في حب طلعت زين المطرب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
حب الناس رزق من عند ربنا, خمسة وأربعون ثانية فقط في بداية كليب “راجعين” للمطرب “عمرو دياب؛ كانت كفيلة بزرع محبة “طلعت زين” في قلب الجمهور,على الرغم من تواجد نجوم معروفين داخل الكليب، إلا أن الأنظار كلها اتجهت صوب المطرب الأسمر الذي يرتدي بدلة كلاسيكية يتراقص على موسيقى “التشا تشا” ويغني بصوت له جرس مميز نفذ إلي القلب مباشرة “تعالي تعالي يا حبيب العمر تعالى” في أجواء اربعينية ساحرة بعدسة سينمائية للمخرج طارق العريان تلك الجملة الموسيقية التي علقت في الأذان مباشرة فحفظها الجمهور أكثر مما حفظ الأغنية الأصلية.
لم يكن في تصور الجميع أن تلك المشاهد العابرة ستخطف أنظار الجميع وستكون دافعًا قويًا لإعادة تقديم طلعت زين كمطرب مرة أخري ولكن في أغاني عربية هذه المرة، بعد أن قضى أغلب عمره يغني الأغاني الغربية في العديد من الفرق الغنائية واقتصرت شهرته على رواد تلك الفرق فقط.
من رحم تلك الخمسة وأربعون ثانية ولد أول ألبومات “طلعت زين” تعالى، وتم الاستعانة بالموزع أشرف محروس لكي يكمل التيمة الموسيقية التي وضعها في مقدمة كليب راجعين بمساعدة الشاعر مدحت العدل، ويظهر طلعت زين في كليبه الأول “تعالي” بحلة تسعينية بالتي شيرت الأبيض والجينز.
تمر هذه الأيام ذكرى رحيله سنحاول استعادة مشوار طلعت زين المطرب والذي لم ينل تقديرًا كافيًا يستحقه.
اقرأ ايضًا
سمير الإسكندراني الصوت الذي يشبه مدينة كوزموبوليتانية
تعالى
في وقت كانت الأغاني الضاربة “Hits” تسير تحت رحمة المقسوم، تفاجئ الجميع بألبوم “تعالي” والذي كان بمثابة تأكيد لهوية طلعت زين كمطرب متمرس على الغناء الغربي، وانعكس ذلك على اختياراته داخل الألبوم بالاستعانة بعدة أسماء لها باع طويل في الموسيقى الغربية سواء كعازفين أو كموزعين مثل “أشرف محروس” رفيق دربه في العديد من الفرق الغنائية وعمرو أبو ذكري وعازف الساكسفون رجا ريس والملحن الليبي ناصر المزداوي المنتشي بنجاح لحنه “نور العين” مع عمرو دياب.
مثل ألبوم تعالى تيارًا موسيقيًا مختلفًا عن السائد في منتصف التسعينات وشكل إرهاصة مبكرة للتغيير الوشيك الذي سوف يحدث في سوق البوب المصري والذي سيتحول بالكامل للشكل الغربي بعد سنين كان يسير في فلك شكل غنائي ثابت.
جاء الألبوم متوازنًا من التنويع في الأنماط والأشكال الموسيقية الغربية وأن كان هناك حضورًا قويًا للموسيقى اللاتينية، وإعادة تقديم لحن “مكارينا” الشهير بعد تمصيره على يد الشاعر “عادل عمر” ووزعها الضلع المهم في سوق البوب المصري “طارق مدكور”
لكن يظل الحضور الأقوي في الألبوم في أغنية “العشق جنون” والتي كانت بمثابة درسًا مجانيًا للمطربين في كيفية صنع أغنية غربية قحة بأيدي مصرية
تيكا تا
جاء الألبوم الثاني “تيكا تا” على نفس النهج الذي سار عليه ألبوم “تعالى” من التنوع والتنقل بين الأنماط الموسيقية الغربية، وأن عابه هي التركيز على الإخراج الموسيقي على حساب الكلمات والألحان، وواصل هوايته في تقديم النسخ المصرية من الأغاني الأجنبية التى حققت انتشارًا واسع في تلك الفترة لكن هذه المرة في لحنين دفعة واحدة هما “تيكا تا” Should I leave والتي تم تمصيرها بأسم “فاضل ايه” برؤية موسيقية لم تبتعد كثيرًا عن الأغنية الأصلية,بالإضافة إلى استعادة لحن من الفلكلور في يا لا و لحن محمد فوزي في يا مصطفي، وقدم لأول مرة الشاعر أمير طعيمة في اغنية “بحر عنيك”.
اوه لالا
في تجربته الأخيرة تعاون طلعت زين مع المنتج والموسيقي عمرو محمود، لم يقدم فيها أي لحن عالمي لكنه استعان بلحنين من الفلكلور في اولا لا و الحب نار، وتعاون مع ملحنين جدد على تجربته مثل أشرف سالم وعصام كاريكا وقدم عمرو مصطفي لأول مرة في لحن “بان القوام”، عاب الألبوم الاعتماد المفرط على الشاعر عادل عمر الذي كتب نصف الألبوم تقريبًا فخرجت الكلمات سطحية ساذجة وغير مفهومة في بعضها، وإن حافظ على نفس التنوع في الأنماط الموسيقية بوجود شريكيه أشرف محروس في 3 أغنيات بالإضافة إلي عمرو محمود وطارق مدكور وانضم إليهم حميد الشاعري في اغنيتين ومحمد هلال في واحدة.
لم يحظي الألبوم بشعبية كبيرة لعدم وجود نسخة مصرية من أغنية عالمية في الألبوم وقلة الدعاية والتسويق للألبوم لكن الألبوم واحد من أفضل ألبوماته من ناحية جودة الموسيقى.
رغم اقتصار تجربة طلعت زين علي ثلاث ألبومات غنائية فقط وبعض الأغاني المنفردة،وتقاطع مشروعه الغنائي مع الطلب المتزايد عليه كممثل، إلا أن تجربته الغنائية لم تنل تقديرًا تستحقه وتم حصرها في كونها إعادة لمشروع أغاني الفرانكو أراب مرة أخرى أو إعادة تقديم الألحان العالمية الناجحة، لكن مشروعه الغنائي لم يقتصر على هذا فقط، فقدم العديد من الأشكال الغنائية المتطورة والتي لم يعهدها سوق البوب المصري من قبل، وحافظ على هوية صوته الغربي القح ولم ينجرف لمتطلبات السوق الغنائي وقتها إلا في مرات قليلة.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال