همتك نعدل الكفة
422   مشاهدة  

محمد عطية .. عن فن صناعة الملل والاستمرار فيه !

محمد عطية
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أن تموت الصورة فلا تتحرك وتتيبس الألوان فتبهت وتصبح كحبة الفاكهة التي نساها صاخبها خارج الثلاجة لفترة طويلة فتحول اللون الأصفر ألى الأخضر الغامق، وتحول الأحمر الفاتح المبهج إلى بني غامق قاتم .. هكذا دواليك حتى يتحول المدهش إلى عادي والعادي إلى ممل والممل إلى سخيف والسخيف إلى مُذري .. وهكذا تُناقش القضايا بلا تعمق ولا دراية بكل وجوهها حتى تجف وتتساقط من أشجارها كأوراق الخريف ..  ولا ضير أن الاستمرار على دق وتر محدد والاستمرار فيه لسنوات أمر كفيل أن تسقط الأشجار كاملة لا أوراقها فقط .

 

تلك المقدمة لا تبعد كثيرًا عن المحتوى الذي قدمه الفنان محمد عطية في الحلقة التي كان ضيفها ببرنامج “شو القصة” .. وحكى فيها عن رأيه الشخصي في أكثر من موضوع ، وأغلبها موضوعات من نوعية التريند أو “الكابشن” المكتوب أعلى البوست .. وحكى محمد عطية عن توجهاته الشخصية في الموافقة على ما يسمى بأ “المساكنة” قبل الزواج .. وتعجبه من أن العصمة في علاقة الزواج تكون في يد واحدة لا يد الرجل والمرأة معًا .. وأنه ضد فكرة إعدام قاتل الطالبة نيرة ومع فكرة سجنه بالمؤبد .. وهكذا عبّر “عطية” عن جميع آراءه في حين أن تناقلت المواقع الصحفية جميع تصريحاته وصب الأغلب الأعم غضبه عبر التعليقات .

 

المسلسل أصبح ممل للغاية .. سخيف إلى أبعد مدى .. أن يخرج فنان أو شخصية عامة بتصريحات تصدم المجتمع فيمقته المجتمع فيخرج ليستغيث من الجهل المتفشي ويرتدي ثوب المجدد الذي يناضل لتغيير أفكار قبيلته .. والحقيقة أن المشهد كارتوني برمته .. طالما الزاوية التي يتحدث بها “فُلان” هي زاوية النظرية لا تطبيقها ستظل الحكاية كارتونية .. والحقيقة أن مثل هذه كفيلة بألا تخلق مشكلة من الأساس لحلها .. فكان من الأولى لمُجدد تنويري أن ينتقد الذكورية المتوارثة في علاقات الزواج والخطوبة والحب بدلًا من منقشة المساكنة ، وكان من الأولى لمُجدد أن يناقش الجيل الأصغر عن ضرورة قبول الرفض في علاقة عاطفية بدلًا من أن يناقش ضرورة عدم إعدام قاتل حبيبته فقط لأنها رفضته .. وكان من الأولى لمُجدد يريد أن يغير عقلية قبيلته أن يصطدم بالأزمات الرئيسية التي تواجه عقل قبيلته بدلًا من أن يأتي لنا بأفكار من الشرق والغرب ما زالت مختلف عليها في المجتمعات الأكثر انفتاحًا .. فعندما أكون جائعًا لثلاثة أيام متواصلة لا تخبرني أرجوك ألا آكل غير وجبه من الديك الرومي أو الجمبري .. عندما تكون أزمتي عند النقطة “أ” لا تخبرني أن الحل عند النقطة “ياء” .. إن كنت صادقًا في طرحك عليك أن تشتبك مع النقطة “باء” ثم “تاء” وهكذا حتى يستوعب عقل المجتمع كل تلك الصدمة .. أما غير ذلك فإنك ليس إلا صاحب أفكار كارتونية لا تمت للواقع بصلة .. والحديث هنا ليس عن حلال ما قاله من حرامه بقدر ما عن منطقية ما يقوله من عدمها .. وهل مثل هذه التصريحات التي يعتقد البعض أنها تصنع التأثير الكبير لها أثر بالفعل أم أنه مسلسلًا معتادًا دخل فيه الجمهور كبطل آخر وهو بطل رد الفعل؟ واستدرجنا جميعًا في هذا الطريق الساذج حتى أصيبت القضايا نفسها بالملل وتسرب للجميع حتى أصبح كل من يناقش زاوية لا تشتبك مع واقعه، أصبح مملًا، وبما إنه يتحدث بنفس اللهجة منذ سنوات فإنه بذلك يصنع فنًا جديدًا وهو فن الاستمرار في الملل !

 

إقرأ أيضا
مجزرة رغيف الخبز

الكاتب

  • محمد عطية محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان