رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
664   مشاهدة  

ماكسميليان روبسبيير .. قصة المحامي الذي أرعب فرنسا

ماكسميليان روبسبيير
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



سيظل اسم ماكسميليان روبسبيير مقترنًا إلى الأبد بحكم الإرهاب خلال الثورة الفرنسية، فقد كان هو الذي تولى الزمام في بداية الإرهاب، وهو الذي أصر على استمراره بينما كان الآخرون يطلبون توقفه، وهذه الفترة المليئة بالرعب لم تنته إلا بوفاته.

قصة ماكسميليان روبسبيير

ماكسميليان روبسبيار
ماكسميليان روبسبيار

ولد ماكسميليان روبسبيير سنة 1758 م، وعاشت أسرته لسنوات عديدة في مدينة آراس الفرنسية، وأصبح روبسبيار محاميا كأبيه وجده من قبل، وسرعان ماكون لنفسه شهرة، ليس فقط بسبب براعته، ولكن أيضًا لتقديم خدماته دون مقابل للفقراء الذين لم يكن باستطاعتهم توكيل محام.

بورتريه دي روبسبير
بورتريه دي روبسبير

وكان روبسبيير يهتم أيضا بالسياسة، وقد أعجب كثيرًا بأعمال الكاتب الشهير جان جاك روسو، وكان يظن أنها تلقى الضوء على أخطاء العالم، وقد أخذ اهتمام روبسبيار بالسياسة ينمو إلى أن انتخب عضوا في البرلمان الفرنسي في عام 1789 م .

كان دور روبسبيير في السنوات الأولى للثورة دورًا صغيرًا، فقد كانت السلطة الرئيسية في ذلك الوقت في أيدى رجال معتدلين، لدرجة أن الجمعية العمومية اعتبرت روبسبيير خطرًا ومتطرفًا، غير أنه بخلاف ذلك كان له نفوذ عظيم، وحدث في ذلك الوقت أن نشأ في فرنسا عدد من الأندية السياسية كان أهمها نادي اليعاقبة (سموا كذلك نسبة إلى الدير الذي كانوا يجتمعون فيه)، وهناك كانت خطب روبسبيير ذات الأسلوب الذي يصعب على العامة فهمه ذات تأثير بالغ، ولم يكن اليعاقبة ذلك الوقت قد حصلوا على الكثير من السلطة، ولكن فرصتهم كانت آتية.

عهد الإرهاب

إعدامات فرنسا
إعدامات فرنسا

بدءًا من سبتمبر عام 1792 م كان عدد الفرنسيين الذين أعدموا أكبر من مجموع من قتل خلال سنوات الثورة الأربع، وقد كانت فترة لم تتوقف فيها المقصلة  عن العمل، وظلت عربات الموتى تخترق شوارع باريس بسیل لا ينقطع من الضحايا الجدد، وكان من بين من حكم عليهم بالإعدام كثيرون من الأبرياء، حتى لم يعد في باريس كلها من يستطيع أن يجزم بأنه لن يكون التالي.

وبعد أن استمرت الثورة ثلاث سنوات، عاد القلق يتسرب إلى نفوس أهالي باريس والذين كانوا لا يزالون يعانون من نقص الأغذية، كما كان الشك يساورهم في أن بعض العناصر أخذت تحاول إخماد الثورة، وكانت الحرب مع النمسا وبروسيا قد نشبت،  وساد الظن أن الملك لويس السادس عشر قد عقد تحالفا سريا معهما  وعلى ذلك أعدم لويس في 21 يناير 1793 م وسرعان ما دخلت إنجلترا الحرب، وأصبح موقف فرنسا ميئوسًا منه، وهرب قائد القوات الفرنسية إلى صفوف النمساويين الذين كانوا يتقدمون داخل فرنسا.

صورة تجمع زعماء الثورة الفرنسية من اليمين إلى اليسار روبسبير ، دانتون ، مارا
صورة تجمع زعماء الثورة الفرنسية من اليمين إلى اليسار روبسبير ، دانتون ، مارا

هنا كان الوقت قد حان ليضرب اليعاقبة ضربتهم ، فقاموا بإثارة سكان باريس، واستولوا على السلطة، واقتادوا ألد أعدائهم، الجيرونديون إلى المقصلة، ثم قام زعماؤهم بتنظيم أنفسهم في شكل لجنة أمن عام وبدأوا يحكمون البلاد، وكان روبسبيير عضوًا في تلك اللجنة، وإن كان في بداية الأمر بعيدًا من الأضواء بالنسبة لطغيان شخصية دانتون القوية، ثم قرر اليعاقبة أخيرًا أن حكما من الإرهاب أصبح لازمًا لإنقاذ فرنسا، وبناء على ذلك اقتادوا جميع المناهضين لهم والمشتبه فيهم إلى المقصلة، وأصبح جميع الرجال في حالة ذعر وخوف على حياتهم.

في تلك الفترة تمكنت الجيوش الفرنسية من إحراز النصر، ولم يقتصر الأمر على إيقاف تقدم العدو، بل طاردوه خارج فرنسا، وقد أحدث هذا النجاح العسكري انفعالاً شديدًا في جميع أنحاء فرنسا، ورأى دانتون أن الإرهاب آن له أن يتوقف، غير أن روبسبيير أصر على ضرورة استمراره، وعندما أبدى دانتون معارضته، حكمت عليه اللجنة بالموت، وكانت آخر كلماته : «روبسبيير أيها الشرير، سوف تتبعني في عربة الموتى»، وبعدها صار روبسبيير في القمة، ولم يعد أحد يجرؤ على معارضته، وكان المؤتمر الذي حل محل الجمعية الوطنية، مسحورًا ومفتونا به، فقام بتنفيذ جميع أوامره لدرجة أنه وافق على وضع مبادئ جديدة للثورة في فرنسا بزعامة روبسبيير.

استجواب روبسبير
استجواب روبسبير

تجاوز روبسبيير حدوده، إذ طلب من المؤتمر الموافقة على جواز إعدام أي عضو فيه دون محاكمة، وكان ذلك أكثر ما يمكن للمؤتمر قبوله، وفجأة استيقظت فيهم الشجاعة وثاروا ضده، وفي يوم 27 يوليو 1794 م اقتحم الشعب قاعة المؤتمر حيث كان روبسبيير مجتمعا بأصدقائه، وأطلقوا النار عليه فهشمت إحدى الرصاصات فكه وفي اليوم التالي اقتيد روبسبيير بدوره إلى المقصلة وتم إعدامه سنة 1794 م.

شخصية روبسبيير

اعتقال روبسبير
اعتقال روبسبير

لم يكن الرجل المسئول عن هذا الإرهاب طاغية متعطش للدماء، ولكنه على العكس من ذلك، كان محاميًا هادئ الطبع قصير القامة، سبق له أن استقال من وظيفة قاضي لأنه لم يتمكن من أن يقنع نفسه بإصدار الإعدام، والواقع أن شخصية روبسبيير ظلت سرًا مغلقا.

إقرأ أيضا
جان دارك

بالحكم على روبسبيير من واقع أفعاله يبدو أنه طاغية مجرد من الرحمة، رجل لا يقف عند حد في سبيل تنفيذ أغراضه، ولكن هناك جانبا آخر لتلك الصورة فقد كان رجلا أمينا للغاية، فبالرغم من السلطة الهائلة التي تجمعت في قبضته، فإنه لم يحاول مطلقا أن يستخدمها في إثراء نفسه وكان الناس في ذلك الوقت يطلقون عليه لقب «الرجل الطاهر» أما عن شخصيته فكان هادئًا خجولاً شديد الأدب، كما كان دقيقًا ومبالغًا في الدقة، فكان يفرط في الاهتمام بملابسه وتصفيف شعره ؛ وبالنسبة لقصر قامته كان معتادا أن يلبس الأحدية ذات الكعب العالي.

والمعتقد أن روبسبيير لم يحاول مطلقا أن يجني لنفسه أية ثمرة من الثورة الفرنسية، غير أنه في سبيل المبادئ التي كان يؤمن بها إيمانًا عميقًا، لم يكن هناك ما يحجم عن عمله مهما كان بشعًا.

المراجع

  1. المكتبة الوطنية الفرنسية، ماكسميليان روبسبيار وبياناته
  2. ويل ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة:- زكي نجيب محمود وآخرون، ج/1، طبعة دار الجيل، بيروت، 1998 م

الكاتب

  • ماكسميليان روبسبيير وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان