أبو منصور الماتريدي بعيدًا عن العقيدة .. كيف ساهم في تجديد التفسير القرآني ؟
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
يتلازم اسم أبو منصور الماتريدي مع أسماء علماء الإسلام في العقيدة وحتى الآن لا زالت المدرسة السلفية والمدرسة الأزهرية يتناولون منهجه بتصنيف حول مدى نسبته لأهل السنة أم لا.
تجديد أبو المنصور الماتريدي في علم التفسير
بعيدًا عن العقيدة وعلم الكلام فإن أبو المنصور الماتريدي كان له بصمات في التفسير وكتب في هذا العلم كتاب رسالة فيما لا يجوز الوقف عليه في القرآن وكتاب تأويلات القرآن.
يلاحظ المتخصصين في التفسير أن للماتريدي منهج خاص به في التفسير ومتميز ومتطور، لأنه أرسى تفسيره على التحليل النقدي وذلك الشيء لم يكن موجودًا عند من سبقوه الذين كانوا يعتمدون على الرواية دون تدخل من المفسر أو تحليلها، وأدى هذا المنهج الماتريدي إلى فتح باب الاجتهاد التحليلي بعنصر العقل والنقل.
لون آخر التزم به الماتريدي ليجدد علم التفسير فقد اهتم بإعمال العقل مع الالتزام بالنص وكانت عملية التوازن بين النص والعقل قاصرة على العقيدة والفقه لكن الماتريدي جعلها في التفسير أيضًا بخصلة أخرى وهي ترك ذكر السند عند التفسير بالمرويات.
جوانب أخرى ذكرها الدكتور مجدي باسلوم الذي قام بتحقيق تفسير الماتريدي حول التجديد في التفسير منها مثلاً اهتمامه بمسائل الاعتقاد وفي هذا يقول “اهتم الماتريدي كثيرًا في تفسيره بالمسائل الاعتقادية، ولعله غير مسبوق في الاهتمام بالمسائل الاعتقادية في التفسير؛ حيث كانت التفاسير السابقة تقوم على بيان معنى لفظ، أو شرح آية بشروح موجزة، مع ذكر الروايات حول الآية موضع التفسير، أما الاهتمام بالمسائل الاعتقادية التي تتضمنها فلا نكاد نجدها في التفاسير السابقة على تفسير تأويلات أهل السنة، فقد توسع هذا التفسير في بيان هذه المسائل وناقشها، وذكر مذاهب العلماء فيها، بما يزيد -أحيانًا- عما تتضمنه الآيات من معان”.
الفقه كان حاضرًا في تفسير الماتريدي وهو الشيء الذي جعله من رواد التفسير الذين صبوا كل اهتمامهم على المسائل الفقهية، وقام الماتريدي بعرض المسائل الفقهية المتضمنة في بعض الآيات، وعرض الآراء حولها، وزاد عن الحد المطلوب من الآية أحيانًا، وقد ذكرنا نماذج من هذا القبيل.
ومن أبرز أشكال التجديد في تفسير تأويلات أهل السنة للماتريدي اعتماده على التحليل وذكر الآراء ومناقشتها والقول في القرآن بالرأي، وإبداء الآراء الشخصية حول الآيات، فنحن نحس بشخصية الماتريدي بارزة في تفسيره، فلم يكن مجرد ناقل أو جامع للروايات كما كان شأن أسلافه، والنماذج السابقة تكشف عن ذلك بوضوح.
هل تأثر الماتريدي بأحد ؟
يجيب الدكتور محمد أبو زهرة أن الماتريدي تأثر بمن سبقه، عامة، وتأثر بمنهج الإمام أبو حنيفة النعمان خاصة، حيث أخذ عنه الإطار العام لمذهبه في الكلام، وقد تأثر الماتريدي بالمنهج المتوازن بين العقل والنقل الذي سلكه أبو حنيفة، فقد سلك ذلك المسلك الوسط الذي لم يسلكه سوى أبي حنيفة.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال