همتك نعدل الكفة
80   مشاهدة  

ميمي الشربيني .. آخر مستكشفي الأرض

ميمي الشربيني


ربما يتعجب بعض أبناء الألفية من تلك الحالة التي انتابت من بلغوا الثلاثينات من عمرهم مع خبر رحيل ميمي الشربيني، فربما هم لم يستمعوا إليه قط، لم يعرفوه أو يألفوه، لم يصبح جزءًا من يومهم وشغفهم بكرة القدم، عزيزي ابن جيل الألفية، أنت لا تعرف ما فقدناه اليوم من ذكريات وساعات وأحداث برحيل ميمي الشربيني لذلك دعني أروي لك، إن كنت تستطيع معيّ صبرا.

قماشة تانية

في عصر ما قبل الأضواء الكاشفة، كانت مباريات الدوري المصري تلعب في وقت العصر يوم الجمعة في الغالب، ونادرًا جدًا ما كانت تلعب مباريات مسائية، توفيرًا للطاقة قبل أي شيء، لذلك كان يوم الجمعة عندي مرتبطًا بأمرين أكلة دسمة محببة لقلبي ومباراة كرة قدم على الشاشة القناة الثانية بصوت ميمي الشربيني.

ميمي الشربيني

لم يكن وحده من يعلق على المباريات بالطبع فكان هناك أيضًا حمادة إمام وهناك محمود بكر، ثلاث مدارس مختلفة من التعليق الكروي، ولكن الشربيني كانت له طلته، حمادة إمام وبكر عرفنا قيمتهم وروعتهم حينما كبرنا بعض الشيء، ولكن ميمي الشربيني كان المعلق المفضل، أول من تعلقنا به من المعلقين.

الشربيني كان بسيطًا صاحب نكته ولزمات وأفشات ساحرة، قد تجعل من مباراة في الدوري المصري بين الترسانة والمنصورة مثلا، حدث مبهج، كان الشربيني هو الوسيلة المثالية لتمضية ساعتين من المشاهدة على مباراة كرة القدم لو كانت مملة أو سخيفة، سرعة بديهة جبارة تجعله ماكينة لا تتوقف من التعليقات والنكات ولكن هذا ليس كل شيء.

حط يا راجل

ميمي الشربيني كان كروي بالمعني الحرفي، كان هو البصلة التي تلفت نظرك لأحد اللاعبين، أو المهندس المعماري الذي يزين أسطورة هذا اللاعب، كان يشرح لك ببساطة لماذا حسام حسن مهاجم من طراز نادر في الملاعب المصرية، أو كيف حازم إمام هو عنقود المهارات، أو أن حمزة الجمل كأن أحد مدفعجية الكرة المصرية.

ميمي الشربيني

من بعدها تلقائيًا كنا نركز مع هؤلاء اللاعبين، ونكتشف سحرهم، ولكن الأهم، أن ميمي الشربيني كان آخر مستكشفي الأرض، كان أول من عرفنا ما هي “البقاع السحرية” في الملعب، وكيف يمكن أن تكون الكرة خطيرة حتى لو ضربة ثابته، ميمي الشربيني كان يعرف من هم “مواليد منطقة الجزاء” بالاسم، وكان يعرف المباراة العصيبة قبل بدايتها ويخبرنا بكلمة السر المميزة “90 دقيقة أشغال كروية شاقة” فنجلس جميعًا منتبهين.

ميمي الشربيني كان موسعتنا الكروية الأولى، نافذتنا الواسعة على عالم كرة القدم وفهمه ومعرفة أساطيره، من منا لم يشاهد مارادونا وقتها، تعرف عليه في المرة الأولى من الشربيني حينما يصف هدف جميل بكونه هدف “مارادوني” عرفنا معه رضا عبدالعال كلاعب من “قماشة تانية” قبل أن تعرفه أنت كمادة خام للتهجيص الكروي، ولكنك لم تعرفه كلاعب والأهم أنك لم تعرفه كلاعب بعلق على أدائه ميمي الشربيني، ربما لم ترى بابا نويل يومًا، ولكننا رأيناه على يد ميمي الشربيني حينما قال عن إبراهيم سعيد “بابا نويل الكرة المصرية” ومعه عرفنا كيف يكون اللاعب الجوكر.

المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة

إقرأ أيضا
محافظ الدقهلية

والكثير من التعليقات، ولكن بعيدًا عن كل تلك الفنيات واللزمات والأفشات والألقاب، كان اهم دور يلعبه  الشربيني في حياتنا نحن من عاصرناه، هو المواساة، فكم من أحزان مررنا بها في الكرة المصرية وكم من خيبات عشنا فيها، كان ميمي الشربيني يشاركنا بصوته ليواسينا، وأحيانًا أخرى كان يحاول أن يزرع فينا الأمل، خاصة في مباريات تصفيات كأس العالم بأي نسخة بعد عام 1990 وحتى 2006.

ميمي الشربيني

وحتى بعدما اعتزل التعليق أصبحنا من الحين للأخر ننظر لبعضنا في أحد المباريات ونقول “الماتش ده عايز ميمي الشربيني”، لأنه ببساطة وبوضوح ليس معلق كرة قدم بل هو جزء رئيسي من شغفنا بتلك اللعبة ومن حبنا لها، سبب أصيل في تعلقنا بها وبلاعبيها وأنديتها.

والآن عزيزي هل عرفت لماذا نحزن على فراق رجل كان صوته موسيقى تصويرية لطفولتنا وصبانا؟

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان