كفوا أيديكم عن حمزة نمرة
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
يطارد المطرب حمزة نمرة طوال الوقت رأيان الأول يراه مطرب الإسلاميين الممل الذي يغني أغاني تنمية بشرية على موسيقى تجارية، والثاني يراه أحد الفنانين الملتزمين بالقضايا الوطنية والإنسانية.
في منتصف المسافة يقف حمزة نمرة حائرًا يريد إرضاء جميع الأطراف، ينفي علاقته بأي تنظيم سياسي غير مهتم بأن يطلق عليه لقب مطرب الثورة وأن أغانيه مجرد متنفس يعبر عننا وعن الظروف التي نمر بها دون أن نحملها أكثر مما يجب، وأن تكوينه الفني جمع كافة الأطياف بداية من سيد درويش وصولَا إلى الشيخ أمام ومحمد منير وحتى تجربة حميد الشاعري وموسيقى الجيل.
تلك الآراء تواصل التداعي كلما ظهر حمزة نمرة تريندًا على مواقع التواصل الإجتماعي، بعد منشور لرئيس هيئة الترفيه السعودية “تركي اّل شيخ” دعا فيه حمزة نمرة وفرقة كايروكي للغناء داخل السعودية، علق حمزة بأنه يتشرف بقبول الدعوة للغناء وسط أهل السعودية البلد التي عاش طفولته فيها، هذا التعليق أثار غضب الكثيرين الذي رأوا أن حمزة يتخلى عن مبادئه التي توضع في صف “المبادئ الثورية” وأن أي تعاون مع هيئة الترفيه سوف يطيح بشعبيته.
لا ننفي أن رئيس هيئة الترفيه لا يلقى قبولًا شعبيًا داخل مصر، ويحاول التغلب على هذا بالتعاون مع كل النجوم المصرية، لكن الجمهور الغاضب نفسه متناقض يكيل بمكيالين تجاه هذا التعاون، يغض الطرف عنها لو كان مع نجمه المفضل ويسب ويلعن في اّخرون لمجرد أنهم لم يحققوا رغبته في التشفي والانتقام والثورة في وجه رئيس هيئة الترفيه.
فمثلًا جمهور عمرو دياب الأهلاوي – الذي يمقت تركي لسابق مشكلاته مع إدارة النادي الأهلي- يغض الطرف عن العلاقة المريبة بين عمرو دياب وبين تركي والغزل المبتذل المتبادل بينهما على مواقع التواصل الإجتماعي، ويبلع له الزلط في الأغاني الساذجة الملفقة التي يكتبها تركي ويغنيها عمرو من أجل حفنة دولارات، تلك العلاقة التي يصنفها الجمهور على أنها براغماتية قائمة على المصالح تكون مشروعة في حالة نجم بحجم عمرو وغير مشروعة مع أي نجم آخر.
إلى الشاعر تامر حسين .. إنما للنحت حدود
أما حمزة نمرة فالكل يستخدم نفس الأوراق ضده كل مرة، كيف لمطرب الثورة التي غنى لها وغنى للوطن والغربة التي نعانيها داخله وخارجه أن يقبل الدعوة، بل كان يجب عليه رفضها وإلا سوف يكون قد خدعنا بتلك الشعارات، كيف لهذا الفنان المتمرد أن يبيع نفسه لسيادة المستشار مثلما باع اّخرون، وأنها جولة اخرى انتصر فيها سيادة المستشار الذي يحاول في كل مرة إثبات قدرته على شراء أي شخص مهما بلغت نجوميته أو تبني مواقف ضد مواقفه.
مخطئ من يظن سذاجة مستشار هيئة الترفية وأنه ينظر إلي الأمور بتلك السطحية، الرجل يعرف دوره جيدًا ويفعل كل ما في وسعه لسحب الريادة الفنية من مصر البلد التي كانت تمنح صك النجومية والشهرة لأي فنان عربي، يفتح الباب لمطرب ممنوع من الغناء في بلده، وجعل الكل عينه على الرياض وليس القاهرة، الرياض التي تنفق ببذخ وتستقدم كل الفنانين من أنحاء العالم في موسم سنوي يدر أرباحًا طائلة وفي نفس الوقت نفشل نحن في تنظيم فاعلية فنية واحدة.
لا يمكن بأي حال من الأحوال اللوم أو الغضب من حمزة نمرة، الذي يبحث عن مساحة لنفسه ولفنه بعد أن عانى فترة كبيرة من التهميش والمنع والإتهامات، ومع ذلك لم يساوم يومًا على فنه وفضح في ألبومه الأخير زيف كل التجارب الفنية التي تسير وفق متطلبات سوق الغناء الحالي بصخبه و ابتذاله، حمزة لم يوافق على الغناء في الأراضي المحتلة مع كيان مغتصب مثلًا كي يتم اتهامه أنه باع مبادئه.
كفوا أيديكم عن حمزة نمرة الذي لن يكون حد السكين الذي يمسك به الجمهور الغاضب كي يأخذ ثأره من رئيس هيئة الترفيه.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
كلام فى منتهى الصدق والدقه و الروعه