همتك نعدل الكفة
1٬181   مشاهدة  

كوفية أبونا والغرب يسرقونا..اليهود يسرقون تصميم الشال الفلسطيني  

الكوفية


 

منذ ثلاث سنوات، نشرت صحيفة “جويش كرونيكل” اليهودية الصادرة في لندن، بصفحتها الأولى تصميما لكوفية يهودية مستوحاة من الكوفية الفلسطينية الشهيرة ، وهي من انتاج المصمم الإسرائيلي موشيه هاريل، وقد قام بتغيير لونها إلى الأزرق لتحاكي العلم الاسرائيلي، كما ظهر تطريزها على شكل نجمة داوود بالأزرق والأبيض، ويقول مصمّم الكوفية الجديدة: ” أنه يرغب أن تظل الكوفية -” ذات الأصول العربية واليهودية في ذات الوقت “- مستخدمة كرمز للاندماج الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط.”.

 

الجدير بالذكر أن هذا المنتج الجديد هو نسخة مسروقة من التراث الشعبي الفلسطيني بكل مميزاته الأصلية من خامة وشكل ومقاس، لكنها تختلف في تطريز تيمات إسرائيلية ويهودية.

 

المتتبع لعمليات صناعة وتلفيق تراث لدولة الاحتلال سيلحظ أن اسرائيل قد قامت سابقا بتسجيل بعض الأكلات الفلسطينية أكلات شعبية اسرائيلية، فى ظل انشغال الفلسطينيين ونضالهم، ويبدو أن محاولات الاستيلاء علي التراث لا تزال مستمرة. والآن جاء دور الكوفية الفلسطينية والتي عُرفت كرمز للمقاومة والانتفاضة.

فما هو أصل هذا الرمز الفلسطيني الذي تسعى الصهيونية الى اقتباسه ونسبته لها مثلما سرقت من قبل الفلافل والحمص ؟

 

الكوفية بين الاسم والمعنى :

كلمة الكوفية بالعربية هي نسبة لمدينة الكوفة العراقية وهي أصل ومنشأ فكرة استخدامها قديما في مجتمع الصيادين منذ بدايات الحضارة السومرية والبابلية بغرض الحماية من حرقة الشمس والرياح الشديدة. والجمع منها كوفيات وهي قطعة من المنسوجات القطنية توضع فوق الرأس و الكتف وتلف حول الرقبة وتعرف أيضا باسم (الغترة ) بضم حرف الغين و(الشماغ ) بكسرحرف الشين و(الحطة) و(المشدة) وفي الفارسية يطلق عليها (الجفية) بتعطيش حرف الجيم وفتحه.–Chafiye- أو( دستمال يازدي) بالكردية.

 

والشماغ او الكوفية عادة يتكون من قماش أبيض من القطن الرفيع وعليه نقوش مستطيلة أو مربعة الشكل باللون الأحمر وهو المعتاد في السعودية ودول الخليج العربي وبادية الشام وأكراد شمال العراق، اما النقوشات باللون الأسود فهو الدارج في فلسطين والعراق وسوريا.

ومسمى الشماغ يستخدم في عدة دول في الجزيرة العربية والأردن والعراق ، بينما الكوفية أو الحطّة (في فلسطين)، وكذلك تسمى بالغترة في الإمارات واليمن والكويت والبحرين وقطر.

 

وقد وردت كلمة يشماغ في اللغة السومرية والتي هي في الأصل مقطعين هما: ياش/ ماخ: تعني غطاء الرأس و يعتقد باحثون في الملابس التقليدية للشعوب بأن النمط المستخدم في توزيع الألوان الأحمر والأبيض أو الأسود والأبيض يعود إلى حضارات ما بين النهرين القديمة، ويعتقد أن هذه الأنماط اللونية قد استخدمت رموز بيئية مثلما ذكرنا سابقا مثل شباك صيد السمك وسنابل القمح وأمواج البحر.

 

التاريخ السومري لاستخدام الكوفية

 

يؤكد الباحث العراقي أمين الزيدي من جامعة الناصرية بالعراق معلومة ان “حقيقة أصل الكوفية يعود إلى الحضارة السومرية تحديداً، حيث كان السومريون أصحاب أول حضارة في المنطقة العربية الحالية، وقد كانت حرفتهم الرئيسية هي الصيد، وافتخاراً بصناعتهم تلك قاموا بوضع تلك الخطوط السوداء المتقاطعة فوق كوفياتهم، والتي ترمز إلى شباك الصيد”، مؤكداً وجود العديد من الآثار التاريخية التي تثبت صحة ما يقول. وتوافقت هذه النتيجة من البحث من آراء باحثين آخرين.

ففي عهد الحضارة السومرية بالعراق كان الكهنة يلبسون الملابس البيضاء بشكل يغطي أجسامهم من الرأس حتى القدمين ويضعون فوق غطاء الرأس الأبيض أيضا شبكة سوداء مصنوعة من صوف الأغنام، وهي تشبه شباك صيد الأسماك وكانت رمزا للخير والوفرة أو تعبيرا عن حصة المعبد من الثروة السمكية في أهوار جنوب العراق… أما الخطوط السوداء في أطراف هذه الشباك فتتعلق بطرد الأرواح الشريرة عن الشخص الذي يرتديها. وكان أول من لبس اليشماغ هو الحاكم السومري العادل والمتدين كوديا في الفترة ( 2146 – 2112 ق.م )، وذلك لكونه حاكما عادلا محبا للسلام ويسعى لإسعاد شعبه. ثم اصبح الشماغ لباس الأمراء والكهنة في العصر السومري الذهبي. ( 2122 – 2014 ق.م ) وهكذا انتقل من الكهنة والأمراء إلى عامة الشعب.

وقد توارث هذا التقليد سكان السواحل العراقية عن اجدادهم السومريين قبل خمسة آلاف عام ق.م ، ثم انتشر بعد ذلك وانتقل منهم الى دول الهلال الخصيب والدول الخليجية وباقي البلدان العربية. فانتشرت الكوفية بشكل واسع في المناطق الصحراوية القاحلة جافة المناخ أكثر منها في السواحل للتغلب على طبيعة المناخ الجاف من رمال واتربة وحرارة شمس لا تحتمل فوق الرأس والرقبة والأكتاف . ومما لا شك فيه أن الكوفية اصبحت الغطاء الاشهر للرأس وانتشرت كتقليد شعبي بالجزيرة العربية والشرق الأوسط وسواحل البحر المتوسط عموما.

 

الكوفية رمزا للمقاومة:

في البداية لم تكن الكوفية بالنسبة للفلسطيني أكثر من قطعة قماش يضعها على رأسه وتقيه حر الشمس، وقد يمسح بها عرقه. وكانت ذات لون ابيض، بالأصل، ولم يكن بها أي تطريز.

ومع بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين ، تحركت المقاومة الشعبية هناك، وبدأت عمليات انتحارية ضد المحتلين ، مما أوجب استخدام الكوفية كغطاء للوجه ايضا من قبل الثوار الفلسطينيين والعناصر الجهادية من المقاتلين بقصد التخفي والتمويه. وفي عام 1936 ومنذ بداية الانتفاضة العربية الاولى ، أصبحت الكوفية أيقونة الصمود الفلسطيني أمام الغزو والاستيطان الإسرائيلي. ومن ثم أصبحت توضع حول الرقبة كرسالة واضحة للتعبير عن انتماء سياسي ومساندة للقضية الفلسطينية في صراعها من اجل الارض.

 

وفي عام 1948، و بصدور حكم الإعدام على ولاية فلسطين للأراضي المقدسة بإنشاء ما يسمى بالوطن الاسرائيلي المستحدث بواسطة وعد بلفور. ومع بدأ انتقال السكان الأصليين خارج وطنهم اشتعل العمل الفدائي وأصبح له مكانة وطنية عظيمة. وظهرت قادة وابطال المقاومة مرتدين الكوفية البيضاء المطرزة بالاسود وأصبحت تشكل مفهوما جمعيا ورمزاً للكفاح المسلح.
ومع بدايات عام 1980 كان التحول الكبير في تاريخ شهرة واستخدام الكوفية كأحد أهم اكسسوارات الملابس التي تعبر عن اتجاه وتعلن انتماءات سياسية محددة ، بعدما تم اقتباسها وارتدائها من بعض الشباب والمراهقين في المجتمع الأمريكي وكذلك في بعض دول أوروبا واليابان.

وظهر على الساحة مصطلح جديد ساخر في مفردات المجتمع اليهودي و(كوفية كيندرلاش ) وأصله من اللغة الهولندية بمعنى (كوفية لعب العيال ). كان مصطلح يسخر من هؤلاء الشباب اليهود الذين اتخذوا موقف مناهض لسياسات القمع الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني والصهيونية بصفة عامة.

 

ولكن بمرور الوقت سقط المعنى وأصبح استخدام الشال في أمريكا مجرد قطعة اكسسوار فقط لا تنم عن موقف او أي وعي سياسي. الا ان بعض الشباب من دول متعددة ظل يستخدمها كرسالة موجهة للمجتمع ويمزج بينها وبين القطع الأخرى المموهة كرمز للكفاح معبرين بذلك عن ثورتهم وتمردهم ضد أي أنظمة دكتاتورية في كل أنحاء العالم.

 

وفي عام 2006 قام خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو – رئيس وزراء إسبانيا في هذا الوقت – بإلقاء خطبة رسمية انتقد فيها سياسات وممارسات الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة والهجمات العسكرية على الأراضي اللبنانية….. وبعدها قام أحد المستمعين للخطاب وغالبا كان من المهاجرين العرب واهداه الشال الفلسطيني وقام رئيس الوزراء بارتدائه بكل فخر ومساندة للقضية والتقطت له صور عديدة امتلأت بها كل وسائل الإعلام .

إقرأ أيضا
لحظة غضب

 

أشهر من ارتدى الكوفية:

تاريخيا ظهرت الكوفية كغطاء للرأس من قبل العديد من الشخصيات الغير عربية والتي ارتبطت بالمنطقة العربية أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية. ومن أشهرهم الكولونيل البريطاني توماس إدوارد لورانس الشهير بلورانس العرب لتورطه الإيجابي في الانتفاضة العربية عام 1916 ضد الدولة التركية. وكان الشكل الأيقوني للكولونيل لورانس مرتديا الكوفية والعقال فوقها هو الأكثر شعبية لانتشار الكوفية في بلاد الغرب وخاصة بعدما ظهرت في الفيلم الملحمي الذي جسد قصة حياة الكولونيل وقام ببطولته الممثل البريطاني الشهير بيتر أوتول. وكذلك ظهر بها المشير الألماني إيرفن روميل او ثعلب الصحراء وقد ارتداها فوق رأسه أثناء تواجده وعمله في حملة صحراء شمال افريقيا في الحرب العالمية الثانية. الا ان ارتداؤه لها لم يكن تقربا من العرب كما فعل لورانس وإنما كان لأسباب عملية بحتة ، حيث كان مقتنعا بأهميتها في أجواء الصحراء الغربية لتحميه من المناخ الجاف الخاص بهذه المنطقة.

وفي صفوف المقاومة الشعبية الفلسطينية نجد أشهر من تمسك بها القائد عبد القادر الحسيني 1908 / 1948 ، والمناضل أبو جهاد (خليل الوزير) 1935/ 1988، والزعيم أبو عمار ( ياسر عرفات) 1929 / 2004 ، والسيدة المناضلة ليلى خالد – عضو الجناح الأيمن من جبهة التحرير- والتي كانت تظهر في الصور إعلاميا مرتدية الكوفية الوطنية بشكل حجاب اسلامي يغطي الرأس والكتفين وكان ظهورها هذا كسر للمعتاد من ارتباط هذا الرمز التاريخي بالرجال فقط.

