“آمن به العرب” رحمن اليمامة النبي المزعوم الذي كذبه النبي
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
“مسلم بن حبيب الحنفي”، وكان لقبه “رحمن اليمامة” وهو في الأصل من اليمامة، ولد ونشأ فيها، وقد لُقب أيضًا من قبل المسلمين بـ “مسيلمة الكذاب”..
وربما قد تلاعبوا بلقبه على النحو التالي: مسلم تصبح مسيلمة للتصغير ثم أضافوا تاء مربوطة للتأنيث كنوع من التحقير، وبعدها ألصقوا به صفة كذاب، ليكون اسمه “مسيلمة الكذاب”
الغريب أن القرآن نفسه قد نهي عن التنابز بالألقاب.
غير أن العرب ظلوا على عاداتهم القديمة قبل الإسلام، فقد أطلقوا على أعداءهم أسوأ الألقاب فأبي الحكم تحول إلى أبي جهل. أما المقربين فقد كانت لهم محاسن الألقاب مثل “الصديق، الفاروق، سيف الإسلام…. إلخ”
وهذا التشويه لا يتوقف عند الألقاب بل شمل الصفات أيضًا، ففي وصف مسيلمة ستجد أنه يُصف بـالقصير، شديد الصفرة، أخنس الأنف أفطس. وهو وصف يقتصر على القبيح وكأن الرجل كان مسخًا يتحرك بينهم. وقد كان أكبر سنا من نبي الإسلام بكثير، ويقال أنه عاش ما يقارب 150 عام. وقد بدأ إعلان دعوته في عام 632م حين ذهب مرتديًا صليبه مع عدد من المسلمين من بني حنيفة الذين جاءوا إلى المدينة يبايعون الرسول.
بايع المسلمين من بني حنيفة محمد، لكن مسيلمة لم يبايع معهم بل قال: “أريد أن يشركني محمد معه في النبوة كما أشرك موسى أخيه هارون”
فسمعه الرسول محمد، فأمسك عرجوناً صغيراً من الأرض وقال لمسيلمة: “والله يا مسيلمة لئن سألتني هذا العرجون ما أعطيته لك”…
فخرج مسيلمة ولم يبايع الرسول.
ولم ينشغل به نبي الإسلام، ولم يفتِ بأمره رغم أنه أدعي أن الوحي ينزل عليه، وكان يحاكي القرآن وآياته.
وكانت له معجزاته أيضًا وإن كانت هزلية، فينتف ريش الطائر ثم يرمي به لأعلي فيطير، ويدخل البيضة بالزجاجة، وكان يصنع الطائرات الورقية ويدعي أن الملائكة ترمي بها من السماء. غير أنه صدق بكونه نبيًا.
ربما لذلك ازداد عدد المؤمنين به بعد وفاة نبي الإسلام، وذلك ما أشار له ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية”
فقد جاء في الكتاب ” قد تقدم أن رسول الله لما توفي ارتدت أحياء كثيرة من الأعراب، ونجم النفاق بالمدينة وأنحاز إلى مسيلمة الكذاب بنو حنيفة وخلق كثير باليمامة، والتفت على طليحة الأسدي بنو أسد وطئ، وبشر كثير أيضا، وادعى النبوة أيضا كما أدعاها مسيلمة الكذاب، وعظم الخطب واشتدت الحال، ونفذ الصديق جيش أسامة، فقل الجند عند الصديق، فطمعت كثير من الأعراب في المدينة وراموا أن يهجموا عليها، فجعل الصديق على أنقاب المدينة حراسًا يبيتون بالجيوش حولها، فمن أمراء الحرس علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وجعلت وفود العرب تقدم المدينة”
ولك أن تتخيل أن هذا ما جري لأناس قد عاصروا محمد نفسه، وكيف انقلبوا على الفور فتحولوا إلى أشد الأعداء، حتي أن عدد المرتدين قد تجاوز العشرين ألف.
فهل كان مسيلمة من البراعة ليتبعه كل هذا العدد من المسلمين؟ وهل كان لقرآنه تأثير عليهم وهم الذين سمعوا القرآن من محمد؟
يقول أبو بكر الباقلاني في وصفه لقرآن مسيلمة: “فأما كلام مسيلمة الكذاب وما زعم أنه قرآن فهو أخس من أن ننشغل به وأسخف من أن نفكر فيه، وإنما نقلنا منه طرفًا ليتعجب القارئ وليتبصر الناظر، فإنه على سخافته قد أضل، وعلى ركاكته قد أزل، وميدان الجهل واسع”..
والباقلاني على حق، فما تبقي من آيات مسيلمة يدعو للسخرية الشديدة فعلاً، ولننظر لسورة الضفدع كمثال (يا ضفدع بنت الضفدعين نقي لكم نقين، لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين، رأسك في الماء، وذنبك في الطين)..
إذا كانت مثل تلك العبارات الساذجة قد وجدت ما يقارب من100 ألف مُصدق ومؤمن بها… أليس هذا دليلا قاطعًا على سذاجة العقول العربية في ذلك الوقت؟ كيف أصبح عدد المسلمين قلة بعد وفاة قائدهم، وكيف تحول السواد الأعظم لدين مسيلمة.
فإذا كان الرجل بهذا العته فكيف التفوا حوله وقاتلوا إلى جواره وقتلوا على دينه؟ لدرجة أن خالد بن الوليد كان يخير بعض أتباع مسيلمة بين الموت والعودة لدين محمد فكانوا يؤثرون الموت على ترك دينهم.
والسؤال هنا: ماذا لو انتصر مسيلمة في حربه؟ ماذا لو تمكن هو من تصفية جيش المسلمين بموقعة الحديقة، وأي دين كان سيسود اليوم، وهل كانت الناس ستقرأ (الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلٌ، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا الْجَلِيلِ الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ ذَنَبٌ وَبِيلٌ، وَخُرْطُومٌ طَوِيلٌ) في صلاتها؟
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد