همتك نعدل الكفة
770   مشاهدة  

ياسمين 2020

ياسمين


 

10 سنوات هي الفترة التي قضتها ياسمين في البحث عن زوج مناسب، التقت خلالها بعدد هائل من “عرسان الصالونات”، من كل صنف ولون وريحة.

محرك البحث بدأ العمل منذ أن كانت في الـ19 من عمرها، والدتها تولت عملية “السيرش” داخل محيط الأقارب، وأبناء الصديقات والزميلات في المقرأة وأولاد الستات في صلاة التراويح،  في حين كانت ياسمين تتعجب من استعجال الأم على ارتباطها في تلك السن المبكرة.

عندما احتفلت ياسمين بعيد ميلادها الـ26 شعرت بالخوف من مغادرة قطار الزواج وتركها في المحطة بدون نصفها الآخر، خاصة بعد أن حضرت  حفلات زفاف ثلاثة من صديقاتها في شهر واحد، ما جعلها تسابق الزمن من أجل الحصول على فستان أبيض منفوخ وبوكيه ورد لتجلس مثلهن بجاننب رجل ببدلة في الكوشة وهما يلتقطان الصور ويستمعان إلى هشام عباس “نسألك يا من هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس..)

أول مجايب الأهل كان ضابط شرطة أكبر منها بـ8 سنوات، نال رضاء الأم والأب واستحسان العائلة، قال لها إنه قد اختارها صغيرة، لأنه يريد أن “يربيها على أيده”، ومع ذلك فمشروع الزواج فشل بالتلاتة لأن الضابط رفض التوقيع على قائمة العفش، خوفا من الحبس!

الثاني كان من معارف الجيران اللي فوق، يعمل محاسبا، ووزنه لا يزيد – تقريبا – عن 45 كيلو جرام، ويمتلك من العشم ما جعله كرر الزيارة 4 مرات، وفي كل مرة كان يصطحب فيها أمه وأبيه وإخوه الكبير وزوجة أخيه، إضافة إلى الجيران اللي فوق، مع هدية غريبة بلا معنى.

الهدية الأولى كانت عبارة عن شمسية، قدمها لياسمين مع عبارة “عشان ماتسمريش من الشمس” والثانية جراب موبايل وضعه على الترابيزة وهو خارج، في حين لا تستطيع ياسمين إنكار أنه اصطحب معه في الزيارة الأخيرة شيكولاته من (لابوار)، ومع ذلك فقد أرسلت له ياسمين رفضها وهو في طريقه للزيارة الخامسة، وسبب الرفض أنه “سنتيح” كما تصفه ياسمين.

 

صديقة ياسمين انضمت إلى قافلة البحث عن عريس، نجحت في إقناع زميلها في العمل أن يتقدم لصديقتها، خاصة بعد أن كشفت له ما تتمتع به ياسمين من حظوة بين أسرتها باعتبارها البنت الوحيدة على ولدين،  وعرضت عليه أن يتم التعارف في “سلنترو” المعادي، فيما اقتصرت القعدة على مجموعة من الأسئلة طرحها الزميل تتعلق بعمل ياسمين، وما تحصل عليه من راتب، وحوافز شهرية، ومكافآت، ومنحة مولد النبي والعيدين، ولم ينس أن يسأل ياسمين عن ماركة سيارتها وحين أخبرته أنها لا تملك سيارة تململ قبل أن يستأذن وينصرف بلا رجعة.

وعلى العكس فقد كان الشاب (اللي بعده) مهندسا ميسورا، قابلها في “لاتينو” بتوصية من خالها، وقبل أن يجلس أخبر ياسمين ووالدتها أنه اشترى سيارة جديدة منذ أيام، ولأنهم أهل (باعتبار ما سيكون) حكى لهم عن مشقته كل شهر في إنفاق راتبه الكبير الذي يزيد عن  10 آلاف جنيه ، قال لهم إنه اضطر الشهر الماضي  أن يشتري موبايل، ولا يعرف ماذا سيفعل  هذا الشهر بالمبلغ، وقد تم رفضه أثناء الجلسة حتى لا يتم توريث جينات التفاهة للأطفال فيما بعد.

التالي قابلته في منزل صديقة والدتها، كان مدرسا وجلس في صحبة أمه، التي كانت تنظر إلى ياسمين بابتسامة مستفزة، وجاء الرفض مبكرا، وقبل فتح أي نقاش، ذلك أن السيدة المضيفة حين سألت العريس عن المشروب الذي يرغب في تناوله، فاجأ الجميع بقوله: لبن!، فأحضرت كوبا فارغا، وعلبة “جهينة”، ناولته الكوب، وصبت له من العلبة، وهو ينظر إلى اللبن في سعادة غامرة.

صديقة أخرى لوالدتها استطاعت أن تورد لياسمين شابا يعمل في السياحة، داخل أحد الفنادق الكبرى بالغردقة ، لتجد ياسمين نفسها تجلس داخل حديقة فيلا في “المهندسين” قالت لها أمها أنها ملك خال العريس، وحين سألت ياسمين أمها عن وظيفة خال العريس قالت الأم إنه  ضابط كبير في أمن الدولة، وقد وتم رفض الفتى لسببين، الأول أنه كان يهرش  بطريقة “أوفر” أصابت ياسمين بالعدوى والرغبة في الهرش، والسبب الثاني هو خيال ياسمين الذي صور لها أن مالك الفيلا يشبه محمود المليجي في فيلم “غروب وشروق” وأن حديقة الفيلا تحتوي أسفلها على معتقل يتم فيه تعذيب السجناء الذين ينادون بإسقاط الملكية!

القائمة طويلة ولكن النصيب لم يكتب لياسمين عريس صالونات، لتكمل نصف دينها، وتلحق بقطار الزواج الذي قرر أن يفرم أحلامها، وينطلق بدونها، رغم أنها فعلت كل ما عليها وقطعت الأنترهات من كثرة الجلوس إلى عرسان الصالونات.

إقرأ أيضا
فلسطين

فقدت ياسمين الأمل ، وبينما تقلب في الموبايل وجدت رسالة على فيسبوك من شخص يقول لها: إنه قادم من الخليج ليخطبها.. ويسألها إن كانت لاتزال تحبه كما كانت تفعل في رابعة ابتدائي؟!

لقد كان ابن عمها، من أين أتى بتلك الجرأة؟ سألت ياسمين نفسها، لم يكن يتبادل معها الحديث على الماسينجر، فقط مجرد عبارات تهاني (أكلاشيه) في الأعياد والمناسبات.

بعد أن تخرج في كلية الصيدلة، ذهب للعمل في الكويت، علمت منذ شهور قليلة أنه اشترى شقة، ويرسل لأخيه النقود لتجهيزها من أجل أن يتزوج، أسقطته من حساباتها، ربما لأنه الوحيد الذي كانت تكن له مشاعر حقيقية!

الرسالة أعادتها طفلة في العاشرة من عمرها، لكنها بعد أيام قليلة ستكبر، وفي 2020 ستصبح عروسا تجلس في الكوشة بجانب من اختاره الله لها.






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان