504 مشاهدة
وحيد حامد وشريف عرفة الرباعية المقدسة (4) طيور الظلام.. لعبة النور في صراع الضلمة
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
يمكن الكتابة عن الخير أسهل بكتير من الكتابة عن الشر، الخير بسيط وواضح وسهل، إنما الشر جدور وسارحة، علاقات متشعبة ومتوترة ومتناقضة، الكتابة عن الشر محتاجة سيناريست عظيم.
…
نادرًا ما تلاقي فيلم فيه صراع اتجاه واحد ويكون صراع حقيقي، أنا عن نفسي مفتكرش فيلم بالشكل ده في مصر، ويمكن أفتكر بس مسلسل الزيني بركات اللي كان فيه نفس الصراع الشر والشر، بس حتى لو كنا بنتكلم عن الشر فاحنا بنتكلم عليه من ناحية الحلم، الحلم اللي بيسعى صاحبه لتحقيقه تحت أي ظرف، علشان يبقى فتحي هو بطل حلم جديدة في الرباعية المقدسة بين وحيد حامد وشريف عرفة، حلم كان اسمه طيور الظلام.
في البداية كدة وقبل أي كلام لازم نذكر أبطال العمل الحقيقين لأن في بطل إضافي لـ عادل إمام ورياض الخولي وجميل راتب ويسرا وأحمد راتب، البطل ده هو مدير التصوير العظيم محسن نصر، اللي من غير إضاءته الفيلم ده كان هيبقى ناقصة كتير جدا، وقبل ما نتكلم عن الإضاءة ودورها العظيم لازم نتكلم عن الدراما الأول علشان نشوف سوا ليه الإضاءة عظيمة.
في البداية كدة إحنا عندنا خطين ماشيين جنب بعض خطوة بخطوة، الطرقين رغم اختلافهم لكن نقطة بدايتهم واحدة ونهايتهم كانت واحدة، خط اسمه فتحي نوفل وخط تاني اسمه علي الزناتي، الطرفين دول ليهم تاريخ مشترك وفعلا بيحبوا بعض وكل واحد له عند التاني كتير، وده سهل تعرفه، المشهد العظيم اللي بينهم في بيت فتحي بيقول ده بمنتهى العظمة بس كمان بيقول حاجة مهمة، بيقول إنهم كاشفين بعض.
المشهد اللي بيبدأ باتنين واقفين عكس بعض، في إضاءة مظلمة لينا، لكن الاتنين شايفين بعض بوضوح، وبيمهد علي لعرض فرصته على فتحي، فتحي بيرد عليه رد من اللي معناه ما تلفش وتدور أنا كاشفك، بس مش بالكلام، بالإضاءة، لما فتحي ينور النور مره واحدة ورد فعل علي مع نظرة فتحي، خلت المشهد تحول لمشهد عرض وطلب مكشوف، ورغم كدة المشهد اللي بدأ بالاتنين ضد بعض بينتهي بالاتنين قاعدين جنب بعض، لما اتقالت كلمة السر، كلمة السر اللي بتربطهم ببعض وبترجعهم لصداقتهم اللي مفترض إنها أقوى من أي اختلاف، يا واش يا واش يا مرجيحة.
ولان الشر متشعب فكل نقطة من دول فتحي وعلي ليهم العالم بتاعهم وبنشوف ده كل واحد بندخل جوة العالم بتاعة، صحيح أحنا عايشين أكتر في عالم فتحي، لكن شوفنا الكتير عن عالم على الزناتي الحقيقي، وطول مدة الفيلم كل واحد فيهم بياخد خطوة مع التاني، المكتب مع القضية الكبيرة، مهمة الحصول على تمويل والتحول لقيادة في الجماعة مع الوصول لمنصب مدير مكتب الوزير.
بس الإختلاف هنا إننا شوفنا جدور فتحي الحقيقية، روحنا معاه لأهله، بس العظمة هو إحنا عرفنا ده إزاى؟ وحيد حامد قدر يعمل بناء متين للشخصيات وأهمها شخصية فتحي نوفل، ومن أهم سمات الشخصية اللي رسمها وحيد حامد هي الذكاء، الذكاء اللي يخلي فتحي نوفل يعرف أهمية إنه يغير من جدوره الأول قبل ما يتغير، شخص وصولي زي فتحي وبذكائه مينفعش يفضل أبوة حصري وأمه معددة، دول الأساس اللي لازم يبني عليه، ومن هنا دخلنا للعالم بتاعه.
وبمناسبة العالم بتاعه بقى نرجع تاني لدور محسن نصر العظيم في الفيلم، من بداية الفيلم هتلاقي المشاهد اللي بتدور في أي مكان تحسسك بالخنقة والضيق، يا إما في تراب في الإضاءه مخليها ضبابية ومكتومة في مشاهد الليل، أو حتى مشاهد النهار الداخلي، أو إن مشاهد النهار الخارجي بتكون الإضاءة فيها عالية وحامية تحسسك برضو بالضيق والخنقة.
وما تستغربش لما تلاقي الضبابية دي بتقل، لانها مقصودة، الضبابية اللي في الصورة دي مش بس دليل على الخنقة وضيق، لكن كمان دليل على تدني المستوى المادي والاجتماعي وهثبتلك، نرجع للفيلم ونشوف أول مرة فتحي راح يقابل أهله ضبابية الإضاءة كانت إزاى وفي المقابلة التانية كانت إزاى، وفي المقابلة التالتة كانت إزاى، هتلاقيها كل مرة بتقل، لان كل مره هما بيترقوا اجتماعيا درجة، وده مكتوب في الحوار نصًا، “تحت زحمة ودخان.”
على جنب تاني بيظهر للنقطتين دول ضلع تالت، الضلع ده رغم قلة ظهوره إلا إنه في اهميتهم بالظبط، لأن علشان تعرف الضلمة لازم تشوف النور، وده كان دور محسن، محسن ظهوره كله في النور باستثناء مشهدين، وبشرط إن المشهدين دول جوه العالمين بتوع علي وفتحي، مشهد افتتاح مكتب على الزناتي والبار، ومشهد عزا والد فتحي، غير كدة كل المرات اللي بنشوف فيها محسن بنشوفه في العالم بتاعه.
وعلى العكس تمامًا وباستثناء مشهدين برضو وهما مشهد المحكمة ومشهد السجن، كل مقابلات علي وفتحي في الضلمة، بداية من مشهد المكتب لحد مشهد مضمار السبق أو القفص، لما بنكتشف إن الخصومة والمصلحة المتعارضة قضت على الصداقة دي وحولتهم لخصوم.
شريف عرفة في الفيلم ده قرر يلعب معانا لعبة الأحلام لكن بطريقة جديدة، طريقة الضلمة والنور، وده كان دور محسن نصر اللي هتلاقيه في كل مشهد بيمثل وبيكمل الدراما بإضاءته زي مشهد فتحي لما بيعرف إنه مهدد، الضل هنا بيلعب دور، لما بتتحرك الكاميرا الضل بيرسم قضبان او قفص على الحيط، الإضاءة بتقول اللي حسه فتحى، أنه محبوس ولازم يتصرف، أو بمعنى أدق أنه في مهب الريح زي الصورة اللي وراه ما بتقول.
في خطين دراميين كمان مهمين جدا في طيور الظلام طبعا بخلاف الخط الدرامي بين فتحي ورشدي الخيال، لكن الخطين دول مكملين لعالم فتحي وحلمه ورحلته، المرشد والحبيبة.
بكل وضوح إيه اللي يخلي محامي يقرر يخلي بنت ليل تتوب وتكون له لواحده وتفضل معاه دايما غير الحب، فتحي حب سميرة بس فتحي بيحب فتحى اكتر ماكنش عنده ادني تردد إنه يستخدم سميرة، ويرفضها ويورطها لو لزم الأمر، حتى لو كان بيحبها، العلاقة اللي بتبدأ فعلا بكادر في منتهى الجمال لما بيبدأ يجيب لها هدوم ويكونوا هما الاتنين في إطار واحد داخل الكادر، بتنتهي بإن فتحي بيضحي بيها وبرشدي الخيال نفسه علشان ينقذ نفسه.
العلاقة التانية المهمة علاقة المرشد علاقة فتحي بشوكت المحامي، شوكت اللي عرف إن تلميذه النجيب عايز يكبر، وفتحله الباب، وحذره، شوكت مش بيعمل ده لله، أولا فتحي مصالحه عمرها ما هتتعارض مع مصالح شوكت، شوكت محامي وفتحي سياسي والفرق كبير، وفتحي عمره ما يقدر يخون شوكت لأنه ضهره اللي ممكن يحتاجه في أي وقت، علاقة شديدة البساطة والأهمية.
وفي نقطة أخيرة في طيور الظلام مهم جدًا نقف عندها، لما بيكون الصراع بين شر وشر، مينفعش يبقى فيهم طرف ضعيف، لا يجوز يبقى صراع ساذج، ولان الصراع الحقيقي هنا بين اتنين أصدقاء في الأساس كل واحد فيهم عارف التاني كويس جدا، يبقى لازم يكون في نديه، وهنا بتيجي المعضلة الأساسية في اختيار الممثلين، مين يكون ند للزعيم.
حل المشكلة كان في مغامرة مغامرة اسمها رياض الخولي، طبعا رياض الخولي ممثل كبير وموهوب مفيش كلام، بس تفتكرله ايه في السينما؟ ايه رصيده قبل طيور الظلام؟ كلها أدوار صغيرة واغلبها في أفلام مش معروفة يمكن باستثناء السادة الرجال، لكن رصيده في التلفزيون كبير، وفي رأيي الشخصي إن شريف عرفة اختار رياض الخولي بسبب دوره المهم في مسلسل العائلة لما عمل دور امير الجماعة، لكن المفاجأة فعلا كانت أداء رياض الخولي.
التمكن الشديد والثبات وإنت قدام عادل إمام، إن مشاهدك كلها معاه، وعادل حرامي كاميرا شرعي، هو البطل والنجم ده غير إنه ممثل فذ وفي طيور الظلام تحديدًا عادل إمام كان متألق، لكن رياض الخولي كان فعلا ند مكافئ لعادل إمام في كل المشاهد بلا استثناء ند على مستوى الأداء، وبكدة رياض الخولي حل أصعب مشكلة كانت قدام شريف عرفة ووحيد حامد.
شريف عرفة ووحيد حامد ينفع نقول عليهم بلغة الكورة في قمة عطائهم في الفيلم ده، كانهم عايزين يتوجوا مرحلة مهمة في حياتهم علشان يفتحوا صفحة جديدة، الفيلم كله ممتع ودسم وصعب، وبيه بيقفلوا الرباعية المقدسة، لأنك متقدرش تحسب النوم في العسل من ضمنها، لأن الأربع أفلام رغم اختلافهم فيهم نقاط ارتكاز واحدة.
فلو مهتم تعرف إيه هيا نقاط الارتكاز دي.. وليه النوم في العسل مش معاهم.. ها استأذنك تستني الحلقة الجاية والأخيرة من الرباعية المقدسة.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide