال الوقت حتى لا ينهار ما تبقى منا، نحاول ألا نبدو على حقيقتنا الضعيفة في لحظاتنا الصعبة، هكذا كان حسين الذي جعله مرضه صعب المراس يؤذي من يحاول الاقتراب منه ويعكر صفو خلوته بسلاطة لسانه وجفاءه في المعاملة.

إلى الفنان محمد سعد ..نحن نفتقد دور نيجرو

 نتصرف جميعا مثله كالأطفال الذي يعانون من الجوع ولكن يفضلون التدلل على أمهاتهم والتصنع بعدم رغبتهم في الأكل فقط لسد هذا الاحتياج بشعورهم بالأهمية.

 ينصاع بالنهاية حسين لفك عزلته والخضوع لإقامة أخته وحفيدها معه بالمنزل، تذوب كل أسواره التي يبنيها إزاء الناس وسط رياح التغير والاهتمام الجديدة على حياته، ويعرض لنا الفيلم حالة فريدة من تواصل إنساني يكاد يقترب من الصداقة بين حسين وحفيد أخته “سيف” والذى يلعب دوره الفنان الشاب  عمر الغندور فيدخله إلى عالمه وحياته العاطفية حيث يتبادلان النصائح والآراء في أمور حياتية مُختلفة مع الوقت وهو عكس المتوقع تماما من شخصية حسين التي رأيناها في أول الفيلم.

أنجذب كثيراً لهذه الشخصيات الغامضة الصادقة التي تتمتع بطباعٍ غريبة وتقسم عيناها على أن ورائها حدوتة كبيرة، لذلك  صدقت مشاعر “سناء” التي جسدت شخصيتها الفنانة أروى جودة وهي فتاة شابة في أواخر العشرينات من عُمرها أحبت حسين على الرغم من الفرق الكبير بينهما في السن.الحب لا يعرف المنطق كما لا يعرف الحسابات التي يحاول فرضها العقل، فالعلاقات الإنسانية جميعها تنجح إن تواجد الحب والثقة ، وربما لذلك انسحبت سناء من حياة حسين عندما علمت مرضه بالتحديد الذي أخفاه عليها مُتعمداً، تنهار ولم يترك لها خيار آخر سوى الرحيل مصطحبة وجعها ودموعها معها في المشهد الأخير بينها وبينه تاركة له بعض الذكريات ربما ليحاول أن يحيا عليها!

شخصية حسين مُختلفة عن الشخصيات التي لعبها خالد أبو النجا بمشواره الفني، وقد تميز في أدائها بتعقيداتها وهو من أهم الأدوار التي لعبها بتاريخه إن لم يكن الأهم على الإطلاق، وعلى الرغم من أن هذه هي التجربة  كانت التجربة الفنية الأولى لخالد أبو النجا والفنانة لبلبة معاً، إلا أن الكيميا بالعمل كانت واضحة على الشاشة بينهما، كما جاء أداء الفنانة لبلبة لدور نادرة الأخت الحمولة الحنون رائعاً كعادتها، فتلمس مشاعرك حتى تصدق حبها لأخيها وصبرها عليه و معاناتها في التعامل معه في نفس الآن

ساعد على اندماج المُشاهد بقصة الفيلم اختيار المُخرجة أيتن أمين لطاقم العمل حيث نجحت في توظيف كل فنان في دوره المُناسب، واستعانت بمواهب صغيرة شابة، وقد حصل الفيلم على عدة جوائز بمهرجانات مُختلفة كما شارك بمهرجانات أخرى دولية.

إقرأ أيضا
أطفال غزة وسوء التغذية

ربما أراد صانعو الفيلم توصيل رسالة  للجمهور تدعو للمعافرة لآخر لحظات عمرنا وتحدي المرض بإرادة وابتسامة وحب. حيث يأتي المشهد الأخير في الفيلم لحسين الذي قرر أخيراً أن يكسر حاجز عزلته بينه وبين الشوارع كما فعل مع الناس، يطلب من حفيد أخته أن يتجول به في شوارع القاهرة بسيارة أبيه بأشيك  صورة تراه فيها، تقول له أخته نادرة في إحدى المشاهد: اللي يشوفك يقول عليك هتعيش ولا مليون سنة.

هكذا يجب أن نتحدى الصعوبات بالأمل والحب القادر على فك كل العقد مهما كانت صعوباتها بالنفس البشرية، فالحب يغير ما لا نتوقع أبداً تغيره كما فعل مع حسين.

الكاتب

  • فيلا 69 إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان