مبدعات الشرق (2) عزيزة أمير المرأة التي سبقت الجميع صاحبة أول فيلم في تاريخ السينما
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تعد عزيزة أمير رائدة السينما العربية وأول من تعلم وامتهن أغلب فنون صناعة السينما، حيث كانت عزيزة أمير أول ممثلة مصرية وصاحبة أول فيلم روائي في تاريخ السينما المصرية والعربية (ليلى) وأول كاتبة قصة وسيناريو وأول مخرجة، حيث تشعر وكأنها أم امسكت بطفل صغير بعد ولادته فكانت هي معلمته الأولى، ويحكى أنها في إحدى اللقاءات سألها صحفي عن غريزة الأمومة ولماذا لم تنجب رغم أنها تزوجت ثلاثة مرات، فأجابت “أنا لم أبحث عن الزواج لأن السينما هي ابنتي الوحيدة التي انجبتها”.
نشأة عزيزة أمير
ولدت مفيدة محمد غانم التي عرفت بعد ذلك باسم عزيزة أمير في 17 ديسمبر عام 1901 في مدينة طنطا، ولأن عادتًا ما يخرج الإبداع من رحم الآلام، فقد توفى والدها بعد ميلادها بـ 15 يوم فقط، مما كان السبب وراء عودة الأسرة إلى الإسكندرية محافظة الأم، ومن الإسكندرية إلى القاهرة حيث قضت عزيزة طفولتها في شارع خيري بوسط المدينة.
التحقت عزيزة بإحدى المدارس في منطقة السيدة زينب لتلقي التعليم، وعلى الرغم من أنها لم تحقق أي إنجاز في الدراسة، ولم تحصل على شهادة تعليمية، إلا أنها أجادت القراءة والكتابة واللغة الفرنسية، وايضًا تلقت دروس في عز البيانو مما جعلها تحلم بأن تصبح أول عازفة بيانو محترفة.
مبدعات من الشرق (1) نازك الملائكة .. النسوية والشعر الحر
وكانت نقطة التغيير التي حولت عزيزة من فتاة مصرية يظهر عليها بالتأكيد بعض التمرد على قيود المجتمع، إلى رائدة صناعة السينما التي ضربت بالعادات والتقاليد في ذلك الوقت عرض الحائط، كان سفرها إلى أوروبا وهي في مرحلة المراهقة مع أحد أصدقاء العائلة، هذه الرحلة التي جعلت عزيزة ترى جزء أخر من العالم لم تكن على علم بوجوده من الأساس، وهناك تعرفت على الفن والأدب بشكل أعمق بكثير.
عزيزة أمير والفن
تعرفت عزيزة أميرة خلال رحلتها إلى أوروبا على المخرج العالمي ورائد السينما الأمريكية (دافيدوارك جريفيت) والذي يعتبره صناع السينما مؤسسة سينما هوليوود، وخلال هذا اللقاء عرض جريفيت على عزيزة المشاركة في فيلمه الجديد، ولكن عزيزة خافت في ذلك الوقت من قبول العرض، ولكنها في نفس الوقت وقعت في غرام الفن والتمثيل بالتحديد.
وعادت إلى مصر لتبدأ مشوارها في عالم الفن، حيث قرأت عن طريق الصدفة إعلان في أحد الصحف المصرية عام 1925 يطلب من خلاله الفنان يوسف وهبي وجوه جديدة لينضموا إلى فرقة رمسيس المسرحية، وأنه على من يرغب في العمل بالفرقة إرسال خطاب يعرف عن نفسه ويرفقه بصورة شخصية له.
وبالفعل التحقت بفرقة رمسيس المسرحية، وقامت ببطولة مسرحية (أولاد الذوات) أمام يوسف وهبي، وهو من أطلق عليها اسم (عزيزة أمير) ليكون هو الاسم الذي تعرف به منذ ذلك الوقت، وبالفعل ذاع صيتها في عالم الفن ذلك الوقت، وفي عام 1926 التقت أمير بالمخرج التركي وداد عرفي، والذي اقترح عليها أن تقوم بإنتاج وتمثيل فيلم سينمائي، وعلى الرغم من وجود تجارب سينمائية ضعيفة سبقت فيلم (ليلى) إلا أن الشجاعة كان في تقديم أمير فيلم روائي طويل يعتمد على شخصيات أساسية، على عكس التجارب السابقة مثل فيلم (برسوم يبحث عن وظيفة).
ولكن للأسف بعد بداية التصوير نشب خلاف بين عزيزة امير والمخرج التركي الذي كان يقوم أيضًا بتقديم دور بطل الفيلم، ولكن ثقافة أمير الفنية الكبيرة جعلتها تكمل هي إخراج الفيلم، واستبدلت المخرج التركي بالفنان استيفان روستي ليقوم هو بدور البطولة، وبالفعل خرج فيلم (ليلى) للنور في عام 1927.
حفل العرض الخاص لفيلم (ليلى)
واستكمالًا لريادة عزيزة أمير فهي صاحبة أول حفل عرض خاص لفيلم سينمائي، وحضر الحفل في ذلك الوقت صفوت المجتمع المصري، حيث كان على رأس الحضور أمير الشعراء أحمد شوقي بيه، وأيضًا حضر الحفل رائد الاقتصاد المصري طلعت حرب، والذي احتفى بشده بشجاعة عزيزة أمير، وقال لها “لقد نجحت فيما عجز عنه الرجال”.
عزيزة أمير رحلة من الريادة والإبداع في السينما
عزيزة أمير شركة للإنتاج السينمائي باسم إيزيس، وقدمت من خلالها فيلم (ليلى) وبعد ذلك اعتزلت أمير العمل المسرحي وتفرغت تمامًا للسينما، حيث قدمت في عام 1928 فيلم (بنت النيل) الذي لم تكن منتجته وبطلته فقط، وإنما أيضًا هي أيضًا من أخرجته، ولكن السقطة الحقيقية التي حدثت لرائدة السينما كانت في بداية الثلاثينات، بينما أنتجت الفيلم الصامت (كفري وخطيئتك) وكانت السينما الناطقة قد ظهرت بالفعل، فلم يحقق الفيلم أي نجاح وكانت خسارة كبيرة لشركة إيزيس.
ولكن أمير لم تكن امرأة يمكن أن تهزم بسهولة، فعادة عام 1935 بتقديم فيلم (بائعة التفاح) بمشاركة المخرج والممثل المصري محمود ذوالفقار، وكونت أمير وذوالفقار ثنائي ناجح داخل السينما حيث قدموا أكثر من عمل ناجح، وايضًا خارج السينما جمعتهم قصة حب وزواج ناجح دامت حتى اللحظة الأخيرة في حياتها.
وكان فيلم (امنت بالله) هو آخر أعمال عزيزة أمير السينمائية، حيث رحلت في نفس العام عن عالمنا تاركة لنا إرث سينمائي ونسوي يحتفى به حتى يومنا هذا.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال