هاني عادل و فرقة وسط البلد .. “نفسي أحبك” عن أحلامنا البسيطة الممكنة

يحاول البعض تلخيص أزمة الأغنية المصرية في تدني أغلب النصوص الشعرية المغناة، وأن الأغنية تعاني من قلة الجيد المعروض، لكن الحقيقة تقول أن الأزمة في الكيفية التي يتم بها اختيار النصوص وليس بسبب ندرة المواهب الشعرية، وهذا ما كشف عنه بكل بساطة ألبوم حمزة نمرة الأخير الذي دحض تلك المزاعم التي تحصر الأزمة في النصوص فقط، حيث صنع لنا تجربة مدهشة بمضامين مختلفة عن النمط الموسيقي السائد،  ومع ذلك حققت نجاحًا ضخمًا ، رغم أنها لا تتفق مع معايير النجاح داخل سوق الغناء.

على الطرف الآخر من نهر الأغنية المصرية، توجد حياة موسيقية مختلفة، أبطالها مغامرون لا يسيرون في الغالب وفق معايير محددة يفرضها عليهم الذوق العام أو سوق الغناء، بل وفق تجاربهم الشخصية التي شكلوها في فترة كانوا فيها على هامش مشهد الغناء.

بعد ثورة يناير تغيرت الموازين الفنية كثيرًا، خرجت تلك التجارب من هامش المشهد لتحتل مساحة أكبر، عبرت عن أفكارها  المتمردة التي تماست مع الأوضاع الجديدة التي خلفتها الثورة، هذا المشهد الجديد كان أهم أبطاله المطرب هاني عادل وفرقة وسط البلد.

“نفسي أحبك” كانت عنوان أخر أغنية أصدرها هاني عادل مع فرقة وسط البلد،  كتب كلماتها أحد رفقاء رحلته الفنية وأحد الوجوه اللامعة في تجارب الأندرجراوند الشاعر “حازم ويفي” صاحب أغنية “مولود سنة 80” التي كانت عنوان أخر ألبوم للمطرب حمزة نمرة.

اقرأ أيضًا 

تاريخ من الغناء الملفق … الشاعر تامر حسين الجزء الثاني.

وسط طوفان من الأفكار المستهلكة والمفردات السطحية، يأتي حازم ويفي كي يعطي شعراء المينستريم درسًا في كيفية تناول فكرة تقليدية بشكل مختلف، نفسي أحبك أغنية لطيفة خفيفة لا تدعي بين طياتها عمقًا أو تنظيرًا مبالغ فيه شاهدناه كثيرًا في تجارب الفرق الغنائية.

رغم بساطة مفردات حازم ويفي لكن يحسب له أنه لم يعيد تدوير مفردات مستهلكة سمعناها ملايين المرات في جميع الأغاني، أو وصف المحبوب بأوصاف خيالية ليس لها وجود، فاختار أن يتحدث عنا نحن وعن أحلامنا البسيطة المشروعة، عن عاشق لا يدعي المثالية لا يخجل من أن يحكي عن أزماته العاطفية، يبحث عن ملاذ اّمن وصحبة تعينه على الاستمرار وسط ضجيج الحياة المزعج.

“نفسي أحبك بطريقتي ، نطلع سوا سكة سفر،  و اسمعك مزيكتي، و نغني تحت القمر”

“وأحكيلك عن أحلامي ، وحبيبة قديمة سابتني، حبيتك أكتر منها، ولا عمرها حبتني”

إقرأ أيضا

قصة أول صورة في التاريخ والرجل المبتكر وراءها

لحن الأغنية هاني عادل الذي اختار  له مقام النهاوند الرومانسي ليعطينا لحنًا دافئًا بأفكار متعددة في المذهب والكوبليه، يتماهى مع خفة الكلمات وبرغم أداؤه البسيط للحن الذي لم يتطلب مجهودًا كبيرًا لكن عابه  الإرهاق الواضح جدًا في صوته.

أهم ميزة في التوزيع الموسيقي للأغنية هو الاعتماد بالكامل على اّلالات حية في التنفيذ، التوزيع كان بسيطًا جدًا دون صخب إليكتروني مزعج بإيقاع مقسوم هادئ ، و فاصل موسيقي مكتوب بشكل جيد غير مستنسخ من أي جملة من اللحن، نفذه بخفة وحلاوة عازف الأوكورديون وائل السيد، يصاحبه عود أحمد عمران.

نفسي أحبك أغنية تلائم أجواء الصيف المرحة اللطيفة، بتناول بسيط جدًا وبرغم حداثة بعض مفرداتها في الكوبليهات إلا أنها صالحة لأي زمن، لم تصنع كي تحصد نجاحًا وقتيًا وينساها الجمهور بعد فترة، بل كي تستمر في حصد جمهورًا على المدى الطويل، تذكرنا تلك التجربة بتجارب العظيمين صلاح جاهين ومرسي السيد مع فرقة المصريين.