همتك نعدل الكفة
825   مشاهدة  

” آل لاما ” ومأساة رواد السينما المصرية.. قضت عليهم الضرائب والديون والانتحار

آل لاما
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



لا يمكن التحدث عن سيرة آل لاما كـ “آباء مؤسسين للسينما المصرية” ، من دون النظر إلى ما شهدته الساحة العالمية من تغيرات في منتصف فترة عشرينيات القرن العشرين، فنظام الخلافة انتهى أبدياً على يد أتاتورك في تركيا، بينما انشغل العالم في لملمة شتات الإمبراطوريات اللاتي انهارت إزاء الحرب العالمية الأولى ، والتي ألقت بظلالها على العالم العربي الذي وقع فريسة للتقسيم.

مع هذا التغير الذي طال كل شيء، تغير الذوق العربي ليلائم  التغيرات ويصبح أكثر عصرية وحداثة بمعايير تلك الفترة، وكان هذا التغير فنيًا عن طريق “السينما”.

من فلسطين استقرت أسرة لاما في الإسكندرية بمصر سنة 1916، الصدفة وحدها لعبت دور كبير في استقرارهم في مصر، هاجر الأخوين في البداية إلى أمريكا الجنوبية وهناك قرروا ان يعودوا إلى فلسطين ومعهم معدات تصوير سنمائي لإنشاء حركة سينمائية في فلسطين والشام، ولكن مرض إبراهيم فإضطر الشقيقين للتخلف عن الرحلة في الاسكندرية حتى يتم شفاءه وهناك اكتشوفا ان المناخ في مصر خصب للغاية للعمل السينمائي، ليقرروا البقاء في مصر.

وفي منتصف العشرينيات أسس الشقيقان “إبراهيم و بدر لاما” شركة “كوندور فيلم” سنة 1926، تلك الشركة التي أنتجت أول فيلم سينمائي روائي عربي طويل في 4 مايو سنة 1927 وهو فيلم “قبلة في الصحراء”.

أفيش فيلم قبلة في الصحراء
أفيش فيلم قبلة في الصحراء

فيلم “قبلة في الصحراء” كتبه وأخرجه “إبراهيم لاما” ، وقام “بدر” ببطولته أمام بدرية رأفت وروحية خالد ومحمود المليجي وأنور وجدي، وبعد هذا الفيلم بعام انضمت “فاطمة رشدي” إلى كتيبة “آل لاما” ببطولة فيلم “فاجعة فوق الهرم” ، ليتأسس استديو لاما في الثلاثينيات.

من استديو لاما ظهرت أفلام “الضحايا، وخز الضمير” سنة 1931، وليالي القاهرة سنة 1939؛ وازدهرت صناعة السينما المصرية على يد “الشقيقين لاما” حيث أنتجت الشركة 62 فيلماً في الربع الأول من القرن العشرين .

ملصق دعائي لفيلم صلاح الدين الأيوبي
ملصق دعائي لفيلم صلاح الدين الأيوبي

بالتأمل للطابع السينمائي في أفلام شركة “لاما” نجد الفشل الذريع هو مصير الأفلام التاريخية التي أنتجتها الشركة؛ فرغم أن الشركة كانت أول من عرضت قصة قيس وليلى في تاريخ السينما المصرية سنة 1939، لكن فيلمي “كيليوباترا” سنة 1943 ومن قبله بعامين فيلم “صلاح الدين” كان مصيرهما الفشل الذريع، لضعف الإنتاج الذي لم يجعل الفيلمين بقدر الشخصيتين.

فضلاً عن علاقة الاثنين باليهود، حيث واجهها الشبهات في تناولهما للشخصيات العربية، غير أنه المحسوب للشقيقين لاما، أنهما أخرجا للفن المصري كوكبة من النجوم الكبار أمثال “فاطمة رشدي، آسيا داغر، بهيجة حافظ، وماري كويني، بديعة مصابني، رجاء عبده، أمينة رزق، فاتن حمامة، شادية، ليلى فوزي، زكي رستم، محمود المليجي، أنور وجدي”.

أفيش فيلم البدوية الحسناء
أفيش فيلم البدوية الحسناء

مأساة “الأخوين لاما” تبدأ مع قمة توهجمها سنة 1947 حيث توفي البطل الأول للأفلام بدر لاما عن عمر 40 سنة؛ إثر ذبحة صدرية ألمت به عقب انتهاء من أداء شخصية “ميهوب” في فيلم “البدوية الحسناء”، لتفقد الشركة أحد أهم أعمدتها.

إبراهيم لاما
إبراهيم لاما

يقرر إبراهيم لاما الإستعانة بنجله “سمير” ليقوم بالتمثيل بطلاً أمام فاتن حمامة سنة 1948 بفيلم الحلقة المفقودة، غير أن شبهة تقارب شركة لاما مع اليهود التي نشأت مطلع الأربعينيات وصلت إلى ذروتها سنة 1948  حيث سافر إبراهيم لاما مع سمير في ظروف غامضة.

باقتراب انتهاء حرب فلسطين عاد مع نجله وتعرضا لانتقاد شديد واجهه هو برده كما تفسر مجلة “الهلال” بأن كان الغرض الرئيسي من سفره إحضار آلات الأفلام الملونة من أوروبا، لكن لم يتمكن من إحضارها لرداءتها مقارنةً بآلات الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا لم يقنع كثيرين كون أن شراء معدات لا يستدعي الغياب لمدة عام.

خرج إبراهيم لاما من المأزق بالانشغال وعدم الرد، وذلك من خلال استكمال مشواره الفني مع فاطمة شاكر ـ شقيقة المطربة شادية ـ في فيلم “سكة السلامة” سنة 1949، ثم مع شادية في فيلم “عاصفة في الربيع” سنة 1951.

كان عام 1953 هو الحامل للستارة السوداء على تاريخ آل لاما مع المآسي ، لكن بشكل أكثر سوداوية؛ انتهت حياة إبراهيم لاما منتحراً بنفس المسدس الذي قتل به مطلقته ” إيزابيلا جورج” التي رفضت العودة له، وكان مسرح الجريمة في العقار رقم 158 بشارع الملكة نازلي ـ رمسيس حالياً.

وخلال تحقيقات النيابة في الواقعة التي أشرف عليها حسن كامل مأمور قسم الأزبكية ونوابه ونشرتها جريدة الأهرام عدد 14 مايو سنة 1953.

إقرأ أيضا
بيومي فؤاد في حبر سري

تمت الجريمة عن طريق قتل ” إيزابيلا جورج” بأكثر من طلقة أصابت بطنها وظهرها ورأسها، وبجانبها جثة طليقها إبراهيم لاما وفي رأسه طلقة بمسدس ألماني الصنع، وما هي إلا سنتان وأُغلقت الشركة نهائياً نتيجة الديون والضرائب.

سمير لاما
سمير لاما

أهون الشرور التي طالت آل لاما كانت من مصير “سمير” حيث اعتزل السينما سنة 1969 وتفرغ للعمل التجاري في أمريكا، وظل في حياته تلك على أنقاض الماضي المؤلم لأسرته حتى فارق الحياة في 2 فبراير عام 2004.

 

إقرأ أيضاً

٣ فصول تحكي قصة أمير الغناء العربي وتكشف لماذا صار مستبدا

الكاتب

  • آل لاما وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان