همتك نعدل الكفة
1٬079   مشاهدة  

طقس ديني وبديل للنقود..لماذا حرمت الكنيسة تناول الشوكولاتة؟

الشوكولاتة


الشوكولاتة التي نتناولها هذه الأيام حديثة للغاية، فهي نتاج عالم مقسوم بين العمل اليدوي المنخفض الأجور والتحويل الآلي إلى منتج غذائي، وبين العمال الجياع والمستهلكين المرفهين، وبين الدول الاستوائية الغنية والقوى الاقتصادية الكبرى في أوربا وأمريكا الشمالية، ولا يمكن لشجرة الشوكولاتة بشكلها المألوف أن تعيش وتنمو في مكان آخر.

كان شعوب المايا يحضرون الشوكولاتة ويستهلكونها، حيث الثمار تقطف وتخمر وتجفف قرب حقولها،  ثم تنقل لمسافات طويلة، غالبًا ما تصل إلى الهضاب، ليتم استهلاكها من قبل الأغنياء.

تحمص النساء ثمار الشوكولاتة، وهو عمل خاص بهم، ثم يطحنوها بمدقة “مانو”.

الشوكولاتة

الشكولاتة بديل عن النقود 

استخدمت الشوكولاتة كنوع من العملة، وكانت ترافق صاحبها إلى مثواه الأخير وذلك في العصور الوسطى، فكثيرًا ما قيل أن شعب المايا ومن بعدهم الأزتيك، استخدموا حبوب الكاكاو كنقود بديلة عن الذهب، وما يظهر قوة الشوكولاتة آنذاك.

وعندما وصل الإسبان لبلاط الأزتيك عام 1521، كانت حبوب الكاكاو وسيلة معترفًا بها لمراكمة رأس المال. ومع ازدياد قوة إمبراطورية الأزتيك “دولة المكسيك الآن”، بعد الانهيار الحقبة الكلاسيكية لحضارة المايا وسقوط خلفائهم التولتك، فُرضت الضرائب والإتاوات التي تدفع بحبوب الكاكاو.

الشوكولاتة

وكانت البنية التحتية لدولة الأزتيك مدعمة بشبكات لنقل البضائع وتبادلها، وكانت الشوكولاتة السلعة الأكثر تداولًا وقيمة في أمريكا الوسطى.

الشوكولاتة شراب مقدس 

وحسبما تشير الرموز الهيروغليفية إلى أن الكاكاو كان حاضرًا في جميع ممارسات طقوس القبيلة، بما في ذلك الحل والترحال، والدفن، وحفلات الزفاف والمناسبات والمآدب التذكارية.

كما برزت بعض الأفكار فيما بعد في تاريخ أمريكا الوسطى، إى أن الشوكولاتة مادة سحرية أو مقدسة في تاريخ أمريكا الوسطى.

وهناك أدلة قليلة نسبيًا، حسبما يشير كتاب”الشوكولاتة، التاريخ الكوني”، عن الارتباط بين الشوكولاتة والدم، ففي عالم المجتمعات البدائية حسبما ذكر العالم الفرنسيسكاني برنادينو دي ساهاجون، عن طقوس الأزتيك الدينية، أن هناك مشروبات مصنوعة من الكاكاو والماء الملطخ بالدم، كانت تقدم لصون أراوح الضحايا خلال الرقص النهائي، كما أن هناك إلى حد ما صلة أدبية بين حبة الكاكاو “التي كانت على شكل قلب” وقلب الإنسان، ويعد  الأناتو “طعام أحمر اللون” أحد المكونات التقليدية لمشروب الشوكولاتة.

الشوكولاتة

أما التسجيلات الأولية لردود الفعل الأوربية على الشوكولاتة مختلطة، فالمؤرخ الايطالي جيرولامو بنزوني، الذي تعرف على الشوكولاتة في نيكاراجوا منتصف القرن السادس عشر، يعتقد أن الشوكولاتة تبدو شرابًا ملائمًا للخنازير، أكثر من أن تكون شرابًا للبشر، ولم يرغب أبدًا في تذوقها.

لكن بعد أربعين سنة كتب المبشر اليسوعي الإسباني خوسيه دي أكوستا، إن الذين ليسوا معتادين على طعم الشوكولاتة يشمئزون منها، وذلك بسبب رغوتها التي تطفو على السطح، التي تشبه فقاعات الزبد، أما الرجال الإسبان وأكثر منهم النساء الإسبانيات، كانوا مدمنون عليها.

الكنيسة تحرم الشوكولاتة

روى الإنجليزي الدومينيكاني توماس غيج، الذي  احتفل بعيد وصوله في فيرا كروز بكأس من الشوكولاتة الهندية، قصة عن أسقف ونساء كاثوليكيات إسبانيات في ولاية تشياباس، حيث كان هذا المطران طماعًا إلى حد ما، وكان متحمسًا لإصلاح الانتهاكات التي ترتكب في الكنيسة، التي كلفته حياته، وذلك قبل أن يغادر “توماس غيج” تشابا إلى غواتيمالا، وكانت النساء في هذه المدينة يتظاهرن بالضعف والإعياء الشديدين من معداتهن، ويقلن إنهن غير قادرات على البقاء في الكنيسة أثناء القداس المختصر، والقداس الديني السامي والوعظ الديني، ما لم يشربن فنجانًا من الشوكولاتة الساخنة، ويأكلن قليلًا من اللحوم لتقوية معداتهن، ولهذا تعودن أن يأمرن خادماتهن بجلب كؤوس الشوكولاتة لهن إلى داخل الكنيسة في منتصف القداس أو الوعظ.

إقرأ أيضا
كهنوت

كان هذا التصرف من النساء، يثير البلبلة والمقاطعة للقداس والخطبة الدينية.

الشوكولاتة

لاحظ المطران هذا الانتهاك، وأنذرهن عن الكف عن ذلك، لكن دون جدوى، فأصدر كتابًا كنسيًا يحرم فيه تناول الأكل والشرب داخل الكنيسة أثناء الصلاة.

حاول كلًا من “غيج” ورئيس الكتدرائية تهدئة الأسقف الدون برناردينو دي سلازار، بحجة تقاليد البلاد ومرض هؤلاء النسوة الذي يسبب قلقًا كثيرًا، وخوفوه من الاحتقار الذي سيقابل به، والمشاكل التي ستنتشر من الكنيسة للمدينة، لكن المطران لم يتراجع، فحدثت اضطرابات وسلت سيوف عديدة ضد القساوسة والكهنة في الكاتدرائية.

قررت النساء التخلي عن الكاتدرائية آخذات كل الهبات والتبرعات التي كان يعتمد عليها المطران ورجال الدين، وفي الشهر التالي مرض المطران وعاد إلى الدير.

زاره الأطباء، واتفقوا على أن المطران قد سمم، ومات المطران.

ألقى “غيج” اللوم على امرأة راقية، كانت لها معرفة جيدة بأحد خدم الأساقفة، إذ جعلته يقتل المطران بتقديم كوب من الشوكولا المسمومة نفسها، التي حرم شربها بصرامة في الكنيسة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان