رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
568   مشاهدة  

 قطار الصعيد المظلوم الحزين!

 قطار الصعيد
  • - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد



حتى الساعة، تعدُّ حادثة قطار الصعيد رقم 832 (القاهرة/ أسوان) في عام 2002 هي الأكثر سوءا على الإطلاق في تاريخ حوادث السكك الحديدية بمصر.. الحادث المأساوي الشهير راح ضحيته أكثر من 350 مواطنا من المسافرين الصعايدة، وقد قيل وقتئذ أن سبب الحريق الهائل الذي اشتعل في القطار كان موقد بوتاجاز انفجر في بوفيه إحدى العربات.. أدى الحادث في حينه إلى استقالة وزير النقل “إبراهيم الدميري” ومحاكمة مسؤولين عديدين في الهيئة العريقة بتهمة الإهمال الجسيم.

لم يكن الحادث البشع هو الوحيد الذي جرى لقطار مساره إلى الصعيد أو منه، ولن يكون الأخير غالبا (سلَّم الله الجميع).. كان فقط أكثر ما آلم المصريين من الحوادث وكبَّدهم خسائر بشرية فادحة على خط القطار الذي صار خط نار منذ ذلك الحين، وصار الناس يحسبون للسفر بواسطته ألف حساب، خائفين من المصير المشؤوم.
في الحقيقة يبدو خط الصعيد مظلومًا على الدوام وحزينًا لأقصى درجة؛ لأنه لا يناله التطوير الذي ينال الخط المقابل له بامتداد شريط القطار- خط بحري، ونظرة بسيطة إلى التحديث الذي يكون من نصيب قطارات الإسكندرية مثلا؛ كفيلة بإظهار الفوارق.. يتجاوز الأمر موضوع القطارات إلى الأرض نفسها؛ فليس القليل مما يجري في بني سويف، مثلا، من الإنشاءات والاهتمام بالنواحي الخدمية وتجميل الشوارع وكذا وكذا؛ كالكثير الذي يجري في محافظة قريبة للقاهرة باتجاه الشمال (قد لا يكون الأمر المرصود مطلقًا لكنه معظم الواقع الذي يعكس تمييزًا صارخًا للأسف)، وهو ما يجعل الصعايدة في غضب مكتوم مستمر، ويحسُّون بأنهم “أبناء البطة السوداء”!.

في الآونة الأخيرة، اتخذ السيد وزير النقل قرارا استفز مسافري الوجه القبلي استفزازا كبيرا، هو عدم وصول القادمين من الصعيد بالقطار إلى محطة رمسيس، الرجل يملك أسبابا لقراره طبعا، على رأسها، فيما قيل، أن هؤلاء يكونون سببا في زحام هائل برمسيس، وقد آن أوان تخفيف هذا الزحام باستبعادهم من الدخول إلى القاهرة أصلا، وإنزالهم في محطة بشتيل التابعة لمحافظة الجيزة، ومن هناك يتحركون بالمواصلات العادية بالغين مقاصدهم. وقد قيل إن محطة بشتيل سيتم إعدادها بشكل مناسب لاستقبال الصعايدة القادمين إلى العاصمة، وسوف تكون على أهبة الاستعداد لاحتضان الوافدين ضمانا لراحة الجميع (مساحتها 57 فدانا وتصميمها سيكون على الشكل الفرعوني أو الطراز الأوروبي وستحوي مولا تجاريا ضخما وورشًا ومناطق استثمارية فضلا عن أنها ستكون مخدومة بأربعة طرق).

 

إقرأ أيضًا….
هبة راشد امرأة حديدية بقلب رحيم

الأسئلة البديهية: هل الصعايدة وحدهم هم المتسببون في زحام محطة رمسيس؟ ما الموقف من الصعايدة المقيمين في القاهرة ويودون السفر إلى أقاليمهم- هل سيركبون من بشتيل أيضا؟ هل مرَّ بخاطر الوزير ومعاونيه حجم المعاناة النفسية والتكاليف المادية التي سيتجشمها المسافر بعد إلقائه قبل محطته المقصودة التي اعتاد النزول بها من قبلُ؟.

إن أغلبية الصعايدة لا يأتون إلى القاهرة للنزهة، ولو كانوا فهذا حقهم طبعا، لكنهم يأتون لِمَامًا وكارهينَ لقضاء مصلحةٍ لا يكون تمامها إلا في المركز الرئيسي للبلاد، أو لطبيب شهير سبقته سمعته الطيبة، أو لأداء واجب اجتماعي، وما إلى ذلك من الشؤون، ويوم ينهي الواحد منهم مأموريته في العاصمة مهما تكن؛ يتنفس الصُّعَدَاء في طريق عودته إلى إقليمه الأصلي، شاعرًا بالخلاص من أعبائه الثِّقال!.

 قطار الصعيد
قطار الصعيد

تعليقًا على ما كان؛ كتب الأستاذ الكبير سعد عبد الرحمن (الشاعر والكاتب والمثقف الكبير ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة سابقا) وهو ينتمي إلى أسيوط بوسط الصعيد: قرار منع القطارات القادمة من محافظات الصعيد من الوصول إلى محطة القاهرة قرار عنصري بامتياز مهما كانت الحجج والمبررات، وإذا نُفِّذ- لا قدر الله- فسيزيد من حنق الصعايدة على الحكومة لأن معاناة وصولهم إلى القاهرة ستتضاعف.. علمًا بأن 90% من الصعايدة القادمين إلى القاهرة يُقدِمُون إليها مضطرين لأسباب شتى. (هكذا تحت عنوان: عنصرية مقيتة)
وفي لمحة ساخرة، شبه شاعر العامية القدير رمضان عبد العليم، المنتمي إلى أرمنت التابعة لمحافظة الأقصر بأقاصي الجنوب، شبه “محطة بشتيل” ب “سجن الباستيل” الشهير عالميًّا، للتوافق الإيقاعي بين الاسمين، فأسماها “سجن البشتيل”.. قال على صفحته بالفيسبوك: ربما أقاموا “سجن البشتيل” للداخلين إلى القاهرة بدون دعوة محدَّدة.. (!).

إقرأ أيضا
الأديبة ماجدة جادو

طمأن المهندس أشرف رسلان، رئيس هيئة السكة الحديد، جموع الصعايدة معارضي القرار، في حينه، لكنها طمأنينة بكلامٍ مرسلٍ لا يشفي الغليل، وأغلبيَّة النَّاس في الصعيد ما يزالوان غاضبين فوق غضبهم الطبيعيِّ وشاعرين بالدُّونيَّة والهوان.

الكاتب

  •  قطار الصعيد عبد الرحيم طايع

    - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان