“هل مات فقيرًا” قراءة جديدة في تفاصيل وفاة علي الكسار وأيامه الأخيرة

تآكلت تفاصيل وفاة علي الكسار وأيامه الأخيرة قبل رحيله، بفعل مواقع التواصل الاجتماعي وأكثرية من المواقع الإخبارية التي قتلت الحدث بحثًا واتفقت على أنه مات مُعْدَمًا.

ما يقال عن وفاة علي الكسار وأيامه الأخيرة

تتفق أغلب المواقع على أن الفنان علي الكسار مات فقيرًا(1)، وزاد عليها موقع أخبار اليوم بأن نهاية الفنان علي الكسار حدثت داخل غرفة درجة ثالثة بمستشفى القصر العيني.(2)

ما حدث في أيام علي الكسار الأخيرة

وضع ماجد الكسار نجلي الفنان الراحل كتابًا عن مسيرة أبيه المسرحية سَمَّاه علي الكسار بربري مصر الوحيد، وختمه بفصل عن رحيله، وبقراءة التفاصيل حول وفاة علي الكسار في الكتاب(3)، لا نجد فيها ما تذكره المواقع.

كان الدكتور رياض فوزي أستاذ الجراحة بالقصر العيني قد أجرى الكشف الطبي على الفنان علي الكسار قبل ذهابه للمستشفى بـ 10 أيام وأوصى بإجراء عملية البروستاتا في مستشفى قصر العيني، وخرج علي الكسار من منزله في شبرا بصحبة ابنه ماجد الذي كان يحمل حقيبة بها ملابس وغيارات علي الكسار التي سيرتديها في غرفته بالمستشفى لإجراء العملية.

اقرأ أيضًا
الأيام الأخيرة في حياة كبير الرحيمية قبلي “أصابه الشلل واستعد لعملية فتح ثقب برقبته”

سار علي الكسار ونجله من المنزل باتجاه موقف التاكسيات الذي كان واقعًا أمام جامع الخازندار واستقبله السائقين بحفاوة بالغة ودعوه للركوب، ليختار الكسار واحدًا منهم فيما أشار له باقي السائقين بعلامة باي باي وهم يقولون مع السلامة.

اقرأ أيضًا
على طريقة جليلة في رواية حديث الصباح والمساء “هكذا ماتت ماري منيب”

وصل التاكسي أمام مستشفى قصر العيني وعند المدخل نزل السائق بسرعة ليطلب من بواب المستشفى فتح البوابة الرئيسية للمستشفى ليدخل بالسيارة ويقول للبواب: افتح علشان معايا الأستاذ علي الكسار، لكن الكسار رفض لأنه يريد الظهور بأنه يمشي على قدميه، وأعطى السائق حسابه ثم ذهب مع ابنه لاستقبال المستشفى وأملى اسمه للموظف، وهم بالانصراف ليعود مرة أخرى ويعطيه رقم تلفون المنزل وهو يقول: خد عندك كمان نمرة تليفون البيت عشان لما أموت تبلغوا البيت، ليرد الموظف بقوله: بعد الشر عليك يا أستاذ علي.

اقرأ أيضًا
“حدث في جنازة عبدالله غيث” قيادات الدولة يحضرون لتوديع الشهداء وهو معهم

في الأسانسير كانت به اثنتين من ممرضات القصر العيني يرقبن علي الكسار لتسأله إحداهمن: مش انت علي الكسار ؟، ليجيبها ـ كما وصف نجله ـ بابتسامة مشرقة علت وجهه وكأنه في قمة السعادة بينما قلبه يقطر حسرة: أيوة أنا علي الكسار، وانتي بقى قولي: فين قسم المسالك البولية، لتصطحب الممرضة علي الكسار ونجله إلى القسم والحجرة، ويجلس علي الكسار بصحبة نجله على دكة خشب ويُخْرِج من جيبه قطعة سكر نبات كسرها بعصاته وأعطى ابنه جزءًا منها، ثم دخلا للغرفة التي جُهِّزَت له خصيصًا، وبدأ نجل علي الكسار في إخراج غياراته.

اليوم الأول للفنان علي الكسار بالغرفة كان حزينًا بسبب صلافة ممرضة كانت تقول بحدة وتبجح أن الزيارة انتهت، وكأنها لم تعرف علي الكسار ليقول علي الكسار: دا اللي كنت خايف منه، أهو خلاص أهو خارج أهو (يقصد ابنه).

ثم أخرج علي الكسار من جيبه 6 جنيهات وأعطاهم لنجله وقال: مش عايز فلوس معايا، والمرة الجاية ابقى هات بطانية وخد معاك العصاية وخلي بالك منها، ثم احتضنه وبعد أيام حدثت وفاة علي الكسار إثر العملية التي أجراها ويفارق الحياة في 15 يناير 1957م.

إقرأ أيضا

لماذا لا يقبل البعض بالموت؟

حالة علي الكسار المادية قبل وفاته

طبقًا لرواية نجله فإن علي الكسار قبيل وفاته كان ميسورًا، إذ جُهِّزَت غرفة له، وكان معاه مبلغ في جيبه، ورفض أن يأخذ أي مال، في إشارة إلى أن الحال ليس كما تذكره المواقع؛ فضلاً عن أن نجله تكلم عن حاله المادي فقال: كان يهتم بإحياء المواسم والأعياد، فيقوم بنفسه بذبحة أضحية العيد، كما يقوم في كل عام ليلة الخاتمة ويذبح الذبائح ويقوم بتوزيعها على المحتاجين.

يضاف إلى ذلك أيضًا أن الفنان علي الكسار كان موظفًا لدى الدولة في المسرح الشعبي بقسم مراقبة الشئون الفنية التابع لوزارة الإرشاد القومي منذ عام 1951م وحتى رحيله؛ وعلى ذلك فإن التفاصيل التي تذكرها المواقع عن حالة الفنان علي الكسار في أواخر أيامه بها شك كبير.

(1) أبرز المواقع هي :-
أ/ خالد صواف، في ذكرى ميلاده .. مات فقيرا بغرفة صغيرة.. محطات في حياة علي الكسار، موقع صدى البلد، 13 يوليو 2021م
ب/ جمال عبدالناصر، علي الكسار..أسطورة الكوميديا في عصره..نافس الريحاني ورحل فقيرا..ذكرى ميلاده، موقع اليوم السابع، 13 يوليو 2020م
ج/ محرر، قدم الكثير ورحل فقير.. محطات في حياة علي الكسار، موقع القاهرة 24، 13 يوليو 2021م
(2) علاء عبدالعظيم، علي الكسار.. مات على سرير درجة ثالثة بقصر العيني، موقع بوابة أخبار اليوم، 29 يناير 2023م
(3) ماجد الكسار، علي الكسار بربري مصر الوحيد، ط/1، سلسلة كتاب اليوم، عدد 328، مطابع أخبار اليوم، 1991م، ص ص191–193.