الاستحواذ والتعدي الثقافي:

وقد ظهرت في الأسواق العالمية نسخ مشابهة للكوفية العربية ولكن بألوان متعددة كما تم تغيير التصميم المستخدم من أمواج بحر وشباك صيد الى مربعات او اشكال سداسية ، ويمثل ذلك الاستحواذ والتغيير خطر ثقافي واستهلاكي على الكوفية الأصلية، إلا أن تاريخ الكوفية يؤكد هويتها وشكلها الاصلي و يحصنها تماما ضد أي استحواذات أو تعديلات قد تطرأ عليها.

 

إقرأ أيضًا…منزل مارية القبطية آخر زوجات الرسول في “الشيخ عبادة”

ولكننا مطالبين ببذل مجهود لايصال المعلومة وشرح الامور وفتح التاريخ أمام كل الشباب الذين يلبسونها اليوم ملونة ومختلفة الاشكال دون وعي منهم بهذا التزييف . ويجب التأكيد على دور الكوفية الفلسطينية كرمز من رموز المقاومة ضد الاحتلال الإنجليزي في فلسطين وخلال ثورة عبد القادر الحسيني. ثم دورها في الثورة والانتفاضة ضد الاستيطان الاسرائيلي. وقد اصبحت رمزاً لتوجه عالمي ضد الاستعمار والتوطين في الشرق الاوسط.

الكوفية بين الزي والهوية والقضية:

كما نؤمن أن فلسطين هي مهد موسى وعيسى وموطن الإسراء والمعراج. وكما نعرف ان فلسطين هي التين والزيتون الزعتر والمرمرية والزعفران والبرتقال. وكما نرى ان فلسطين الكفاح والمقاومة والصمود والحق الى أن يعود، فإن صورة المقاومة الفلسطينية في الأذهان لا تكتمل بدون الشال الابيض المطرز بالاسود… فلسطين هي الحطة أو الكوفية.

وسواء كان التطريز المنسوج في الإطار الخارجي هو تيمة تعبر عن أمواج البحر للصيادين أم سنابل القمح للفلاحين ام خطوط رمال الصحراء للبدو وكذلك التطريز بداخلها هو عقد شباك الصيد أم غرز أسلاك الاحتلال الشائكة السوداء، فهي بالنهاية منتج فلسطيني وطني يعبر عن فئات الشعب المختلفة من فلاحين و صيادين وعمال وتجار. ويصل عمرهذا المنتج الشعبي لآلاف السنين وقد ورد في العديد من المراجع وأمهات الكتب أن العرب عموما اعتادوا ارتداء هذه القطعة من القماش القطني مربعة الشكل (الكوفية ) كجزء إضافي فوق عمامة الرأس ولكنها بالتدريج صارت وحدها غطاء الرأس مع وضع حبل مستدير فوقها لتثبيتها يسمى العقال. ويأتي لونها وحجمها وكيفية ربطها ووضعها على الرأس والأكتاف والرقبة كجزء نسبي يتفاوت من منطقة لاخرى ومن بلد لاخر ليعبر عن طبيعة وتاريخ وعادات كل مجتمع يسكن هذه المناطق العربية.

 

وكما قالت مغنية الهيب هوب البريطانية الفلسطينية الاصل – شادية منصور – في اغنيتها الشهيرة (الكوفية عربية) / The Kufiyah is Arab ، “يمكنك أن تأخذ مني الفلافل او تاخذ مني الحمص ولكن اياك ان تتجرأ وتلمس كوفيتي فهي هويتي وقضيتي التي لن تسلبنا إياها أبدا”… وكانت كلمات الاغنية تجسد بحق دور الكوفية كرمز للقومية العربية كلها وليس القضية الفلسطينية فقط.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان