
لماذا ينجح محمود سعد ويفشل معدومي الخيال!

-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
أحب أن أتدبر عدل الله لأستعين به على ظلم الدنيا
بهذه العبارة حدثت نفسي وأنا أشاهد عودة محمود سعد بالسنة الثامنة من باب الخلق عبر شاشة فضائية النهار، وأتأمل الرسائل التي حملتها مقدمة الحلقة الأولى: لا بأس أن يتم استبعادنا أو التخلي عنا، فليس في ذلك حرج لنا بقدر حرج من استبعدونا لبقائنا نحن وزوال أثر غيرنا رغم وجودهم.
في مقدمة الحلقة الأولى تحدث محمود سعد عن قيمة الخيال في تطور الحياة، مذكرا بحكاية مصمم علامة نايكي للأحذية الرياضية، الذي رأى حذاءه قبل خمسين عاما من اليوم في المناسبات والسهرات، والحق أن الخيال هو أساس الابتكار، وأن نجاح أي تجربة لن يتحقق باستنساخ تجارب غيرنا، أو قراءة كتاب، أو تعلم القواعد، دون قدرة على تخيل الإجراءات والتعديلات التي تناسب الظرف المكاني والزماني وتركيبة عناصر التجربة نفسها، لذلك يفشل معدومي الخيال.
ربط محمود سعد تجربة نايكي بتقديمه لضيفه رجل الأعمال صلاح دياب الذي نجح في اختصاصات كثيرة من زراعة وبترول وتجارة وصناعة الحلويات وإدارة العقارات وغيرها، وهذا أيضا بسبب الخيال الذي يعطي صاحبه القدرة على التفويض بحيث يكلف أصحاب خبرات بمسئوليات لا يملك هو القدرة على أدائها، بينما مكنه خياله من تفويض من يستطيع، فكان تعدد مجالات نجاحه نتيجة طبيعية لقدرته.
ابتسمت، كيف لمقدمة في غاية الهدوء والسلاسة أن تكون “ملغمة” بكل هذه العبر والدروس، مرر محمود سعد ما في داخله بخفة يد تمرجي متمرس، أو نشال حريف في أتوبيس مزدحم، تنتهي المقدمة وتجد نفسك قد امتلأ قلبك دون أن تشعر بوخزة الإبرة أو فرغ صدرك من الهم دون أن تبذل جهدا.
الحقيقة أن الإعلام الذي ينكر الناس ويتجاهلهم لا يصل للجمهور، ولو حقق التريند، فالوصول يعني التأثير وهو يختلف كثيرا عن تفاعل لحظي وسطحي مع التفاهة للتشويش على هموم واهتمامات أعظم، لكن في الوقت نفسه يميل الوسطاء بين المعلنين والمحتوى إلى تعظيم شأن التفاهة وتضليل السوق وهكذا يا أستاذ محمود تجد المحتوى الذي يعبر بحق عن الجمهور يضعف أمام يأس صناعه من ضيق سبل الاستمرارية، بينما تزدهر التفاهة بشعار المضللين “الجمهور عايز كدة”.
ربما لا ينتصر الجيد بحسم الجولات أمام الرديء، لأن الحياة ليست عادلة كما نعرف، لكن قدرة الجيد على فرض نفسه كلما أتيحت له الفرصة; أكبر دليل على عدل ربنا، فشكرا لكونك اية من آيات الله وعدله، بأخطائك وتعلمك، وبتعثرك ونهوضك، وبسطوع نجمك وخسوفك أحيانا، وبمرونتك في مواجهة الحياة وهي خشنة ودمها تقيل وفق قولك، وبتجربتك كلها التي أعادني للكتابة بعد وقت طويل.
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
ما هو انطباعك؟







