همتك نعدل الكفة
27   مشاهدة  

الطموح الإيراني في القارة السمراء.. حزمة مصالح وأهداف استراتيجية

إيران
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تُعتبر القارة الأفريقية، واحدة من أكبر مناطق تضارب المصالح بين القوى الكبرى عبر التاريخ، ويأتي ذلك بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يطل على بعض أهم ممرات التجارة العالمية، بالإضافة إلى غناها بالموارد الطبيعية. ولذا، اجتذبت القارة أنظار العديد من الدول الناشئة في العقود الأخيرة من بينها إيران. 

توسع إيران في أفريقيا 

بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، تبنت إيران مفاهيم أكثر توسعية، مثل تصدير الثورة وولاية الفقيه، اللذان يُعدان من أبرز ملامح تلك الثورة، بل ألزم الدستور الإيراني القادة والسياسيين المحسوبين على النظام الإسلامي الإيراني بتصدير الثورة إلى دول الأقليات المسلمة في بعض دول القارة، واعتبر ذلك واجبًا أخلاقيًا لإنقاذهم من الهيمنة والظلم العالمي، وعلى ما سبق فقد اعتمدت إيران استراتيجيات متنوعة للتعامل مع كل دولة وشعب، بما يتناسب مع التراكيب الاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية المختلفة، من أجل تسهيل اختراقها وتأسيس قاعدة لها لنشر تلك المفاهيم.

إيران
التوغل الإيراني في أفريقيا

إذ استخدمت إيران الدين الإسلامي والتاريخ المشترك كاستراتيجية لتسهيل تواجدها في دول الشرق الأوسط، ولعل أبرز مثال على هذا الدور حاليا هو دعم الحوثيين في اليمن، والعديد من الأحزاب السياسية والمليشيات في العراق، ونظام الأسد في سوريا، وحزب الله في لبنان، وغيرهم من الجماعات المنتشرة في الدول الناطقة بالعربية، التي لم تخف تبعيتها لنظام ولاية الفقيه.

إن دور إيران في أفريقيا لا يختلف كثيرًا عما تقم به في بعض دول الشرق الأوسط مثل لبنان واليمن، لكن عند النظر إلى دول جنوب الصحراء الكبرى، يتطلب الأمر تغيير العدسة المستخدمة في تحليل هذا الدور؛ فالقارة الأفريقية تتميز بتنوعاتها الاجتماعية والديموغرافية والثقافي والديني، حيث تختلف الأديان والثقافات بشكل ملحوظ بين دول القرن الأفريقي ودول غرب وشرق القارة، ففي حين تزداد أعداد المسلمين في دول القرن الأفريقي، تهيمن الأديان الأخرى كالمسيحية في الدول الأفريقية الجنوبية، ما يجعل المسلمين فيها أقلية. 

إيران
خريطة توضح تواجد إيران في الدول الافريقية

الأهداف الأساسية لإيران 

إن الهدف الأساسي لإيران في أفريقيا تحديدًا ليس تصدير الثورة أو تأسيس نظام ولاية الفقيه فقط، بل تختلف أهدافها ومصالحها من دولة لأخرى، ومن منطقة لأخرى، فمنذ سبعينيات القرن الماضي، أسست إيران قاعدة لتسهيل عمليات التغلغل في تلك الدول، ما يسمح لها اليوم بالتوسع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أوساط المجتمعات والدول الأفريقية، واستفادت بقوة من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوترة في هذه المجتمعات.

الأهداف الاستراتيجية لإيران في القارة السمراء 

تهدف الاستراتيجية الإيرانية إلى تقليص آثار العقوبات الغربية، وكذا توسيع مجالها الجيوسياسي، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015، ففي الآونة الأخيرة، سَعَت إيران لتأسيس حضور قوي في بعض الدول الأفريقية من خلال تعزيز العلاقات الدبلوماسية، والاستثمارات عن طريق واجهات غالبيتها لبنانيين تابعين أو على صلة وثيقة بحزب الله، وتوفير التدريب الديني للطلاب الأفارقة في إيران، بالإضافة إلى بناء روابط مع الجماعات الشيعية في هذه الدول.

ومن ناحية أخرى توسعت الأنشطة الإيرانية في أفريقيا أيضًا من خلال إرسال طائرات بدون طيار وغيرها من الصادرات العسكرية إلى دول مثل السودان والنيجر، ساعية لإقامة علاقات عسكرية واستراتيجية مقابل الحصول على موارد طبيعية مثل الذهب واليورانيوم، وتستغل إيران علاقاتها مع قوى عالمية منافسة مثل روسيا لتعزيز نفوذها في المنطقة على حساب القوى الغربية، وخصوصًا فرنسا.

سياسة إيران في دول القارة السمراء 

السياسة الإيرانية في أفريقيا تختلف من منطقة لأخرى ففي دول غرب القارة تعتمد استراتيجية قائمة على عدة محاور؛ أبرزها الدمج بين البعد الديني والمصالح الاقتصادية لتحقيق نفوذها. وبدأت هذه السياسة منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث تزامنت مع هجرة اللبنانيين الشيعة، وتميزت بتأسيس مراكز ثقافية تقدم مساعدات للمسلمين السُنة دون الدعوة المباشرة للتشيع، وفي غانا، كان التشيع يدخل تدريجيًا بعد الثورة الإيرانية، وازداد تأثير إيران من خلال تنظيمات مثل منظمة الكوثر التي تنظم احتفالات دينية.

وفي نيجيريا، قاد “إبراهيم الزكزاكي” ما يُعرف بالحركة الإسلامية النيجيرية بتأثير ودعم إيراني، واستهدفت جماعته تقوية النفوذ الشيعي، ما أدى إلى صراعات مع المجتمع السُني بشكل أحتاج إلى تدخل الحكومة النيجيرية من اجل احتواءه والسيطرة عليه.

إيران
أنصار الحركة الشيعية في نيجيريا

وعلى الصعيد الاقتصادي، حققت إيران حضور قوي عبر تعاون تجاري بدأ في عهد رفسنجاني، ووصل ذروته في عهد أحمدي نجاد، مثل إنشاء مصنع سيارات في السنغال وفتح أسواق جديدة للاستثمار في أفريقيا. وبهذا سعت إيران لتعزيز علاقاتها مع الدول ذات الموارد الطبيعية كاليورانيوم في غينيا.

أما في شرق أفريقيا، تعتمد إيران على روايات تاريخية لادعاء تأثيرها الثقافي والإسلامي في المنطقة، وتروج لأصول الفُرس في نشر الإسلام، مستخدمة وسائل إعلامية وثقافية، كما عززت التواجد الشيعي في دول مثل كينيا وتنزانيا، حيث تنشط منظمات مثل “بلال مسلم” لنشر الفكر الشيعي عبر أنشطة خيرية وتعليمية.

أما في وسط وجنوب أفريقيا، حيث المسلمون أقلية، اعتمدت إيران على التعاون الاقتصادي البحت، مستهدفة استثمارات في مجالات الطاقة والزراعة والمعادن، كما حدث مع إثيوبيا وجمهورية الكونغو، التي تشهد صراعات أهلية، وتتمتع بثروات من اليورانيوم.. وتتدخل إيران في شؤونها بصورة كبيرة، إذ تُصدّر الكونغو اليورانيوم الذي تحتاجه طهران بطرق غير رسمية لتجنب تورط الحكومتين مباشرة في هذه الصفقات، ومن الأمثلة البارزة على ذلك، تقرير أممي صدر عام 2006 يشير أن تنزانيا أوقفت شحنة يورانيوم قادمة من الكونغو ومتجهة إلى إيران، رغم أن الكونغو أنكرت هذا الادعاء.

إقرأ أيضا
ليلة وردة

سياسة إيران الناعمة في أفريقيا 

 تعزز إيران حضورها في دول القارة الأفريقية عبر ما يعرف بالسياسة الناعمة التي تعتمد على نشر الثقافة الإيرانية الشيعية، وذلك من خلال مراكز ومؤسسات ثقافية في الخارج، تديرها سفاراتها، وتنسقها بعثاتها الدينية والتعليمية، لترويج المذهب الشيعي،. كما تستثمر الأموال لدعم الأنشطة الثقافية والفنية، وتنظيم معارض الكتب والنشرات، بإشراف الحرس الثوري الإيراني الذي يسعى لفتح قنوات تأثير في المجتمعات الأفريقية، خاصةً عبر تقديم مساعدات للأسر المحتاجة واستغلال الجانب الإنساني لتوطيد العلاقات بهدف نشر أفكارها.

ولعل أبرز أدواتها الناعمة في التغلغل في أفريقيا هي جامعة “المصطفى العالمية”، التي تأسست عام 2007 ولها حاليًا 17 فرعًا في إفريقيا، أغلبها في غرب القارة مثل نيجيريا وغانا، وتدير الجامعة 100 مدرسة دينية وحوزة في نحو 30 دولة إفريقية، وتحتضن حوالي 7 آلاف طالب أفريقي، وإلى جانبها، هناك “جامعة آزاد الإسلامية” التي افتتحت فرعًا في تنزانيا وتخطط لتوسيع وجودها، ما يعزز من التأثير الإيراني في المجتمعات الإفريقية على الصعيد الثقافي وقبلها على الصعيد السياسي والاقتصادي.

اقرأ أيضًا : إيران تحتل العرب وتدعم المقامة وتخرب أوطان 

الكاتب

  • إيران مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان