مدينة العلا السعودية .. قصة التسميات الأربعة التي جاءت بالاستيطان والحضارات

منذ 3000 قبل الميلاد جاء العصر البرونزي على كوكب الأرض فأحدث مدنًا كثيرةً في شبه الجزيرة العربية وكانت مدينة العلا من ضمنها.

اقرأ أيضًا 
ما خبأته خزنة الأنباط في بترا “ثلاثية السياسة و الحرب مع إنديانا جونز”

تاريخ كبير اتسمت به مدينة العلا الواقعة شمالي المدينة المنورة، فهي جغرافيًا وبالأصل وادي كبير بين جبلين مرتفعين، وتعلو سطح البحر بـ 750 متر وهو ما يساهم في اعتدال طقسها صيفًا وشتاءًا، إلى جانب تضاريس جبالها فتكوينها يساعد على القطع والنحت والكتابة عليها، كل هذا صنع تاريخ تلك المدينة التي صارت اقتصاديًا عنصر جذب كبير للتجارة والاستقرار.

العلا .. الظهور والأسماء

لعل أقدم من سكن مدينة العلا أفراد قبيلة ثمود المهاجرين من جنوب الجزيرة العربية وأسسوا مدينة في منطقة الحجر صارت لاحقًا تُعْرَف بمدائن صالح.

أشار القرآن الكريم تلميحًا إلى مدينة العلا حيث مدائن صالح عندما جاء ذكر قوم ثمود إذ قال الله سبحانه وتعالى ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً﴾.

لم تعرف العلا بهذا الاسم فاسمها الحالي هو الرابع، فقد سبقه 3 أسماء أولها ديدان نسبة للشعب الديداني الذي أسس مملكةً باسمه فيها، ثم قام العرب بتسميتها بـ  قُرْح واشتهرت على أنها أهم أسواق العرب في فترة الجاهلية، فيما كان الاسم الثالث وادي القرى وجاء عقب نزول اليهود بها وتكلمت كتب الرحالات.

أما التسمية الحالية فكانت مع القرن السابع الهجري الواقع بين عام 1203 إلى 1299 ميلادي، وعلل ياقوت الحموي سبب تسميتها بالعلا نسبةً لعينين مشهورتان بالماء العذب هما المعلق وتدعل، وكان على منبع المعلق نخلات شاهقات العلو يطلق عليها العلي فجاء العلا منها.

مدينة العلا بين الجاهلية والإسلام

نجح بختنصر في هدم مدينة بيت المقدس فقتل الكثير وسبى الأكثر وبقي فلول اليهود ملاحقين حتى هاجروا الشام ونزلوا شبه الجزيرة فاستقروا بمنطقة وادي القرى للاشتغال بالزاعة.

حضاريًا فإن المنطقة شهدت نماذج كثيرة من الحضارات أولها الثموديين ثم الديدان ثم اللحيانيين وبعدهم المعنيين ثم الأنباط وبعدها قُرْح إلى أن جاء الإسلام فناهزت البلد الحرام لدرجة جعلت الرحالة المقدسي يقول في كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم «ليس بالحجاز اليوم بلد أجل وأعمر وآهل وأكثر تجارة وأموالاً وخيرات – بعد مكة ـ من هذه (يقصد العلا)».

آثار مدينة العلا

إقرأ أيضا

طفولة سعاد حسني المأساوية “ظلت تكره لعب الأطفال حتى موتها”

ساهمت الحضارة النبطية في تأسيس عدد من القصور والجبال والمدافن منها قصر الفريد المشهور بانفراد الواجهة والكتلة، كذلك قصر البنت والعجوز والديوان وجبل البنات والخريمات للدفن النبطي، كذلك هناك آثار إسلامية مثل قلعة موسى بن نصير.

مثلما لقيت مدينة العلا اهتمامًا من الرحالة المسلمين لقيت أيضًا اهتمامًا من المستكشفين الغربيين خلال زيارتهم للجزيرة العربية بدءًا من عام 1880م حتى عام 1964م، بالمقومات التاريخية العريقة ولعل هذا كان سببًا في أن تقرر اليونسكو اعتماد موقع الحِجر (مدائن صالح) ضمن قائمة التراث العالمي، وعدت مدائن صالح في حينها أول موقع سعودي يسجل عالميًا.

الزخم الذي اتسمت به مدينة الـعلا جعلها خلال عهد الدولة السعودية تتمتع ببعض المرافق الترفيهية مثل مسار للجري والركض وأماكن جلوس ومطاعم ومناطق مخصصة للتنزهات العائلية، إلى حديقة صخرة الخميسية بالقرب من جبل الفيل، فضلا عن حديقة السروات على شارع السروات بمدينة العلا وتضم أماكن جلوس ومساحات خضراء ومناطق مخصصة للأطفال إلى جانب منتزه الملك عبد العزيز يوجد بها مناطق جلوي على المسطحات الخضراء ومسارات للجري والركض ومنطقة مخصصة لألعاب الأطفال وبعض المرافق الترفيهية.