همتك نعدل الكفة
864   مشاهدة  

من الرغبة بتغيير العالم إلى “آه يا عضمك يا رضا”

الرغبة
  • إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



 

كانت قد تكونت لدي عقدة كبيرة بشنيطة من اللون الرمادي لارتباطه بالزي المدرسي، و ما كان يهمني بعد انتهاء المرحلة المدرسية؛ تخلصي من ارتداء هذا اللون إلى الأبد. لم أعرف ستواجهني حياة مختلفة كطالبة جامعية ومن ثم سأواجه عقدًا أكبر بالحياة.

فور انتقالك من مرحلة الطالب المدرسي إلى الجامعي،  يتعامل معك الناس أنك كبرت، ويتعامل معك الأهل أنك كبرت وقتما أرادوا تحميلك المسؤولية. في هذه المرحلة كنت أستمع إلى داعية يثير حماستي لتغييرالكون.

الشهادة لله كانت هذه الحماسة مفيدة لتحقيق حلمي أنذاك، وكنت من هؤلاء أصحاب الوعي بأنفسهم من يخططون لكل خطوة بحساب.عرفت كيف أنظم وقتي بين المذاكرة بالجامعة، وبين الجري وراء الفرص لتعلم الكتابة.

حققت بعض الانتصارات الصغيرة المناسبة للمرحلة، ولم أحقق تفوقًا دراسيًا ملحوظًا، ولكن ظل حبي لتخصصي بعلم النفس يلازم قلمي أثناء الكتابة. تخرجت في الجامعة، وكنت مازلت على نفس حماسة تصديق الحلم، وكانت تتسع سذاجتي مع الوقت لتصديقه.

يقول الكاتب خالد الخميسي بروايته “سفينة نوح”

“لم يكن يعرف وقتها أنه بتخرجه في الجامعة كان عليه أن ينتقل من فوره من عالم الطلبة إلي عالم الكبار. من كونه طالباً دوره في الحياة أن يذاكر ويحلم ويحب إلي كونه بالغاً وراشداً عليه أن يبدأ في فك لوغاريتمات الحياة”

أصبح حلمي بتغيير العالم  يضغطني ويثير إحباطي مع الوقت، وخبطتني الحياة بمشكلات متتالية، وكأنها حلفت أن تعطيني مناعة بسن صغير من الصدمات. اعطتني جناحات، وجعلتني اشترك بأعمال تطوعية، وتم قبولي بعمل دعوت الله أن أحصل عليه، ولكن لم تستمر هذه الأوضاع السعيدة.

تعرضت لأزمات بحياتي الشخصية، وبالعمل لمظالم متعاقبة، وكنت كلما عملت بمؤسسة ما طُلب مني التجسس على زملائي فأستقيل، أو يكرهني أحدهم من أصحاب المدير ويعرف لست أميل “للشللية” ولا يحسبني أحد على شلة لها علاقة طيبة بالإدارة، فتبدأ سلسلة أخرى من الصراعات حتى أستقيل.

بالتأكيد دون شرح مني  نعلم الضغوطات التي مر بها جميع الشباب تقريًبا بوجه عام، ومع مرور السنوات، بدأت أفطن حلم تغيير العالم هو حلم ساذج، ولكن حلم تغيير نفسك هو حلم معقول سيخدم العالم.

يقول نجيب محفوظ:

“حين يخبرونك عن جهاد النفس الحقيقي، أخبرهم أن أصدق جهاد هو قدرتك على أن تبقي هذا القلب نقيًا صالحَا للحياة الأدمية بعد كل تلك المفاجأت والعثرات، والانكسارات والهزائم”

هذا ما توصلت إليه بعدما ارتاح ضميري  من تحميله فوق ما يحتمل بحلم تغيير العالم، وأن البطل الحقيقي هو من لديه قدرة على التأثير في أسرته ومحيطه الصغير، وهذا لا يختلف كثيرًا عن محاولة تغيير العالم للأفضل.

إقرأ أيضا
فريضة الحج

عرفت أن العالم مليء بالشر، وحماستي الأولي عن تغيير العالم كانت محض سذاجة مراهقة تمتلك طاقة فائضة تخيلت رغبتها في تغيير العالم ستجعله مكانًا بيوم من الأيام بلا حروب أو صراعات، وما لبثت أن وضعت قدمها على أرض الواقع حتى أرهقتها الحياة وفهمت أننا لن نستطيع تغيير كل شيء، وليس كل ما نكره يمكننا أن نغيره، أو من مسؤوليتنا تغييره.

“اه يا عضمك يا رضا”  هذا الأفيه الشهير لكريم عبد العزيز أصبح  يمثل حالاتي أغلب الأوقات؛ لذلك تعلمت ألا أحمل نفسي فوق طاقتها، وأن أحترم روحي الذي خقلها الله بطاقة محدودة، وأن أدرب نفسي على تأجيل الخطط والمسؤوليات التي تحتمل التأجيل، فتغيير العالم لا يحتاج لحماسة مراهقية تخمد بالتقائها أرض الواقع، ولكن يحتاج لإنسانية حقيقية نستطيع التعامل بها فيما بيننا كمجرد بداية.

اقرأ أيضا

أفكار لقتل النفس والأبناء..هكذا يتطور المرض النفسي دون علاج

الكاتب

  • الرغبة إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
2
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان